الوقت_ الجميع كان يدرك حجم النفاق التركيّ في التعاطي مع قضيّة التطبيع وانجرار بعض الدول العربيّة نحوه، رغم كل المحاولات التركيّة لإظهار نفسها كمدافع عن الشعب الفلسطينيّ، ومؤخراً عجت وسائل التواصل الاجتماعيّ بخبر المحادثات السريّة بين جهاز المخابرات التركي ومسؤولين إسرائيليين، في إطار جهود أطلقتها أنقرة لتصحيح العلاقات، حيث عقدت عدة اجتماعات بينهما في الأسابيع الأخيرة، بحضور رئيس الاستخبارات التركيّ، هاكان فيدان، وفقاً لما ذكره موقع “المونيتور” الذي يتخذ من الولايات المتحدة موقعاً له.
مرحلة جديدة
كشفت المصادر أن الوفود والمفاوضات بين تركيا والكيان الصهيونيّ مازالت مستمرة، وربما تدخل مرحلة جديدة ومهمة بعد أن كانت العلاقات التركية - الإسرائيلية التي تأسست في وقت مبكر في عام 1949، قد سارت بشكل طبيعي، بل تطورت بشكل لافت في السنوات الأولى لوصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم في تركيا عام 2002.
وشهد عام 2005 زيارة قام بها رئيس الوزراء التركيّ حينها والرئيس الحاليّ، رجب طيب أردوغان إلى الأراضي المحتلة التقى خلالها برئيس الوزراء الصهيوني المجرم أرييل شارون، ووضع إكليل زهور على قبر الزعيم اليهودي الشهير، ثيودور هرتزل، مؤسس الصهيونية السياسية المعاصرة، والذي قابل السلطان العثمانيّ، عبد الحميد الثاني عام 1901، للعمل على تأسيس دولة لليهود.
وذكر الموقع أن رئيس الاستخبارات التركيّ كان عقد عدة اجتماعات مماثلة في أوقات سابقة، لمناقشة المخاوف الأمنيّة المشتركة في كثير من الملفات بينها سوريا وليبيا، إلا أن المعلومات أكدت أن الجولة الأخيرة كانت تهدف تحديداً إلى رفع مستوى العلاقات إلى مرحلة جديدة وإعادة السفراء، في الوقت الذي تفتح فيه تركيا النار على الدول المطبعة.
وكان الرئيس التركيّ، رجب طيب أردوغان، في الـ 14 من آب 2020، قال إن تركيا تفكر بإغلاق سفارتها في أبو ظبي وتعليق العلاقات الدبلوماسيّة مع الإمارات بسبب اتفاقها على تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيونيّ، وجاء هذا في حديث لأردوغان أمام الصحفيين في إسطنبول وذلك بعد تصريحات لوزارة الخارجية التركية قالت فيها إن التاريخ لن يغفر أبداً "السلوك المنافق" للإمارات في الموافقة على هذه الصفقة.
وتعتقد المصادر أن فيدان كان عقد عدة اجتماعات مماثلة في الماضي، لمناقشة المخاوف الأمنية المشتركة في كثير من الملفات بينها سوريا وليبيا، إلا أن المعلومات أكدت أن الجولة الأخيرة كانت تهدف تحديداً إلى رفع مستوى العلاقات إلى مرحلة جديدة وإعادة السفراء.
مركز الخلاف
طرأ تحسن واضح على العلاقات بين أنقرة وتل أبيب بعدما قررت تركيا تزويد الكيان الصهيونيّ بمعدات طبية في نيسان المنصرم، وشملت كمامات للوجه ومآزر واقية وقفازات معقمة، لمساعدة تل أبيب على مكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد.
وما ينبغي ذكره أنّ العلاقات بينهما تأزمت عندما شنّت قوات العدو حرباً على قطاع غزة عام 2008، وتبادل ساسة الطرفين التصريحات الغاضبة والحادة، وخلال منتدى دافوس في عام 2009، انسحب رئيس الوزراء التركيّ حينها والرئيس الحاليّ، رجب طيب أردوغان، إثر مشادة حادة مع الرئيس الصهيونيّ، شمعون بيريز، أكّد خلالها أردوغان أنّ الكيان يقوم بقتل الفلسطينيين، ورد بيريز بعنف مبرراً عملياته الإجراميّة في القطاع.
وقد ازدادت هذه العلاقات توتراً في أعقاب اعتراض قوات البحرية التابعة للعدو سفينة "مافي مرمرة" في مايو 2010، وقتل 10 نشطاء أتراك خلال هجوم الكوماندوز الصهيونيّ للسيطرة عليها، ومع تسريب تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن أحداث أسطول الحرية عام 2011، وصف الإنزال الصهيونيّ الذي نفذ بأنه كان مفرطا ومبالغا به، أعلنت تركيا وقتها طرد السفير الإسرائيليّ وتخفيض تمثيلها الدبلوماسيّ الى مستوى السكرتير الثاني، إضافة إلى تجميد الاتفاقيات العسكريّة.
المثير للغرابة أنّ توتر العلاقات بين الكيان وتركيا لم يؤثر في التبادل التجاريّ بينهما، ما يشكك في حقيقة "العداوة" القائمة بينهما، حيث تقول التقارير إن حجم المبادلات التجاريّة بين تركيا والكيان الصهيوني قد ارتفع إلى مرحلة غير مسبوقة ووصل مستواه إلى أكثر 6 مليارات دولار وفقا لما أوردته صحيفة "جيروزاليم بوست" العبريّة.
وكان الكيان الغاشم مصدراً للسلاح الرئيس لتركيا لفترة طويلة، علاوة على التعاون العسكريّ في مجال التدريب وتطوير الأسلحة، حيث وصل ذلك التعاون إلى ذروته منذ سيطرة القوات التركيّة على شمال قبرص عام 1974.
يشار إلى أنّ موقع “المونيتور” أشار إلى أن تركيا قلقة من تعامل الرئيس الأمريكيّ الجديد، جو بايدن، مع حكومة رجب طيب أردوغان، مقارنة مع إدارة دونالد ترامب، وخاصة فيما يتعلق بقضية فرض العقوبات، حيث أوضح مسؤول استخباراتيّ غربيّ أنّه وفقًا “للحسابات التركية فإن علاقات جيدة مع الكيان الصهيونيّ ستمنح تركيا نقاطاً لدى الإدارة الأمريكيّة الجديدة.