الوقت-قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها إن منصات التواصل الاجتماعي تزيل من الإنترنت المحتوى الذي تعتبره "إرهابياً، أو متطرفاً بشكل عنيف، أو يحض على الكراهية"، بما يمنع استخدامه المحتمل للتحقيق في الجرائم الخطيرة، بما فيها جرائم الحرب.
رغم أنه من المفهوم أن تزيل هذه المنصات المحتوى الذي يُحرّض على العنف أو يُروّج له، إلا أنه ينبغي لها ضمان أرشفة هذه المواد بحيث يمكن استخدامها المحتمل لمحاسبة المسؤولين.
التقرير الصادر في 42 صفحة، يحث جميع المعنيين، بمن فيهم منصات التواصل الاجتماعي، على العمل معاً لتطوير آلية مستقلة للحفاظ على الأدلة المحتملة للجرائم الخطيرة.
وقالت بلقيس والي، وهي باحثة أولى في قسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش، إن بعض المحتوى الذي يُزيله "فيسبوك"، و"يوتيوب" وغيرهما له قيمة جوهرية ولا يمكن تعويضه كدليل على فظائع حقوق الإنسان، مضيفة أنه "مع ازدياد اعتماد المدعين العامين، والباحثين، والصحفيين على الصور ومقاطع الفيديو المنشورة علنا على مواقع التواصل الاجتماعي، ينبغي لهذه المنصات العمل أكثر لضمان إمكانية الوصول إلى الأدلة المحتملة على الجرائم الخطيرة".
وأشارت إلى أننا "نُقدّر أن مهمة شركات مواقع التواصل الاجتماعي ليست سهلة، بما فيها تحقيق التوازن بين حماية حرية التعبير والخصوصية، وإزالة المحتوى الذي قد يُسبب ضرراً جسيماً"، لافتة إلى أنه "قد تؤدي المشاورات التي تعتمد على تجارب الأرشيفات التاريخية الأخرى إلى نتيجة حقيقية وتساعد المنصات على حماية حرية التعبير والسلامة العامة، مع ضمان عدم إعاقة جهود المساءلة".
وقابلت "هيومن رايتس ووتش" لهذا التقرير 7 أشخاص يعملون في منظمات المجتمع المدني، و3 محامين، وعاملَي أرشفة، وخبيراً إحصائياً، وصحفيَّيْن، ومدعياً عاماً سابقاً خبيراً في المحاكم الدولية، و5 أفراد ضمن تحقيقات مفوضة دولياً، و3 عناصر إنفاذ قانون وطنيين، ومسؤولاً في "الاتحاد الأوروبي"، وعضواً في "البرلمان الأوروبي".
كما راجعت "هيومن رايتس ووتش" محتوى على "فيسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب" أوردته في تقاريرها لدعم مزاعم الانتهاكات منذ 2007. من إجمالي 5,396 قطعة محتوى استُخدمت كمصادر في 4,739 تقريراً، نُشر أغلبها في السنوات الـ5 الماضية، وجدت أن 11% قد حُذفت.
وقال عنصر إنفاذ قانون أوروبي يحقق في جرائم حرب لـ هيومن رايتس ووتش، إنه "أصبحت إزالة المحتوى جزءاً يومياً من عملي. أواجه باستمرار حالات لأدلة حاسمة محتملة لم تعد متاحة لي".
وقالت "هيومن رايتس ووتش"، إن "محاسبة الأفراد على الجرائم الفظيعة قد تساعد على ردع الانتهاكات المستقبلية وتعزيز احترام سيادة القانون"، مشيرة إلى أنها "قد تساعد جهود العدالة الجنائية على استعادة الكرامة للضحايا من خلال الاعتراف بمعاناتهم والمساعدة على إنشاء سجل تاريخي يحمي من التحريف على يد من ينكرون وقوع الفظائع".
وأضافت أن "القانون الدولي يلزم الدول بمقاضاة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب"، مشددة على أنه "يجب أن تكون منصات التواصل الاجتماعي أكثر شفافية بشأن إجراءات الإزالة الحالية، بما فيها من خلال الاستخدام المتزايد للخوارزميات. يجب أن تضمن ألا تكون أنظمتها الخاصة فضفاضة أو متحيزة، وأن توفر فرصا جيدة للطعن في إزالة المحتوى".
وفي رسائل وجهتها إلى "فيسبوك"، و"تويتر"، و"غوغل" في أيار/ مايو 2020، شاركت "هيومن رايتس ووتش" روابط هذا المحتوى الذي حُذف، وسألت الشركات عما إذا كان بإمكان "هيومن رايتس ووتش" استعادة الوصول إليها لأغراض الأرشفة، ورُفض الطلب.
ويكتسب محتوى مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة الصور والفيديوهات، التي ينشرها الجناة، والضحايا، والشهود على الانتهاكات، أهمية متزايدة في بعض الملاحقات القضائية لجرائم الحرب وغيرها من الجرائم الخطيرة، بما فيها في "المحكمة الجنائية الدولية" والإجراءات الوطنية في أوروبا. كما يساعد هذا المحتوى وسائل الإعلام والمجتمع المدني على توثيق الفظائع والانتهاكات الأخرى، مثل حملة قمع من قبل قوات الأمن في السودان، وانتهاكات الشرطة في الولايات المتحدة.
وفي السنوات الأخيرة، كثّفت شركات مواقع التواصل الاجتماعي، جهودها لتزيل من منصاتها منشورات تعتبرها تنتهك قواعدها، أو إرشادات أو معايير مجتمعها وفقاً لشروط الخدمة الخاصة بها.
وتُزيل الشركات المنشورات التي يُبلغ عنها المستخدمون ويراجعها مشرفو المحتوى. لكن يزداد استخدامهم أيضاً للخوارزميات لتحديد وإزالة المنشورات المسيئة، وفي بعض الحالات بسرعة كبيرة بحيث لا يرى أي مستخدم المحتوى قبل إزالته.
ولا توجد آلية حتى الآن لحفظ وأرشفة عمليات الإزالة التي تقوم بها مواقع التواصل الاجتماعي والتي قد توفر أدلة مهمة على الانتهاكات، ناهيك عن ضمان وصول الذين يُحققون في الجرائم الدولية.