الوقت- بعد نشوب المعارك في محافظة قندوز بين جماعة طالبان والقوات الحكومية الافغانية والتي استطاعت طالبان خلالها فرض سيطرتها على رقعة جغرافية كبيرة لفترة زمنية ليست بقصيرة يبدو ان الاوضاع الامنية والسياسية في افغانستان متدهورة وان المؤشرات الامنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية تسير نحو الأسوأ وهذا ما يدفع المرء نحو البحث عن اسباب هذا التدهور في وقت يدعي الامريكيون بأنهم استطاعوا ارساء الأمن في افغانستان بعد سنوات من الاحتلال.
ان مسلحي طالبان كانوا في الفترة السابقة ينفذون عمليات صغيرة وتفجيرات عن بعد وكانت استراتيجيتهم هي تنفيذ عمليات الكر والفر لكنهم الان يدخلون المعارك بشكل مباشر ويحتلون مساحات كبيرة لعدة ايام ويسرقون الاموال ويتباهون بقدراتهم امام القوات الحكومية وحتى القوات الاجنبية.
ورغم وجود عوامل عدة مكنت طالبان من تنفيذ مثل هذه العمليات في قندوز كالصفقات السياسية وتواطؤ مسؤولين محليين وتغاضي القوات الامريكية وقوات حلف الناتو الطرف عن تحركات طالبان لكن طالبان مازالت تقول انها تحارب القوات الحكومية والقوات الاجنبية لتشكيل امارة طالبان الاسلامية، ان اعلان قائد شرطة قندوز بأن المسلحين العرب والشيشان والباكستانيين كانوا يقودون المعركة في قندوز ووقوع اكثر من 300 قتيل في صفوف طالبان وعناصرها الاجانب يثبت بأن الامريكيين والقوات الاجنبية قد اختاروا الصمت وعدم التحرك ازاء عمليات طالبان ولم يقدموا الدعم للقوات الحكومية الافغانية في هذه المواجهات.
ومن جهة اخرى يجب القول ايضا ان ما ساعد طالبان في عمليات مثل احتلال قندوز ليس فقط عدم جدارة وكفاءة حكومة اشرف غني بل الضوء الاخضر الذي تعطيه هذه الحكومة لعناصر طالبان الذين نجحوا في نقل المعارك من جنوب افغانستان الى شمالها خلال الأشهر الماضية، واذا كان هذا التفسير صائبا وصحيحا فيجب ان نقبل بان هناك تنسيقا بين سياسات اشرف غني والامريكيين الذين يحاولون اشعال حرب طائفية في آسيا الوسطى بواسطة الجماعات التكفيرية المتطرفة مثل داعش وغيرها، وفي هذا السياق يمكن الاشارة الى التقارير غير الرسمية التي تحدثت عن زيارة مستشار الامن القومي الافغاني حنيف اتمر الى مدينة قندوز قبل شهر من سقوطها بيد طالبان حيث امر حنيف اتمر كافة المسؤولين العسكريين في مدن جهار دره و غور تبه وانكور باغ وغيرها بعدم القيام بأية عمليات ضد طالبان ومن بعد ذلك تبين ان جهار دره قد تحولت الى مركز تجمع لطالبان وان عناصر طالبان قد اتوا من مختلف مناطق محافظة قندوز ومن بغلان وباقي المدن الافغانية ونفذوا عملية احتلال مدينة قندوز.
ويقول الخبراء انه نظرا الى اقتراب موعد انسحاب القوات الامريكية من افغانستان في عام 2016 فإن لهذا الامتداد الطالباني الاخير دلالات ومعاني كثيرة فالقوات الامريكية وقوات حلف الناتو بحاجة الى وجود طالبان لكي يضمنوا بقائهم في افغانستان ويبرروا ذلك امام الراي العام عبر القول بأنهم يتصدون للمتطرفين ومن جهة اخرى هناك ايضا حكومة اشرف غني وعبدالله عبدالله اللذين يريدان تحقيق مكاسب خاصة بهما والجميع يعلم كيف يرحب اشرف غني وعبدالله باستمرار تواجد القوات الامريكية ولذلك ليس مستبعدا بأن يكون هناك نوع من التنسيق بين هذين الرجلين وطالبان من اجل تخويف الشعب الافغاني من استمرار وجود خطر طالبان وتبرير وجود الامريكيين في افغانستان.