الوقت- بعد أن دخل "قانون قيصر" حيز التنفيذ بدأ سعر صرف الليرة السورية يتراجع أمام الدولار، وهبطت الليرة الى مستويات قياسية لم تعهدها سوريا من قبل حيث اقترب سعر صرف الدولار الامريكي الواحد من الـ 3000 ليرة سوريا بعد أن كان سعره بحدود 45 ليرة قبل بداية الازمة السورية، وما تقوم به واشنطن ليس سوى محاولة اخيرة للضغط على الحكومة السورية بعد ان استنزفت جميع فرصها في اسقاط الحكومة السورية، فهل تنجح واشنطن هذه المرة في تحقيق ما تصبو له؟.
الادراة الامريكية وبكل وقاحة اعترفت بأنها سبب انهيار الليرة السورية وانها قدمت للدولة السورية عرضا للخروج من الأزمة، وجاء هذا الكلام على لسان المبعوث الامريكي الى سوريا جيمس جيفري، وقال جيفري في تصريحات إن "انهيار الليرة السورية دليل على أن روسيا وإيران لم تعودا قادرتين على تعويم النظام، مضيفا أن النظام لم يعد بدوره قادرا على تبييض الأموال في المصارف اللبنانية التي تعاني هي أيضا من أزمة".
من جانب آخر، قال جيفري إن بلاده قدمت للأسد طريقة للخروج من هذه الأزمة، وقال: "إذا كان الأسد مهتماً بشعبه سيقبل العرض ونحن على تواصل مستمر مع الروس ومع اللاعبين البارزين والآخرين ومع المعارضة السورية التي يجب أن تبقى موحدة".
وأوضح أن قانون "قيصر" يعطينا صلاحية يمكن استخدامها وفقاً لما نراه مناسباً لتحقيق سياستنا وسنتخذ إجراءات ضد الأنشطة التي نرى أنها تُبقي الأسد قادراً على معارضة العملية السياسية وتُبقي قواته في الميدان. وتابع: "نحن نقرر الأنشطة التي تشملها للعقوبات وقيصر لا يحدد أن كل القطاعات التي تنشط في مجال معين ستخضع تلقائيا للعقوبات".
وقال: "إذا تم خرق وقف إطلاق النار سنزيد الضغط الاقتصادي والدبلوماسي وسننسق مع الأتراك، بحسب ما قاله الرئيس دونالد ترامب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حول طبيعة الدعم الذي نقدمه لهم في إدلب".
وأضاف المبعوث الأميركي أن واشنطن تريد أن ترى عملية سياسية ومن الممكن ألا تقود إلى تغيير للنظام، فهي تطالب بتغيير سلوكه وعدم تأمينه مأوى "للمنظمات الإرهابية"، وعدم تأمينه قاعدة لإيران لبسط هيمنتها على المنطقة، بحسب زعمه.
واعتبر جيفري أن العقوبات المشمولة بقانون "حماية المدنيين السوريين" -المعروف بقانون قيصر- ستطال أي نشاط اقتصادي بشكل تلقائي.
عن ماذا تبحث واشنطن في سوريا؟
الولايات المتحدة الامريكية تخسر مكانتها في الشرق الاوسط رويدا رويدا وجميع تدخلاتها المباشرة وغير المباشرة في دول الشرق الاوسط لم تصل الى اي نتيجة تذكر، وأخرها الملف السوري الذي بقي عالقا حتى اللحظة دون ان تصل الى مبتغاها، فلم تسقط الحكومة السورية ولم تخرج ايران من سوريا ولم تتمكن المعارضة من الحفاظ على السيطرة على المنطقة التي كانت بحوزتها في بداية الازمة، على الرغم من ان واشنطن قدمت جميع الخدمات الممكنة لهذه الجماعات الارهابية المسلحة ومع ذلك لم تتمكن من الصمود أمام ضربات الجيش السوري.
والأن تتجه واشنطن نحو آخر محاولة ممكنة، وهي تضييق الخناق على الشعب السوري قدر المستطاع لدفعه للخروج الى الشارع واسقاط النظام السوري، وهذا يمكن تفسيره بأن واشنطن وصلت الى النتائج التالية:
أولاً: أدركت واشنطن بأنها بدأت تخسر مكانتها في الشرق الاوسط، ولم تعد تملك نفس الهيبة السابقة، حتى لو انها نجحت في خلق الفوضى في الشرق الاوسط لكنها لم تستطع ان تنجح في كسب النتائج لصالحها بعد كل هذه الفوضى التي خلفتها في المنطقة، وما زاد من فشل الولايات المتحدة الامريكية هو وصول دونالد ترامب الى السلطة واصدارة سلسلة قرارات فاشلة لم تقد اي خدمة للامريكان.
ثانياً: وجدت واشنطن نفسها امام تحالف جديد في الشرق الاوسط لم تكن تعتقد ان بامكانه الصمود كل هذا الوقت، والمتمثل بمحور المقاومة والذي امتد من طهران وحتى اليمن، وحقق صمودا مذهلا امام جميع الخطط الامريكية التي كانت تريد تقسيم المنطقة وفقا لمخطط الشرق الاوسط الجديد، فلم تتمكن واشنطن وتل ابيب من التحكم بمياه الخليج ولا مياه البحر الاحمر ولا حتى البحر المتوسط، وبالاضافة الى محور المقاومة كانت هناك روسيا التي عرقلت جميع خطط واشنطن في المنطقة يضاف اليها تعاظم قوة الصين.
ثالثاً: اقرار قانون قصير والعمل به يهدف الى إبعاد سوريا عن مضامين الحل السياسي، وزيادة تعقيدات الملف السوري، وزيادة الخنق على الشعب السوري المتمسك بأرضه وقائده، إضافة إلى إيصال رسائل إلى الدولة السورية وحلفائها، بأن واشنطن ستكون أحد أضلع الحل السياسي المُرتَقب، وتحديداً عن طريق الملف الصحي مع انتشار فايروس كورونا.
رابعاً: فشلها في إرضاخ روسيا لتتمكَّن من الضغط على القيادة السورية بُغية إخراج إيران من الساحة السورية، إضافة إلى مَنْعِ إيران وكَسْرها عبر استبعادها عن الحل السياسي السوري، نتيجة لذلك، اصطدمت الرغبة الأميركية برفض القيادة السورية لجهة إخراج إيران من سوريا ولم تسمح بكَسْرِ إيران معنوياً كما كانت تشتهي واشنطن وباتت إيران ورغم الإرهاب الاقتصادي والوباء القاتل كوفيد-19 اقوى كدولة على الساحة الدولية داخلياً وخارجياً.
في الختام؛ الولايات المتحدة فشلت في ارضاخ ايران بشكل مباشر وهذا ما دفعها لزيادة جرعة العقوبات عليها وعلى حلفائها تمهيدا لاضعاف محور المقاومة ومن ثم القضاء عليه، وأثبتت ايران انها اقوى من اي مؤامرة امريكية قد تحاك ضدها وستثبت سوريا انها كذلك في القريب العاجل.