الوقت - بينما يعکف محمد بن سلمان بشکل أكثر تهورًا من أي وقت مضى، علی تصفية المعارضين، وخاصةً الأمراء المعارضين لحکمه في البلاط السعودي، تطالب أكبر کتلة في البرلمان الأوروبي بمعرفة مصير ولي العهد السعودي السابق على الفور، وإنقاذ حياته من تصرفات وإجراءات محمد بن سلمان.
حقيقة الأمر هي أنه في الجولة الجديدة للإطاحة بالمنافسين في السلطة، قام محمد بن سلمان بسجن العديد من الأمراء المعارضين لأعماله المتطرفة، وأهمهم ابن عمه "محمد بن نايف" ولي العهد السابق للبلاد خلال 29 أبريل 2015 - 21 يونيو 2017.
وفي الآونة الأخيرة أيضاً، يمكن اعتبار أحد أهم الأحداث هو مرض القلب الحاد الذي أصاب ولي العهد السعودي السابق محمد بن نايف، والذي نتج عن إهمال المسؤولين السعوديين.
في الوقت الحاضر، يرسل الأوروبيون رسالةً واضحةً إلى بن سلمان لتوضيح مصير ابن عمه، لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، لماذا يقدم الأوروبيون مثل هذا الطلب إلى الحكومة السعودية ومحمد بن سلمان في الظرف الحالي؟ يمكن دراسة الإجابة على هذا السؤال وتقديمها في ثلاثة محاور رئيسية.
المعارضة الأوروبية لحکم محمد بن سلمان
في الوضع الحالي، يمكن اعتبار طلب أكبر کتلة في البرلمان الأوروبي لتوضيح وضع ومصير محمد بن نايف، إشارةً واضحةً وبالطبع سلبيةً من الأوروبيين إلى حکم محمد بن سلمان.
واحدة من النقاط البارزة حول ولاية عهد محمد بن سلمان، هي أنه على عكس الأمراء وأولياء العهد الآخرين في البلاط السعودي، فمن ناحية لديه عدد لا يحصى من المعارضين بين الأمراء، ومن ناحية أخرى، ركز كل جهوده على دعم القوى الأجنبية وخاصةً الولايات المتحدة وأوروبا لنفسه.
يدرك محمد بن سلمان جيدًا أنه سيكون من الصعب عليه الوصول إلى العرش دون الدعم الخارجي. وحتى لو اعتلى العرش، فإن المعارضة الغربية له ستضعف رسمياً موقفه وخططه للسعودية.
وعلى الرغم من ذلك، فإن العديد من الدول الأوروبية، وعلى عكس الأمريكيين، قد أعربت ضمنياً عن معارضتها لحكم محمد بن سلمان، ولكن في الوقت الحاضر يبدو أن معارضتها قد ازدادت.
وعلى وجه الخصوص في الأسابيع الأخيرة، حيث کثرت الشائعات حول وفاة الملك سلمان، ويبدو في مثل هذه الأجواء، أن الأوروبيين أعلنوا صراحةً معارضتهم لبن سلمان. وفي الواقع، سئم الأوروبيون من تطرف محمد بن سلمان، خاصةً في قضية مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقشي" في اسطنبول.
لغز الديمقراطيين الأمريكيين ونهاية ترامب
منذ توليه منصب ولاية العهد في عام 2017، ركز محمد بن سلمان کل جهوده على كسب دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرياض وولاية عهده. حتى أن بن سلمان قد اتخذ العديد من الخطوات الطموحة في مجال السياسة الداخلية والخارجية، مستغلاً الأموال الباهظة التي دفعها لواشنطن.
في غضون ذلك، فإن أحد أهم الإجراءات التي اتخذها ولي العهد السعودي المتطرف بدعم من ترامب، هو القضاء على المعارضين في الداخل. والآن، بالنظر إلى موقع ترامب السيء في استطلاعات الرأي الأمريكية وإمكانية عدم فوزه مجدداً في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، يبدو أن محمد بن سلمان يعتزم التخلص من خصومه، وخاصةً محمد بن نايف، إلى الأبد، لأنه يعرف جيدًا أن جو بايدن والديمقراطيين يعارضون بشدة حکمه وأفعاله.
وفي مثل هذه الأجواء، يبدو أن الأوروبيين قد أدركوا هذه المسألة، ويحاولون منع بن سلمان من تصفية ابن عمه بأي شكل من الأشكال.
تحذير محمد بن سلمان للحفاظ علی حياة ولي العهد السابق
نظراً للوقت القصير لدی محمد بن سلمان حتى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يبدو أن الأوروبيين ينوون إرسال رسالة إلى ولي العهد السعودي المتطرف، بأنه المسؤول عن حياة ولي العهد السابق.
وتعني هذه الرسالة أن الأوروبيين، الذين يعارضون تصرفات محمد بن سلمان، ينوون تضييق المجال علی ولي العهد الحالي إذا لم يفز دونالد ترامب، حتى يتمكن محمد بن نايف مرةً أخرى من استعادة مكانه الحقيقي في البلاط السعودي.
في الواقع، إن بقاء ولي العهد السابق علی قيد الحياة قبل صعود محمد بن سلمان إلى عرش السلطة، يمكن أن يثقل کاهله ويقض مضجعه دائمًا مثل كابوس کبير، وربما في المستقبل القريب سيصبح هذا الكابوس حقيقةً تحت ضغط الديمقراطيين الأمريكيين والأوروبيين.