الوقت- بعد أن عجز الإئتلاف العربي بقيادة السعودية من دخول الأراضي الیمنية بفضل مقاومة الشعب الیمني وقواته المسلحة الباسلة، بعد مرور أكثر من ستة أشهر من بدء العدوان علی هذا البلد الإسلامي، يحاول ائتلاف السعودية ومنذ عدة أيام، السیطرة علی «باب المندب»، أو جعله منطقة غير آمنة أمام الملاحة الدولية، لإثارة المجتمع الدولي ضد الجيش الیمني وحركة أنصارالله، فهل ستفلح السعودية بهذه المهمة، أم أن بدء هزيمتها الإستراتيجية ستكون من باب المندب؟.
وفي هذه الاثناء، تقول المصادر الیمنية أن العمليات الجوية والبحرية والبرية التي نفذتها قوات التحالف السعودي خلال الايام الماضية، جائت بعد يومين فقط من تصريحات «بيني غينتز» رئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي، والتي أكد خلال تصريحات له في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنی»، أن «عینه» باتت علی باب المندب. دون شك هذه التصريحات تؤكد مشاركة الكيان الإسرائيلي وقبله القوات الأمريكية في الحرب علی الیمن، بعد أن أثبت العجز السعودي في كسب هذه المعركة.
وفي هذه الاثناء حذرت حركة أنصارالله الیمنية المجتمع الدولي من مساعي السعودية للإخلال بأمن الحركة الملاحية في باب المندب، وجاء هذا التحذير خلال رسالة بعثها رئيس اللجنة الثورية العلیا «محمد علی الحوثي»، الی الامين العام للإمم المتحدة «بان كي مون». حيث جاء في جانب من هذه الرسالة: « لقد كنا ومنذ بداية العدوان الغاشم على بلادنا من قبل زمرة ما يسمى بدول التحالف العربي نهاية شهر مارس من العام الجاري حريصين وإلى ابعد الحدود على إبقاء مضيق باب المندب بعيداً عن كل أشكال الصراع والعنف وتجنيبه ويلات الحرب والاقتتال انطلاقاً من إدراكنا وحرصنا على تأمين وحماية حركة الملاحة الدولية في هذا المضيق باعتباره منطقة مصالح حيوية مشتركة لسائر دول وبلدان العالم».
ومن الواضح جدا أن الجيش الیمني واللجان الثورية العلیا، حافظا طيلة الشهور الماضية علی الأمن في باب المندب وجنوب البحر الاحمر لإبعاد الملاحة البحرية من مخاطر العدوان السعودي علی الیمن، لكن بعد فجر يوم الخميس (الاول من اكتوبر)، وبعد أن شنت قوات الائتلاف السعودي هجوما واسعا علی جزيرة «ميون» والنقاط المطلة علی مضيق باب المندب، فقد باتت الأوضاع تنذر باشتعال هذا المضيق، مما سيؤدي ذلك الی ايقاف حركة الملاحة الدولية في المنطقة وتدهور الإقتصاد العالمي بسبب وقف إمدادات النفط التي تصل الی الاسواق الدولية عبر باب المندب وقناة السوئيس.
وتهدف السعودية من خلال جر الحرب الی باب المندب، الی إثارة المجتمع الدولي ضد حركة أنصارالله، وذلك عبر التضليل الإعلامي الذي تعمل علیه السعودية، بان الحركة الملاحية باتت تتعرض الی مخاطر من قبل اللجان الثورية، في حين أن الواقع يشير الی عكس ذلك. حيث قال الناطق الرسمي باسم أنصارالله، «محمد عبدالسلام»، بان الزج بـ «باب المندب» في معارك العدوان، ياتي لإثارة المجتمع الدولي. وبالاضافة الی ذلك، ان إستمرت العمليات السعودية في المناطق المطلة علی باب المندب ضد الجيش الیمني واللجان الثورية، فذلك سيفتح الباب علی مصراعية أمام عناصر القاعدة وتنظيم داعش الإرهابي، للتغلغل في هذه المناطق، مما سيؤدي ذلك الی عدم إمكانية السيطرة علی عملية الأمن في باب المندب الی أبعد الحدود.
لا شك أن خسائر العالم ستكون فادحة في حال استمر بصمته إزاء ما تقوم به قوات الائتلاف السعودي في مضيق باب المندب، وذلك بسبب أن 80% من منتجات نفط الدول العربية وكذلك إيران، تمر عبر هذا المضيق، فضلا عن أنه يعتبر همزة الوصل بين البحر الأحمر وقناة السوئيس حیث تمر سنویا أكثر من 21 ألف سفینة من هذا المضيق. ولهذا فان صمت العالم تجاه مجازر القتل وسفك الدماء التي جرت علی يد القوات السعودية في سائر مناطق اليمن، من غير المحتمل أن يستمر تجاه باب المندب.
علی الجميع أن يعلم أنه حتی في حال تقدمت قوات الائتلاف السعودي في باب المندب والمناطق المطلة علیه، أو حتی في حال تمت السيطرة علیه كليا، فان ذلك لا يعتبر إنجازا عسكريا بما تحمله الكلمة من معنی، بالنسبة الی الائتلاف السعودي، لأن هذا الإنجاز لم يأتي عبر معارك تجري علی الأرض، انما هو يحصل من خلال التفوق الجوي الذي يتمتع به الائتلاف السعودي، ومن خلال إمتلاكه للطائرات و البوارج الحربية والتي لا يمتلك الجيش الیمني واللجان الثورية شيئا منها.
بالاضافة الی ذلك فان توجّه السعودية نحو باب المندب وإبتعادها عن المعركة المفصلية التي كانت تطلق علیها مسمی «تحرير العاصمة»، يدل بوضوح أن الائتلاف السعودي لا يجد في نفسه القوة الكافية لمواجهة الجيش الیمني وحركة أنصارالله علی الأرض، وأن السعودية ستكون قد قادت جيشها نحو الإنتحار في حال دخلت حربا برية في الیمن. صحيح أنه في حال استطاعة السعودية أن تسيطر علی باب المندب، فانها ستزيد من الحصار المفروض علی الشعب الیمني، لكن هذا التصرف غير الإنساني، ليس بوسعه أن ينهي المعركة العسكرية لصالح الرياض، بل علی العكس من ذلك، ستكون السعودية مسؤولة عن أي اختراق أمني يواجه باب المندب، من الممكن أن يصدر من قبل تنظيم داعش او القاعدة.
وفي الختام لابد من القول أن الأخطار الأمنية الناجمة عن العدوان السعودي ضد الیمن، باتت تتخذ طابعا دوليا، بعد الهجوم الذي نفذته الرياض ضد قوات الجيش الیمني المرابطة في المناطق المتاخمة لمضيق باب المندب، فضلا عن أن سيطرة قوات الائتلاف السعودي من الممكن أن يتسبب في كوارث لا يمكن إحصاء خسائرها بالنسبة للشعب الیمني، بسبب فرض المزيد من الحصار علیه، ظنا من السعودية بان ذلك سيؤدي الی تراجع الشعب الیمني في القتال ضد القوات الغازية!. لكن بمعزل عن جميع هذه التداعيات المحتملة، علینا أن لا ننسی أن بدء الخيارات الإستراتيجية من قبل أنصارالله ضد السعودية، من الممكن أن تكون بدء من باب المندب، وذلك من خلال إغراق بوارجها وقواتها المتواجدة علی متنها، في مضيق باب المندب، ومن المؤكد أن حركة أنصارالله إن قررت ذلك، فانها تمتلك ما تحتاج من سلاح، للقيام بهذه العملية البحرية و بهذا السعودیة ستکون القاصر الاول و الأخیر في عرقلة الملاحة الدولية في باب المندب.