الوقت - وفقًا لتقرير موقع (app.com)، وعد دونالد ترامب أنصاره ومؤيديه في 9 أغسطس 2020، بإبرام اتفاق مع إيران خلال أربعة أسابيع.
ترامب الذي کان يتحدث في اجتماع خاص في "لونغ برانش" بولاية نيو جيرسي، وعد مؤيديه أنه سيتوصل إلى اتفاق مع إيران في غضون أربعة أسابيع، وذلك إذا فاز في انتخابات 3 نوفمبر 2020.
اللافت في الأمر أن ترامب أطلق هذه المزاعم قبل ثلاثة أشهر فقط من الانتخابات الرئاسية، وحتى الآن لا يوجد دليل على أنه اتخذ مثل هذه الخطوة. وبالتالي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، لماذا يثير ترامب الاتفاق مع إيران في غضون أربعة أسابيع حالياً؟ وإلى أي مدى يمكن تقييم أقواله بشكل واقعي؟
وهم أربعة أسابيع بعد أربع سنوات من الحلم
خطة الأسابيع الأربعة لجلب إيران إلى طاولة المفاوضات، تأتي في وقت لم يتم فيه إجراء أي محادثات مع إيران خلال السنوات الأربع التي قضاها ترامب في منصبه.
خلال هذه السنوات الأربع، بالطبع تحدث ترامب مرارًا وتكرارًا عن رغبته في التفاوض والتوصل إلى اتفاق مع إيران، لكن ما شوهد عملياً كان بعيدًا عن محاولات التهدئة الحقيقية.
في غضون ذلك، فإن النقطة اللافتة بشأن تصريحات ترامب، هي أنه حتى قبل شهرين هدد طهران بدفع ثمن أعلى للمفاوضات بعد فوزه في انتخابات نوفمبر. وقال لمؤيديه في "أوكلاهوما" إنه سيفوز في الانتخابات، وإن تكلفة الاتفاق ستكون أعلى بكثير بالنسبة لطهران.
بالإضافة إلى هذا التناقض، فإن ما يطرح الآن هو أن ترامب الذي فشل في توقيع أي اتفاق مع طهران خلال السنوات الأربع التي قضاها في منصبه، فکيف يريد تحقيق ذلك في غضون شهر بعد الانتخابات؟
حقيقة الأمر هي أنه بعد وصوله إلى السلطة، انسحب ترامب من الاتفاق النووي في 8 مايو 2018، وأعلن عودة جميع العقوبات المفروضة على إيران. كما أعلنت کل من وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الخزانة الأمريكية عن "سياسة الضغط الأقصى"، وفرضتا مجموعةً متنوعةً من العقوبات على إيران، بعضها كان غير مسبوق وغير عادي، مثل فرض عقوبات على وزير خارجية إيران وکذلك على الحرس الثوري الإسلامي الذي هو جزء من القوات المسلحة لدولة مستقلة.
وفي الأشهر الأخيرة أيضاً، تحاول أمريكا تمديد عقوبات مجلس الأمن بشأن الأسلحة ضد إيران، وفي هذه الأيام كان هناك جدل حاد حول إقناع أعضاء مجلس الأمن الدولي بالتصويت على مشروع قرار لتمديد حظر الأسلحة علی إيران.
ومع كل هذه الإجراءات كأجزاء مختلفة من حملة الضغط الأقصى على إيران، فمن ناحية لم ترفض طهران قبول المفاوضات مع واشنطن فحسب، بل اتخذت أيضًا خطوات متبادلة لتقليص التزاماتها النووية.
ومن ناحية أخرى، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في الأسبوع الماضي استقالة "برايان هوك" المسؤول عن ملف إيران في وزارة الخارجية والعقل المدبر لهذه الحملة. وهذا يشير إلى فشل سياسة الضغط على طهران لإجبارها علی الجلوس على طاولة المفاوضات.
وفي ظل هذه الظروف، فإن كيفية استعداد طهران للخضوع للمطالب غير المشروعة للبيت الأبيض بعد تجاوز ذروة العقوبات، سؤالٌ لن يقنع حتى أكثر مؤيدي ترامب تفاؤلاً. ولذلك، ينبغي اعتبار تصريحات ترامب ردًا استخفافياً على الانتقادات الجادة لعدم وجود استراتيجية واضحة بين قادة البيت الأبيض تجاه طهران.
حاجة أمريكا للتفاوض مع إيران
من الأمور التي يجب وضعها في الاعتبار بشأن تصريحات دونالد ترامب حول التفاوض مع إيران بعد انتخابات نوفمبر، هي أن الاستراتيجيين من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري يتفقون على أنه ينبغي التفاوض بشأن إيران بعد الانتخابات.
ولكن في غضون ذلك، يبدو أن إيران لن تكون على استعداد للتفاوض بسهولة حتى لو فاز ترامب في الانتخابات. ومع ذلك، لم ترفض إيران أبدًا المفاوضات في شكل احترام متبادل وعودة الوضع إلى ظروف التي سبقت الاتفاق النووي.
حقيقة الأمر هي أن اتفاقيات التعاون الاستراتيجي الإيرانية مع القوى الدولية مثل الصين وروسيا، قد مارست ضغوطًا كبيرةً على الأمريكيين، وهم قلقون للغاية من احتمال تشكيل تحالف عبر إقليمي ضد أمريكا.
من ناحية أخرى، في التنافس الجيوسياسي مع محور المقاومة، نجد أن أمريكا وحلفاءها ينسحبون من الساحات الواحدة تلو الأخرى.
والقضية السورية، ومسألة مساعي إخراج القوات الأمريكية من العراق، وفشل الحرب علی اليمن وخيبة السعودية في تحقيق أهداف الحرب رغم دعم واشنطن، فشل خطة صفقة القرن بفعل دور محور المقاومة، وفشل الحرب في أفغانستان، كلها قضايا أجبرت واشنطن على القبول بدور وقوة لاعب مهم مثل إيران. بحيث أدركت أمريكا أنه لا سبيل للتخلّص من هذه التحديات إلا من خلال المفاوضات مع طهران.
في الواقع، ترامب الذي ركّز سياسته الخارجية على الشرق والصين، والذي يعرف المستقبل المجهول لأيّ مغامرة عسكرية واسعة النطاق ضد إيران، يحتاج إلى التفاوض مع طهران من أجل خروج مشرّف من المنطقة في ولايته الثانية. لذا فإن أربعة أسابيع تعني بشكل أساسي مدی الوقت الذي يجب أن يستخدم فيه ترامب مهاراته في إبرام الصفقات، ولکن هذه المرة لإعطاء التنازلات والتراجع.