الوقت- يتزايد سباق التسلح في منطقة غرب آسيا مع ازدياد رغبة الحكومات الإقليمية بشراء الأسلحة الحربية وأيضاً بالتزامن مع السياسات الهادفة للقوى الدولية ، وبالإضافة إلى المنافسين التقليديين ، يمكننا أن نذكر تشكيل مسابقة تسلح جديدة لعبت دورًا مهمًا في تفاقم الوضع ، ومما لا شك فيه أن تركيا كانت محور الاهتمام في هذا المجال ، بسبب المواجهة المتزايدة بين أنقرة وبلدان اخرى مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والكيان الصهيوني كمحور مضاد للاخوان المسلمين في حالات إقليمية مختلفة.
كان لتصعيد الصراعات الجيوسياسية بين أنقرة وجيرانها ، وخاصة الدول الأعضاء أو الحلفاء في الكتلة السياسية والعسكرية الغربية ، تأثير لا يمكن إنكاره عملياً على العلاقات التركية الأمريكية ، حتى لو أرادت تركيا أن يبقى ترامب في البيت الأبيض للسنوات الأربع المقبلة ، ففي الوقت نفسه ، لم تكن للعلاقات بين البلدين عملية تعاون مستقرة وثابتة ، وصاحبتها العديد من التقلبات والانحناءات الجيبية.
حيث قررت واشنطن مؤخرًا إجراء مناورة عسكرية مشتركة مع اليونان ، والتي كانت إشارة واضحة على موقف واضح من تصعيد الصراع بين أنقرة وأثينا ، والتي تشمل قضايا تمتد من قضية قبرص إلى مسألة التنقيب عن الغاز في البحر الأبيض المتوسط وقضية اللاجئين.
حتى أنه تابع وجود ودور هؤلاء الفاعلين في قضايا النزاع الثنائية بين الطرفين ، وواحدة من أهم الاختلافات بين الولايات المتحدة الامريكية وتركيا في الوقت الحالي هي شراء تركيا لمنظومة الدفاع الروسي S400 ، بالإضافة إلى رفض واشنطن تسليم مقاتلات F-35 إلى أنقرة.
وفي حين علقت الولايات المتحدة الامريكية برنامج تسليم طائرة F-35 إلى تركيا ، قام الكيان الصهيوني ، المالك الوحيد لهذه المقاتلات في المنطقة ، بتسلم 4 مقاتلات حربية من الجيل الخامس اليوم ، وفقًا لوسائل الإعلام العبرية ، حيث وقع الكيان الصهيوني عقودا مع شركة مقاولات وزارة الدفاع الأمريكية Lockheed Martin من اجل شراء 50 طائرة من طراز F-35 على الأقل باستخدام أموال المساعدات الأمريكية ، وحتى الآن ، تم تسليم 16 طائرة فقط ومن المقرر إنتاج الطائرات المتبقية بحلول عام 2024.
ومن المؤكد أن تنحي تركيا من برنامج F-35 سيؤثر على سرعة تسليم هذه المقاتلات المطلوبة من قبل الكيان الصهيوني ، الامر الذي سيعزز الموقف العسكري للكيان الصهيوني ضد تركيا ، وفي هذا الصدد ، أفادت القناة الثانية عشرة للكيان الصهيوني في أغسطس من العام الماضي عن الجهود السرية التي تبذلها تل أبيب لاستبعاد تركيا من برنامج إنتاج مقاتلات F-35.
فقد طلبت تركيا في البداية 30 طائرة F-35 ، وأعلنت خططًا لشراء 116 من هذه المقاتلات ، وحتى انه كانت هناك أربع مقاتلات جاهزة للتسليم لتركيا ، ومع ذلك ، على الرغم من أن تركيا قد أوفت بجميع الالتزامات المالية اللازمة للبرنامج ، إلا أنه لم يتم تسليم الطائرات المقاتلة الاربعة من طراز F-35 لها بسبب ذريعة عدم التوافق مع نظام S400 الروسي ، وتم ايضا إيقاف تدريب الطيارين الأتراك على هذه المقاتلات.
وعلى الرغم من أن تركيا قد دعت إلى تشكيل فريق عمل مشترك لدراسة الجوانب التقنية للادعاء الأمريكي بأن F-35 غير متوافقة مع نظام الدفاع S400 ، إلا أن واشنطن لم تستجب لهذا الطلب وأعلنت فقط إنها مستعدة لبيع نظام باتريوت القديم إلى تركيا في حال تخلت الاخيرة عن فكرة شراء منظومة ال S400 من روسيا.
وفي ظل هذه الظروف ، ذكر ترامب ان السبب الرئيسي الذي دفع تركيا لشراء نظام الدفاع الروسي والأزمة الحالية هو عدم بيعها منظومة باتريوت في عهد أوباما ، في حين انه في زمن اوباما كان أحد الأسباب الرئيسية لمعارضة واشنطن بيع منظومة باتريوت لتركيا هو دور الضغط الذي يمارسه الكيان الصهيوني وقلق الصهاينة من الإخلال بتوازن القوى مع الحكومة الإسلامية الجديدة في تركيا ، والتي اتجهت بعد عقود من سياساتها وميولها القريبة من الغرب للدخول في أهم قضية في العالم الإسلامي ، قضية فلسطين.
اختلافات تل أبيب وأنقرة الجيوسياسية في البحر الأبيض المتوسط
الحفاظ على احتكار المقاتلات المتطورة من الجيل الخامس F-35 ، بالإضافة إلى التمييز الملموس بين الحليفين لبيع نظام الدفاع الصاروخي ، على نحو ان الولايات المتحدة الامريكية في الأشهر الأخيرة قامت بتسليم نظام الدفاع المتقدم (THAAD) إلى تل أبيب ولكنها اقترحت على أنقرة شراء منظومة باتريوت ، في وقت توجد فيه اختلافات جيوسياسية كبيرة بين تركيا والكيان الصهيوني في البحر الأبيض المتوسط ، وحتى ان احتمال حدوث مواجهات عسكرية مستقبلية في المنطقة ليست بعيدة ، فعلى سبيل المثال ، تقوم تركيا ببناء خط أنابيب TurkStream إلى أوروبا الشرقية وتحاول كسر اتفاقية الكيان الصهيوني مع اليونان وقبرص لمد خط أنابيب مماثل.
حيث أرسلت أنقرة سفن الحفر ومثاقب التنقيب الى المنطقة البحرية التي تطالب بها أثينا ، ووقعت اتفاقية مع حكومة الوفاق الوطني الليبية للمطالبة بامتيازات التنقيب في المنطقة الزرقاء الشاسعة بين قبرص واليونان ، القضية التي يراها الصهاينة على أنها تتعارض مع مصالحهم الغازية في المنطقة.