الوقت- في الآونة الأخيرة ، نشر عدد من المستخدمين الناشطين في سياق تطورات الحرب السورية خارطة للوضع على الأرض معلنين انه لأول مرة ومنذ بداية الاضطرابات في البلاد عام 2011 فلم يطرأ أي تغيير على الوضع الميداني وعلى المناطق تحت سيطرة المجموعات المتنازعة لمدة 6 أشهر (منذ نهاية معركة ادلب شتاء العام المنصرم).
تعددت العوامل التي ساهمت في هدوء الجبهات وعدم حدوث تغيير في خطوط مناطق السيطرة في سوريا، ومنها ما يلي:
-حاجة الجيش السوري إلى إعادة بناء قواته وإراحتها بعد معركة عنيفة استمرت ثلاثة أشهر مع الإرهابيين على جانب الطريق الدولي السريع M5
-دخول مباشر للجيش التركي بأعداد كبيرة وعتاد عسكري ثقيل إلى أعماق محافظة إدلب ودعم غير مسبوق للجماعات الإرهابية
-أزمة فيروس كورونا والوضع الاقتصادي المزري للحكومة السورية بعد فرض العقوبات المعروفة بقانون سيزار (قيصر).
لكن أحد العوامل الرئيسة التي تمنع الجيش السوري من شن عملية جديدة في محافظة إدلب كانت خطة تركيا لإزالة بعض الجماعات الإرهابية من القائمة السوداء وإضفاء الطابع الرسمي على أنشطتها في المنطقة مع الضوء الأخضر الأمريكي، وعلى الرغم من وجود عشرات الجماعات الإرهابية من جنسيات مختلفة في محافظة إدلب، إلا أن التنظيم الرئيس والأقوى في المنطقة هو هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني.
الجولاني ، الذي كان في البداية عضوًا في القاعدة في العراق وأمضى عدة سنوات في سجن بوكا سيئ السمعة في جنوب العراق مع جميع القادة المستقبليين لتنظيم داعش الإرهابي ، دخل سوريا في عام 2013 كممثل رسمي لأبو بكر البغدادي وداعش ، لكن فيما بعد ، وبتنسيق من دول مثل قطر وتركيا ، انفصل عن داعش وانضم إلى المعارضة السورية ، حتى أن الجولاني قبل عرض تركيا بتبرئه من القاعدة وتغيير اسم الجماعة من جبهة النصرة إلى جبهة فتح الشام ثم هيئة تحرير الشام لحمايتها من الضربات الجوية الأمريكية.
ولكن نظرًا لأنه لا يزال هناك أشخاص يتمتعون بالتفكير الجاد للغاية وغير مرنين في جسد هذه المجموعة للتعاون الكامل مع تركيا والولايات المتحدة الامريكية ، فقد مرحلة جديدة من هذا المشروع ، أولاً ، فصل الجولاني جميع القوات الموالية له من مجموعات مختلفة موالية وجمعها تحت راية هيئة تحرير الشام ، وتم عزل مجموعات اخرى مثل حراس الدين وأنصار الدين وفاثبتوا، والتي هي غالبًا ما تتكون من إرهابيين أجانب والممثلة الرسمية للقاعدة في سوريا.
والان قد حان الوقت لإبعاد أو اعتقال القادة الرئيسيين لهذه الجماعات دون تدخل مباشر من هيئة تحرير الشام ، لأنه على الرغم من أن أبو محمد الجولاني يعتبر وجود هؤلاء الأشخاص تهديدًا لهيمنته الكاملة على المنطقة ، ولكن بسبب التبعات الاجتماعية والدينية لقتل حلفائه السلفيين السابقين وإخوانه ، فلم يقم بأي عمل عسكري مباشر ضد هذه الجماعات ، وشنت الطائرات بدون طيار الحربية الأمريكية والتركية ، خلال الأشهر الستة الماضية ، عدة غارات جوية ضد قيادات وقادة ميدانيين من جماعة حراس الدين في مناطق متفرقة من إدلب ، باستخدام تقارير استخبارية ومتسللين من هيئة تحرير الشام.
وفي حزيران / يونيو من العام الجاري ، اعتقلت القوات الأمنية التابعة لهيئة تحرير الشام قائدين تكفيريين بارزين وعضوين في تنظيم حراس الدين ، هما أبو مالك التلي وسراج الدين مختاروف ، ومنذ وقت ليس ببعيد في عام 2013 ، لعب أبو مالك التلي دورًا رئيسيًا في تشكيل تنظيم جبهة النصرة في منطقة القلمون الغربي ، بقيادة عدوه الحالي أبو محمد الجولاني.
لكن اعتقال واغتيال أعضاء هذه الجماعات لم يقتصر على القادة العسكريين فقط ، ففي الخطوة التالية ، بدأت هيئة تحرير الشام باعتقال الناشطين الإعلاميين الموالين للقاعدة أو الأفراد الذين رفضوا الانصياع لهم ، حيث ان أشهر هؤلاء الأشخاص الذين اعتقلوا وسجنوا خلال هذه الفترة ، الصحفي البريطاني أبو حسام البريطاني ، وبلال عبد الكريم ، الصحفي الأمريكي المعروف الذي يروج لأنشطة الجماعات التكفيرية في سوريا منذ 2013.
كما تم اعتقال أبو محمد العاصم مفتي جماعة أنصار الدين للمرة الثانية من قبل أعضاء هيئة تحرير الشام واقتيد إلى مكان مجهول.
وفي أحدث حالة لموجة الاعتقالات هذه ، اعتقل أحد أبرز عناصر الإعلام الإرهابي خلال سنوات الحرب ، عمر ديابي ، الأسبوع الماضي في محافظة إدلب ، كان عمر ديابي ، الملقب بـ "أومسين" ، واعظًا دينيًا فرنسيًا ، وكان مسؤولاً ، وفقًا لمسؤولين أمنيين فرنسيين ، عن تجنيد 80٪ من الإرهابيين التكفيريين من فرنسا إلى سوريا.
يبدو ان المشروع الحالي لاعتقال أو اغتيال قادة أجانب لجماعات إرهابية يُعتقد أنها غير آمنة وتقوض مصالح القوى الغربية ، يتم تنفيذه تحت رعاية تركيا وبالتعاون الكامل مع جماعة هيئة تحرير الشام الإرهابية.
كما تمنح الخطة عشرات الآلاف من الإرهابيين المتمركزين في إدلب فرصة فريدة لإعادة بناء القوات واستقرار وجودهم في المنطقة ، حيث تدعي تركيا أنها تسيطر سيطرة كاملة على الجماعات المسلحة في المنطقة وتزيل العناصر المدمرة والحواجز التي تقف عائقاً أمام اجراء وقف إطلاق نار دائم في شمال سوريا.
وعلى أي حال ، يجب على الجيش السوري وحكومته وأنصار الشعب السوري ، مثل محور المقاومة والجيش الروسي ، توخي الحذر الشديد وعدم الانغماس والوقوع في فخ الخطة الأمنية والتحالفات السياسية مع أنصار الإرهابيين ، وذلك بسبب السنوات من الخبرة في محاربة الجماعات التكفيرية بما في ذلك هيئة تحرير الشام والتي تثبت ان الهدوء الحالي للإرهابيين في آخر معاقلهم المتبقية في محافظة إدلب لم يكن دائمًا ولا ثابتاً، وبمجرد أن يروا الظروف المناسبة ، سيشنون عمليات ويهاجمون مناطق يسيطر عليها الجيش السوري في شمال البلاد.