الوقت- لا تزال الحكومة الخامسة والثلاثون للكيان الصهيوني تزاول أعمالها في الوقت الذي تواجه إمكانية حلّها في أي لحظة بسبب وجود العديد من الأحزاب المعارضة لهذه الحكومة. ومما زاد من إمكانية إنهيار هذه الحكومة أكثر من ذي قبل، هو الخلافات الواسعة النطاق بين أعضاء مجلس الوزراء حول القضايا التي لا يرغب أي من الأطراف تقديم تنازلات في هذا الصدد. ولكن من بين جميع هذه الخلافات، هناك ثلاث قضايا تهدد الكابينة الوزارية أكثر من أي قضية أخرى، وتقرب الكيان الصهيوني من الانتخابات الجديدة أكثر فأكثر.
الموازنة السنوية للكيان الصهيوني
يتعلق الخلاف الأول الخطير في حكومة الكيان الصهيوني هذه الأيام، حول الموازنة السنوية. وبعد حل الكيان الصهيوني في أواخر عام 2018، وبسبب عدم تشكيل حكومة حتى أبريل 2020 ، كانت الموازنة المخصصة لجميع الوزارات الصهيونية هي نفس الموازنة المعتمدة لعام 2018 ، والتي تم منحها لكل وزارة على أساس شهري. هذا النوع من تخصيص الموازنة، حال دون التخطيط طويل الأجل بسبب الإيداع الشهري من ناحية، وعدم زيادة الميزانية السنوية من ناحية أخرى، وتسبب في تخفيض مشاريع الوزارات المختلفة.
الآن وبعد مرور عامين على تشكيل الحكومة الجديدة، لم يتم إقرار الميزانية حتى الآن بسبب الاختلافات الحاصلة في الحكومة. إذ يسعى اليساريون وما يسمى بالمعتدلين إلى زيادة الميزانيات الإجتماعية، في حين يرغب اليمين بزيادة الميزانيات العسكرية، أما الأطراف الدينية فتسعى هي الأخرى لزيادة ميزانيات التعليم والدين. ومع ذلك، فرضت أزمة فيروس كورونا ميزانية اضافية على هذه الحكومة.
وفي ظل هذه الظروف، لم تستطع اجتماعات مجلس الوزراء حسم بنود الميزانية منذ شهر تقريبًا. وعلى ضوء ذلك، ستضع هذه المسألة مجلس الوزراء على مشارف الحل. ونظرًا لعدم رغبة أي من الأطراف في مجلس الوزراء التنازل عن مطالبهم ، فقد أصبح من الصعب أكثر مواصلة العمل دون الموافقة على إقرار الميزانية الجديدة في ظروف أزمة كورونا.
مشروع قانون يتجاهل أحكام المحكمة العليا
الخلافات بين الأطراف في حكومة الكيان الصهيوني، كانت قائمة بالفعل حول مسألة الميزانية وحول الخلاف في تنفيذ ما يسمى بخطة الضم. ولكن في هذه الأيام، اُضيفت قضية جديدة خطيرة للغاية إلى قائمة الخلافات، بحيث يمكن أن تؤدي إلى تعطيل الحكومة في أي لحظة.
إذ أعلنت ايليت شاكيد وزيرة العدل السابق في حكومة نتنياهو، وعضو الكنيست عن حزب اليمين الجديد الذي تحالف مع نتنياهو وليكود، الأسبوع الماضي أنها قدمت مشروع قانون إلى الكنيست لإقراره ينص على أن مجلس الوزراء غير ملزم بقرارات المحكمة العليا. وإذا ما تم تمرير هذا المشروع كقانون مصادق عليه، سيتجاهل مجلس الوزراء قرارات المحكمة العليا لأنه لن يكون ملزما بتنفيذه. وكانت المحكمة العليا للكيان الصهيوني في السابق مكانًا لحل بعض النزاعات داخل الحكومة.
على سبيل المثال، عندما كان هناك نزاع قانوني حول تشكيل حكومة برئيسين لمجلس الوزراء في أبريل 2020 ، لم تر المحكمة في الأمر ما يخالف القانون، وتم تشكيل حكومة جديدة بناء على ذلك. لكن مشكلة اليمين الذين أعلنوا عن دعمهم لمشروع شاكيد، مع المحكمة العليا، هي أنهم يعرفون أن قضايا الفساد المتعلقة بنتنياهو وإحتمالية صدور قرار حول عدم أهلية وكفاءة نتنياهو في الاستمرار كرئيس للوزراء، يمكن أن يكون لقرار المحكمة العليا كلمة الفصل لإنهاء حياته السياسية.
ولذلك، فإن اليمين يسعى إلى قطع يد المحكمة العليا عن هذه القضية من خلال تمرير قانون يتعلق بالأمر. ومن المؤكد أن نتنياهو منذ بداية تشكيل الحكومة، كان يسعى إلى قطع يد المحكمة العليا والتضييق عليها، ولكن بسبب انشغاله في ما يسمى بمشروع الضم وموضوع إقرار الميزانية، لم تتح له الفرصة للتطرق الى المحكمة العليا، ولكن كلما زاد عمر هذه الحكومة وبالتالي إقتراب موعد إنتهاء ولاية نتنياهو، كلما ازدادت أهمية هذه القضية لليمين.
الآن، أصبحت هذه المسألة هي موضع خلاف رئيسي في مجلس الوزراء هذه الأيام بعد ملف الميزانية، وأعلن تحالف أزرق وأبيض أنه إذا تم الإعلان عن مشروع القانون في الكنيست، فسوف يعارضه دون تأخير. الأمر الذي اذا ما تحقق، فسيؤدي إلى حل الكنيست والحكومة. لأنه بالإضافة إلى تحالف أبيض وأزرق، سيحظى القانون أيضًا بدعم المعارضة.
احتجاجات على نتنياهو
منذ ما يقرب من شهر، تشهد مدن تل أبيب والقدس المحتلة احتجاجات مستمرة ضد حكومة الكيان الصهيوني ونتنياهو نفسه. هذه الاحتجاجات إنطلقت اعتراضا على فساد نتنياهو وعائلته ونوع الإجراءات التي اتخذتها حكومته في مواجهة أزمة كورونا. كما إحتج المتظاهرون على تصرفات حكومة الكيان الصهيوني في التعامل أزمة كورونا، واصفين هذه الإجراءات أنها سببت انهيار اقتصادي لشرائح كبيرة من المجتمع الإسرائيلي. ويعتقدون أن الإجراءات غير المناسبة تعود إلى سوء إدارة نتنياهو، المتهم بقضايا الفساد، لذلك أعرب المتظاهرون، أن الشخص الفاسد الذي لا يجيد الإدارة الجيدة ويجهل أنواعها لا يمكن أن يكون في قمة صنع القرار لحل الأزمات الحالية.
وقد عزز استمرار الاحتجاجات على مدار الشهر الماضي، احتمال إتساع نطاق الاحتجاجات إلى مدن فلسطينية محتلة أخرى. خاصة وأن فيروس كورونا عاود التفشي في الأراضي المحتلة. وكان اليمينيون، قد اتهموا سابقاً، اليساريون والمعارضون لهم، بإدارة الاحتجاجات وتنظيمها، ووصفوها بأنها احتجاجات يسارية. لكن هذه الأيام، ووفقًا للبيانات التي نشرتها مراكز الاستبيان والاستفتاء في الكيان الصهيوني، فإن اليمين يشارك أيضًا على نطاق واسع في هذه الاحتجاجات ، وهذه الاحتجاجات لا تتم إلا بحضور أنصار اليسار ومعارضي اليمين.
وفي ظل هذه الظروف ، يحاول نتنياهو اتخاذ موقف مرن تجاه المظاهرات بطريقة ديمقراطية. لكن استمرار هذه الاحتجاجات وتطورها قد يجبره على حل مجلس الوزراء وإجراء الانتخابات الرابعة.
وتعرضت الحكومة الصهيونية ونتنياهو نفسه لضغوط شديدة بسبب الخلافات واسعة النطاق داخل الحكومة، وتتزايد هذه الضغوط نتيجة للخلافات حول إقرار الموازنة السنوية للكيان الصهيوني ومشروع قانون عدم ضرورة الإلتزام بقرارات المحكمة العليا. وقد يؤدي تصعيد النزاع ، إلى جانب الاحتجاجات المستمرة منذ شهر في الأراضي المحتلة، إلى قيام الكيان الصهيوني بحل الكنيست والحكومة وإجراء انتخابات جديدة.