الوقت- تُظهر استطلاعات الرأي العام في أمريكا أن المنافس الأبرز للرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في الانتخابات الرئاسية لعام 2020، يكسب الكثير من أصوات الشعب الأمريكي. وفي هذا الصدد، أظهرت أحدث نتائج استطلاع أجرته اثنتان من وسائل الإعلام الأمريكية ذات السمعة الطيبة أن المرشح الديمقراطي لانتخابات 2020 الرئاسية الأمريكية يتقدم بشكل جيد على منافسه "ترامب". ووفقًا لموقع قناة "سي إن إن" الإلكتروني، فلقد أظهر استطلاع جديد أجرته "إي بي سي" و"واشنطن بوست"، أن المرشح الديمقراطي "جو بايدن" يتفوق على الرئيس الحالي "دونالد ترامب". وفي هذا الاستطلاع الجديد، فاز "بايدن" بنسبة 55 في المائة من الأصوات، في حين حصل "ترامب" على 40 في المائة من الأصوات.
ووفقًا لموقع "سي إن إن" الإلكتروني، فإن "جو بايدن" كان أكثر حظًا في ضواحي الولايات المتحدة، بحيث استطاع "بايدن" في استطلاع شبكة "إي بي سي" و"واشنطن بوست"، الحصول على 52 ٪ من الأصوات في الضواحي، في حين أن هذا الرقم كان لـ"ترامب" 43 في المئة. ويُعد التجمع في الضواحي ميزة كبيرة لـ"بايدن"، وذلك لأن "ترامب" فاز في استطلاعات "سي إي بي" و"واشنطن بوست" في السنوات الأربع الماضية بنسبة 45 بالمائة على منافسته آنذاك "هيلاري كلينتون"، التي حصلت على 35 بالمائة من الأصوات في تلك الضواحي.
وفي الأسبوع الماضي، أظهرت استطلاعات الرأي في ست ولايات أمريكية رئيسية أن "بايدن" يتقدم على "دونالد ترامب". ولقد كشف استطلاع مشترك أجرته شبكة "إن بي سي" ومعهد "أبحاث التغيير"، أن المواطنين في ست ولايات أمريكية رئيسية أعطوا "ترامب" درجة أقل في كيفية إدارته لمجموعة من القضايا الحالية. وكان نائب الرئيس السابق "جو بايدن" متقدماً قليلاً على "ترامب" في استطلاعات الرأي في أريزونا وفلوريدا وميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، بينما كان الاثنان قريبين جدًا في ولاية نورث كارولينا.
"كورونا" يحوّل نصر "ترامب" إلى هزيمة
وفقًا لآخر الاستطلاعات، ومع تزايد انتشار فيروس "كورونا" وارتفاع معدل الوفيات في الولايات المتحدة وضعف إدارة "ترامب" في السيطرة على تفشي هذا الفيروس الخطير، فإن احتمال فوزه على "جو بايدن" في انتخابات نوفمبر المقبل أصبحت ضئيلة للغاية. ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست"، يجب على الرئيس "دونالد ترامب" مرة أخرى اختبار شعبيته في الحملة الرئاسية الأمريكية لعام 2020، خاصة وأن إدارته كانت غير قادرة على السيطرة على تفشي هذا الفيروس التاجي في البلاد وكان أداؤها خلال الاشهر غير كافٍ ليمهد له الطريق للفوز في الانتخابات القادمة.
ووفقًا لاستطلاع أجرته "إي بي سي"، لفقد انخفض مستوى تأييد الشعب الأمريكي لـ"ترامب" خلال الفترة السابقة بشكل كبير، وفي الجهة الأخرى غيّر الجمهور الغاضب نظرته لـ"جو بايدن"، ولهذا فإن هذا الاخير يتمتع الآن بدرجة قبول أعلى من "ترامب" عند الشارع الأمريكي. وعلى صعيد متصل، أظهرت نتائج الاستطلاع أن الشعب الأمريكي غير راضٍ عن أداء إدارة "ترامب" خلال انتشار فيروس "كورونا" التاجي في الولايات المتحدة.
ومع الأداء الضعيف لإدارة "ترامب" وعدم قدرتها على السيطرة على تفشي فيروس "كورونا" في العديد من الولايات الأمريكية، كان مستوى تأييد "بايدن" 55 في المائة وكان مستوى تأييد "ترامب" 40 في المائة، وفقًا لاستطلاعات الرأي. ولقد أظهر استطلاع سابق أجرته شبكة "إن بي سي"، أن 72 في المئة من الأمريكيين يعتقدون أن الولايات المتحدة كانت على المسار الخطأ في وقت تفشي فيروس "كورونا" التاجي، وأن سياسات ترامب للسيطرة على هذا الفيروس الخطير لم تكن كافية.ويأتي انخفاض شعبية "ترامب" مع ارتفاع مستوى انتشار فيروس "كورونا" في الولايات المتحدة بشكل مخيف.
المظاهرات المناهضة للعنصرية ودورها في هزيمة "ترامب"
في حين قضى فيروس "كورونا" على بعض المكاسب الاقتصادية لـ"ترامب" في قضايا الحد من البطالة والنمو الاقتصادي في أقل من شهر واحد وأغرق الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود، كانت هناك مشكلة أخرى جعلت مهمة "ترامب" أكثر صعوبة وهي بدء موجة من الاحتجاجات المناهضة للعنصرية في البلاد.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير، أنه خلال الاسابيع الماضية انتشرت العديد من الاضطرابات الناجمة عن الاحتجاجات المناهضة للعنصرية وزادت الاعتقالات التعسفية التي يتعرض لها المتظاهرين في مختلف الولايات الأمريكية. ولفتت تلك التقارير أنه في وقتنا الحالي تعيش الحكومة الأمريكية التي دعت في البداية إلى قمع المتظاهرين، في ظل العديد من المخاوف بشأن نتائج الانتخابات الرئاسية، التي من المقرر أن تجري في غضون ثلاثة أشهر. وفي ظل هذه الظروف، دعت عددا من الشخصيات البارزة في حزب "ترامب" لتصحيح أخطاء هذا الرئيس المتهور وذلك لكي يتمكن من كسب ثقة الشعب الأمريكي والفوز في الانتخابات القادمة. إن انتقاد الشخصيات الجمهورية البارزة لـ"ترامب" في الأيام الأخيرة وتبرأهم من القيام بعمليات قمع للاحتجاجات، سوف تؤدي تفاقم استقطاب المجتمع الأمريكي.
ومع ذلك، فإن الجروح القديمة للظلم الاقتصادي والشعور التاريخي بالتمييز العنصري من قبل الأقليات، وخاصة السود في النظام الرأسمالي الأمريكي، الذين حولوا شعارات المحتجين تدريجيًا نحو استهداف الهيكل السياسي بأكمله، قد خلق الكثير من المخاوف لدى الجمهوريين وحتى النخب السياسية بشأن استمرار وتصاعد الاحتجاجات وأصحب من الواضح الآن للغالبية العظمى من الأمريكيين أن الماء تأتي من مصدر موحل، وأنه يجب إيجاد حل حقيقي خارج هذا الحزب أو ذاك.
وعلى صعيد متصل، كشفت العديد من المصادر الاخبارية، أنه لا تزال الاحتجاجات الجماهيرية في الولايات المتحدة مستمرة وذلك للمطالبة بتحقيق العدالة والقضاء على العنصرية وذلك عقب مقتل رجل أسود يدعى "جورج فلويد" على يد ضابط شرطة أبيض يدعى "ديريك شافين" في مدينة "مينيابوليس"، التابعة لولاية "مينيسوتا"، وذكرت تلك المصادر الاخبارية بأن عدد المتظاهرين يزداد يوماً بعد يوم. ولفتت إلى أنه قُتل ما لا يقل عن 20 شخصًا وأصيب عدد كبير في هذه الاحتجاجات التي توسعت رقعتها خلال الايام القليلة الماضية ووصلت إلى جميع الولايات والمدن الأمريكية. وأكدت تلك المصادر إلى أن شرطة مكافحة الشغب اقتحمت مسيرة للمتظاهرين وقامت بإلقاء القبض على المئات من المتظاهرين. وأكدت تلك المصادر أنه تم نشر 13 ألف عنصر من شرطة مكافحة الشغب والشرطة السرية الأمريكية في عدد من المدن والولايات الأمريكية.
وتأتي هذه الاحتجاجات ضد العنصرية بعد مقتل المواطن الأمريكي من أصل أفريقي "جورج فلويد" على يد شرطي أبيض جثم على رقبته في مدينة في مينيابوليس، وعقب احداث عنصرية شهدتها الولايات المتحدة، وتراكمات فجرت الوضع، الأمر الذي دفع نحو الشروع في إعادة النظر بالممارسات العنصرية التي طبعت ماضي البلاد ولا تزال ماثلة في المجتمع الأمريكي.
وفقًا للخبراء الأمريكيين والمراقبين المحليين، فإن الاحتجاجات المستمرة على الصعيد الوطني وتفشي فيروس "كورونا" في البلاد هما أزمتان رئيسيتان تواجهما إدارة "دونالد ترامب"، ونظراً للوقت القصير المتبقي حتى انعقاد الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020، فإن تمديد وجوده في سيكون للبيت الأبيض سوف يكون له تأثير سلبي على حياة المواطنين الأمريكيين.
قلق من عدم قبول "ترامب" بالهزيمة
من ناحية أخرى، يشعر العديد من القادة والسياسيين الأمريكيين، بما في ذلك رئيسة مجلس النواب الأمريكي، بالقلق من أنه إذا خسر "دونالد ترامب" الانتخابات الرئاسية لعام 2020 بفارق صغير، فإنه لن يحترم نتائج التصويت. ويعتقد الخبراء أيضًا أن "ترامب" لن يقبل الهزيمة بأي شكل من الأشكال، وسيطالب بانتهاك القانون وذلك لمواجهة الهزيمة في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ولقد رفض "ترامب" مؤخرًا التعهد بالاعتراف بأي نتيجة محتملة لانتخابات نوفمبر 2020، قائلاً في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز": "أنا لست خاسرًا، لا أحب الهزيمة، لا أحب أن أخسر". ومضى "ترامب" في القول، إن "التصويت الإلكتروني، الذي اقترحه الديمقراطيون كوسيلة لضمان التصويت على الرغم من استمرار انتشار فيروس كورونا، من المرجح أن يؤدي إلى تزوير الانتخابات".
وبناءً على ذلك، وفي حين انخفضت الاصوات المؤيده لـ"ترامب" في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة بشكل أكبر، فإن عدم قبول الهزيمة في الانتخابات القادمة يعد تحديًا مهمًا آخر للولايات المتحدة وقد يؤدي بالبلاد إلى الدخول في حالة من عدم الاستقرار والفوضى الجديدة. في الواقع، خلال حقبة حكم "ترامب"، تمكن اليمين المتطرف الأمريكي من التوسع أكثر من أي وقت مضى في هذا البلد، والآن انتشرت حالة من القلق بين مؤيدي "ترامب" المتطرفين والأصليين بشأن مصير الولايات المتحدة بعد هزيمة "ترامب" المحتملة.