الوقت- خلال سنوات الأزمة السورية جرى الحديث كثيراً حول امكانية الحوار بين سوريا والولايات المتحدة الأمريكية، ورغم كل الدمار الذي ألحقته واشنطن بسوريا وشعبها لم تغلق السلطات السورية باب الحوار مع الولايات المتحدة ولكنها كانت تطلب شروطاً لبدء هذا الحوار بما يتوافق مع السيادة السورية وتطلعات الحكومة السورية لمستقبل البلاد بما لا يتعارض مع خط سوريا ونهجها السياسي الذي يحمي البلاد من أطماع بعض الدول التي تعمل على تقسيم سوريا وإضعافها ليسهل السيطرة عليها، وهذا ما تعمل عليه واشنطن منذ دخولها الأراضي السورية دون اذنٍ من دمشق، الأمر الذي يعد اختراقاً للسيادة وتحدث المسؤولون السوريون مراراً وتكراراً عن أن وجود القوات الأمريكية في سوريا هو أمر غير قانوني ويعتبر "احتلال" ويجب على هذه القوات المغادرة فوراً لأن ما تقوم به واشنطن يعد انتهاكاً للسيادة وفقاً لجميع القوانين الدولية، وهذا هو الشرط الذي حددته سوريا مجددا على لسان المستشارة السياسية والإعلامية بثينة شعبان لبدء الحوار مع واشنطن.
في مقابلة لها على قناة "الميادين" الفضائية حددت شعبان شروط دمشق للتحدث مع الامريكيين، وقالت أنه لا يمكن "التفريط بأرضنا وبلدنا ولا يمكن التحدث مع المحتل إلا بعد خروجه من سوريا". وتابعت: "جوابنا على كل الرسائل الأمريكية أننا لا نستطيع أن نتحدث إلا بعد الانسحاب من أرضنا".
الولايات المتحدة دخلت سوريا دون التنسيق مع أحد وتمركزت في شمال شرقها وسيطرت على حقول النفط هناك ووضعت مرتزقتها لحمايتها وسرقة اموال الشعب السوري جهارا نهارا، وبكل وقاحة تقول انها باقية هناك للحصول على النفط وبيعه وبالتالي من الطبيعي جداً أن تتعاطى سوريا معها على انها قوات محتلة يجب محاربتها واخراجها بالقوة لطالما انها مصرة على البقاء، ولم تتوقف واشنطن عند هذا الحد بل أقدمت وبأمر من رئيسها دونالد ترامب على حرق المحاصيل الزراعية للسوريين في فعل أقل ما يقال عنه أنه دنيء وفوق كل هذا تأتي الادارة الأمريكية وتطالب سوريا بالافراج عن أحد مرتزقتها بالرغم من أن سوريا نفت معرفتها بمكانه، عن "اوستن تايس" نتحدث وهو صحفي أمريكي دخل سوريا بطريقة غير شرعية وكان يتجول بين المسلحين ويرسل تقارير لعدة فضائيات أجنبية وصحف مختلفة دون اذن من الدولة السورية، وتمت مشاهدته في العام 2012 مع مجموعة مسلحة مجهولة الهوية قيل انها اختطفته، ومع ذلك تحمل واشنطن المسؤولية للحكومة السورية بالعثور عليه واعادته.
عندما يتكلم ترامب عن "تايس" يشعرنا بأنه قمة الانسانية ويتحدث ويطلب مساعدة سوريا لاعادته، بالوقت الذي تقوم به واشنطن وطائراتها ومدافعها وصواريخها بحصد أرواح آلاف السوريين ومحاصرتهم وتجويعهم، ومنع اي دولة للتعامل معهم ومعاقبة كل من يتعاون معهم تجاريا واقتصاديا عبر قانون "قيصر" الذي كان له يد في انهاك الاقتصاد السوري، ومن ثم تتم مطالبة دمشق بالحوار، عن اي حوار تتحدث واشنطن ومن هي الدولة التي ستقبل ان تدوس على كرامتها لتحاور دولة مجرمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية.
وبالعودة إلى ما قالته شعبان فهي شددت على أن "خضوعنا لقانون قيصر يعني سلب سوريا قرارها الوطني والسيادي"، مشيرة إلى أن "مستقبل الشعب العربي والدول العربية يكون بامتلاك عناصر القوة والصمود"، معتبرة أن "الاستسلام لاسرائيل لن يجعل أي بلد عربي أفضل مما هو عليه بل على العكس".
وأكدت شعبان أننا "ملتزمون بتحرير الاراضي الفلسطينية من احتلال الكيان الصهيوني"، لافتة إلى أنه "لا أعلم ما المصلحة لأبو ظبي من الاتفاق بين الامارات والكيان الصهيوني".
وأوضحت في تصريح لقناة "الميادين" أن استهداف سوريا سببه مركزية دور دمشق في المنطقة ومحور المقاومة، وأن ربط الرئيس الأسد بين الإرهاب و"قانون قيصر" والولايات المتحدة وإسرائيل، مهم لأنها كلها أجزاء من سيناريو واحد، والمطالب التي وضعوها في "قانون قيصر" تعني أن نسلمهم ما يريدون، وبالتالي سلب القرار السوري المستقل.
وأشارت إلى أن العرب فقط يخافون من الإدارة الأمريكية بالرغم من انتفاء الأحادية القطبية. وأضافت أن خطاب الرئيس السوري بشار الأسد أمام مجلس الشعب كان مفصليا حيث أكد أن الرؤية الاستراتيجية يجب أن تنتج خططا قابلة للتنفيذ. وصرحت بأن الرئيس السوري قدم رؤية واضحة للمسؤول والمواطن للمرحلة المقبلة.
في الحقيقة ان غاية الادارة الأمريكية الأساسية من كل هذا الضغط الذي تمارسه على دمشق هو اخضاعها لشروط واشنطن واجبارها على فك ارتباطها بمحور المقاومة، وتقديم اغراءات للرئيس بشار الاسد على المستوى الشخصي ولمستقبل البلاد، ولكن من يثق بواشنطن بعد كل الاجرام الذي اقدمت عليه في الشرق الاوسط، وما على الناس الا ان تشاهد تجربة العراق وافغانستان لتعلم من هي الولايات المتحدة التي أغرقت المنطقة بالفوضى بحجة انها جاءت لتنشر الديمقراطية ولكنها لم تنشر سوى الدمار والخراب، وهي مستمرة في هذا النهج، وحتى لو حاورتها دمشق وقبلت بشروطها فلن تحصل سوى على الخراب وسلب السيادة وهذا ما تعيه دمشق منذ البداية، لذلك رفضت جميع الاغراءات التي قدمت لها ان كان من واشنطن او الدول الخليجية لفك ارتباطها بالمقاومة، لأنها تعلم أن الانتماء للمقاومة ومقاومة أطماع واشنطن هو افضل من الاستسلام والخنوع المشروط، الذي لن يقدم اي شيء لسوريا حتى لو بدى في البداية براقا وجميلا، ولكن قبح واشنطن لا يوجد من يجمله بعد كل ما فعلته في المنطقة والعالم، لذلك نختصر القول بأن دمشق محقة بشروطها وهي تعلم ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية وستقاومها حتى النهاية لضمان مستقبل أبناء هذا الشعب الذي قدم التضحيات للحفاظ على سيادة بلاده.