الوقت- بسبب الأثر السلبيّ لما تُسمى "جامعة الدول العربيّة" في مسألة تصفيّة القضيّة الفلسطينيّة، وتحولها إلى عراب للتطبيع مع العدو الصهيونيّ لتمرير "صفقة القرن" التي تهدف إلى محو القضيّة المركزيّة للعرب والمسلمين والأحرار في العالم، تخلت فلسطين عن رئاسة الدورة العادية لمجلس الجامعة على المستوى الوزاريّ، وفي خطوة مفاجئة اعتذرت قطر أيضاً عن تسلم رئاسة الدورة الحالية لجامعة الدول العربية، عوضاً عن فلسطين.
أسباب الرفض القطريّ
تدعي الدوحة عبر محلليها على وسائل الإعلام، أنّ تخليها عن رئاسة الدورة الحالية للجامعة العربيّة، في هذه الفترة بالتحديد، يعود إلى فشل الجامعة المشلولة في إيجاد أصغر الحلول لمآسي العرب وويلاتهم، وغياب أيّ دور إيجابيّ لها على الساحة العربيّة، واكتفائها بالتنديد والاستنكار والشجب.
وفي الوقت الذي اعتاد فيه الشارع العربيّ على جعجعة "جامعة الدول العربيّة"، بعد استيقاظها من سباتها المعهود كل فترة، دون أيّ نتائج تذكر على الأرض العربيّة التي أصبحت مرتعاً للمؤامرات والتقسيمات والأطماع والحروب، تستند قطر في تخليها عن رئاسة الدورة الحاليّة، إلى استمرار مواقف الجامعة بالتراجعٌ تجاه القضيّة الفلسطينيّة حتى أصبحت مخجلة للغاية، ولا يخفى على أحد أنّ الجامعة العربيّة أعطت بموقفها الرخيص والمُذل، ضوءاً أخضر للإدارة الأمريكيّة وغيرها، لتمزيق أراضي الدول العربيّة، من خلال اتفاقات مفضوحة تحت عنوان "السلام"، رغم إدراكهم الكامل أنّ السلام لن يحل في المنطقة مع وجود العدو الصهيونيّ الذي لا يكف عن عبثه وتماديه وإجرامه.
إضافة إلى ذلك، لم تكن قطر راضية عن رفض الجامعة العربيّة لقرار إدانة التطبيع مع العدو الذي اعتُبر خيانة بكل المقاييس الأخلاقيّة والإنسانيّة، وتأييداً علنيّاً لكل عمليات التوغل الاستيطانيّ الصهيونيّ في أراضي الفلسطينيين، فيما اتُهمت الجامعة العربيّة بأنّها فتحت باب الخيانة على مصراعيه في العالم العربيّ لمن يود أن يتنازل عن قيمه وقضاياه العادلة.
من ناحية أخرى، باتت الجامعة العربيّة أداة طيعة في يد بعض الحكومات التي فرضت حصاراً على قطر نتيجة أسباب تعتبرها الدوحة مزيفة، ناهيك عما يجري من أحداث خطيرة وصراعات كبيرة على التراب الليبيّ والخلافات داخل الوطن العربيّ، ولهذا تجد دويلة قطر أنّ ليس لديها القدرة على تقديم أيّ شيء على الساحة العربيّة في الوقت الراهن.
هل أصبحت الجامعة العربيّة عبئاً؟
لا شك أنّ جامعة الدول العربيّة أصبحت عبئاً على العرب ومسؤوليهم في آن واحد، فالجامعة الحاضرة على الشاشات الإخباريّة، والغائبة على الساحة العربيّة، تحولت إلى وزر كبير على من يرأسها، في ظل الخلافات والأزمات الكثيرة التي يعاني منها الوطن العربيّ في مختلف اتجاهاته.
ومع تهرب الدول العربيّة من ترأس دورات الجامعة التي أصبحت توصف بالـ "جُثة"، يستمر العدوان السعوديّ على اليمن، وتمارس الرياض وأدواتها أبشع الجرائم بحق اليمنيّين، كما تمنع وصول السفن المحمّلة بالمواد الغذائيّة والنفطيّة، رغم حصولها على تراخيص من قبل منظمة الأمم المتحدة، لخنق الشعب اليمني والتضييق عليه، ضمن سياسة التجويع والإفقار التي ينتهجها التحالف رغم انتشار وباء كورونا، دون أيّ صوت مُندد أو مساند من جامعة الدول العربيّة.
كذلك، تعيش ليبيا أسوأ أيامها، مع ازدياد اللاعبين الدوليين بأرواح أبناء هذا البلد، لفرض شروطهم وتحقيق أطماعهم وأحلاهم هناك، فيما تغيب جهود الجامعة العربيّ في منع الطامعين بالنفوذ والثروات من تمزيق أحلام الليبيين في مستقبل أفضل.
علاوة على ذلك، لم تستطع "مُفرقة العرب" أن تُبرر غياب سوريا "قلب العروبة النابض" عن اجتماعاتها، بالتزامن مع غياب أيّ دور عربيّ لإنقاذها من محاولات التقسيم والاحتلال و العقوبات الأمريكيّة التي طالت لقمة المواطن هناك، بعد كل ما فعلته 9 سنوات من الحرب بتآمر عربيّ، بالرغم من أنّها إحدى المؤسسين للجامعة التي توصف بالعربيّة.
ومن الجدير بالذكر، أنّ مقر جامعة الدول العربيّة قد نُقل من القاهرة إلى تونس عام 1979، وجُمّدت عضوية مصر، ردّاً على توقيعها معاهدة "كامب ديفيد" للسلام مع "العدو الغاصب"، في حين أَعدمت "جامعة المال الخليجيّ" نفسها، قبل مدة، عندما أفشلت القرار الفلسطينيّ الذي طالب بإدانة جريمة تطبيع العلاقات مع العدو الصهيونيّ.