الوقت- ان المتابع للعلاقات السعودية العمانية خلال السنوات الماضية وخاصة خلال الاشهر القليلة الماضية يلاحظ ودون شك الفتور الذي يطبع العلاقات بين البلدين. وخاصة بعد تشكيل التحالف الذي تقوده السعودية لضرب اليمن تحت حجة اعادة الشرعية الى سدة الحكم في اليمن ورفض سلطنة عمان الانضمام الى هذا التحالف. واما الخبر الذي يشكل التطور الدراماتيكي في العلاقات بين الطرفين فهو خبر استهداف طائرات التحالف لمنزل السفير العماني في صنعاء مما أدى الى وقوع اضرار جسيمة بالمبنى اضافة الى الضرر الاكبر الذي لا يمكن علاجه والذي وقع في بنية العلاقات الثنائية بين مسقط والرياض.
وقد كانت طائرات التحالف السعودي الامريكي قد استهدفت منزل سفير سلطنة عمان في صنعاء بهجوم خلال الايام الماضية مما ادى الى وقوع اضرار مادية كبيرة. وردا على الاعتداء استدعت وزارة الخارجية العمانية السفير السعودي في مسقط لابلاغه رسالة احتجاج على ما حصل. وقد استنكرت الوزارة الحادث واعتبرته "مخالفة صريحة للمواثيق والاعراف الدولية" كما طالبت في بيان لها الامم المتحدة باتخاذ كافة الاجراءات التي تكفل انهاء الحرب المستمرة في اليمن منذ ستة اشهر قبل ان تشكل تهديدا خطيرا على أمن المنطقة.
وفي هذا السياق تلعب مسقط ومنذ اليوم الاول للعدوان دورا بارزا في حل الازمة اليمنية من خلال الوساطة التي تقودها بين اطراف الصراع اليمني، نائية بنفسها منذ اليوم الاول عن الانضمام الى التحالف الخليجي الذي تقوده السعودية، وهذا ما لا يروق للسعودية. وقد خاضت جولات عديدة من المفاوضات بين الاطراف اليمنية دونما الوصول الى النجاح بسبب العصي التي تضعها السعودية في دواليب الحل الداخلي اليمني.
وبالعودة الى خلفيات الحادث الاخير فلا يمكن ان يكون مصادفة ولا يمكن المرور عليه دون الالتفات الى الخفايا التي يدل عليها من ازمة صامتة بين الطرفين السعودي والعماني والتي بدأت بالظهور الى العلن. ومن المفارقات التي يلاحظها المتابعون طريقة تعامل الطرفين مع الحادث بعد وقوعه، حيث أنه كان من المعتاد حل الخلافات بين الاطراف الخليجية بعيدا عن الاضواء ودون ضجيج اعلامي وهذا ما لم يحدث هذه المرة. مما يؤكد أن الحادث سابقة خطيرة في تاريخ العلاقات بين الدولتين ومما ينذر بما هو اسوأ في تدهور العلاقات بين البلدين.
وطبعا لم يكن الملف اليمني هو الخلاف الوحيد في الاداء بين السعودية وسلطنة عمان بل تتعدد الملفات التي تنتهج بها عمان نهجا عقلانيا مقابل تهور سعودي واضح.
الملف الايراني، استضافة المفاوضات النووية الايرانية في مسقط
لعبت عمان دورا ايجابيا كبيرا خلال المفاوضات النووية بين ايران والدول 5+1. كما استضافت مفاوضات سرية ايرانية امريكية مباشرة. وهذا الموضوع اثار سخط السعودية التي لطالما سعت الى افشال المفاوضات عبر الضغط على حلفائها الغربيين واعلنت ولا زالت عن تخوفها من البرنامج النووي الايراني. ولكن ورغم ذلك استمر التقارب العماني الايراني واستمرت المفاوضات بين ايران ودول 5+1 الى ان تكللت باتفاق تاريخي بين الجانبين.
الملف السوري، الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية مع سوريا
واما بالنسبة الى الملف السوري فمسقط لم تقطع علاقاتها السياسية والدبلوماسية مع سوريا على عكس كافة الدول الخليجية التي تدور في الفلك السعودي، ولطالما دعت الى اعتماد سياسات عقلانية في مقاربة الازمة السورية لايجاد حل تخرج به سوريا من دوامة العنف والدمار القائم. وكانت زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم لمسقط خلال الشهر الماضي والتي اتت بناءا لدعوة من نظيره العماني خير دليل على النهج العماني العقلاني اتجاه الازمة السورية. وهذا ما لا ترضى به السعودية التي تسعى ومنذ بداية الازمة الى تفتيت سوريا وتحويلها الى دويلات مذهبية متنازعة.
رفض تحويل "مجلس التعاون" الى "اتحاد"
ومن المواضيع التي اثرت سلبا في العلاقات بين البلدين المشروع السعودي لتحويل "مجلس التعاون" الى "اتحاد". حيث رفضت سلطنة عمان على لسان وزير خارجيتها السيد يوسف بن علوي المقترح السعودي بتحويل "مجلس التعاون" الى “اتحاد” قبل عامين، عندما عبر عن ذلك علانية في “ندوة الدوحة” في رد على نظيره السعودي. وكانت تهدف السعودية من وراء هذا المشروع الى الاطباق بشكل كامل على القرار الخليجي من خلال سطوتها النفطية وامتدادها الجغرافي الكبير. وقد قطعت مسقط الطريق على هذا الحلم الذي تسوق له السعودية منذ سنوات.
ولكن ورغم كل ما ورد يبقى الملف اليمني هو الابرز والاكثر تعقيدا والذي يمثل الشعرة التي قصمت ظهر البعير الخليجي. فهل ستتطور الامور الى قطيعة بين الطرفين؟ خاصة ان سلطنة عمان لم تعتد التبعية للسعودية، والسعودية لم تعتد معاملة ندية من قبل جوارها العربي.