الوقت- تحاول واشنطن ان تبرز نفسها دائماً بأنها راعية لعملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين، مع العلم انها لا تخفي انحيازها للاسرائيليين وحتى اللحزة لم تتمكن واشنطن من ان تقدم اي عرض مجدي لخدمة عملية السلام بل على العكس تماما لقد شكل انحيازها الدائم لاسرائيل عراقيل أمام تحقق عملية السلام ان كانت بالاساس موجودة او قابلة للتحقق في ظل تواجد كيان احتلال مغتصب يدمر الحجر والبشر ويسعى لان يكون دولة فصل عنصري تحت اي ظرف وعندما يتعرض للضغط يجنح نحو الحديث عن عملية السلام وسبل تحققها مع العلم ان اسرائيل استخدمت السلام كوسيلة للتمدد والاتساع والسيطرة أكبر قدر ممكن من الاراضي الفلسطينية واليوم تعود واشنطن للحديث عن عملية السلام التي دمرتها بنفسها بعد القرار الاخير لترامب فيما يخص الاعتراف بالقدس عاصمة دائمة للكيان الاسرائيلي.
وأعلنت واشنطن، الجمعة، أنها تبذل جهودا مع أطراف اللجنة الرباعية ومجلس الأمن، لاستئناف مفاوضات السلام بين فلسطين وإسرائيل.
وقالت المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، كيلي كرافت، في تصريحات صحافية، إنها "تبذل جهودا لاستئناف مفاوضات السلام المتوقفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
وأضافت كرافت، أن "هذه الجهود نبذلها مع اللجنة الرباعية وأعضاء مجلس الأمن، إضافةً إلى مندوبي فلسطين و إسرائيل لدى الأمم المتحدة".
وتشكّلت اللجنة الرباعية الدولية عام 2002، وتضم الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، وروسيا.
وأردفت: "نريد التأكد من أن الفلسطينيين والإسرائيليين يدركان أن رؤية السلام (صفقة القرن المزعومة)، واقعية وقابلة للتنفيذ وتفي بالمتطلبات الأساسية للشعبين".
وفي 28 يناير/كانون الثاني 2019، عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خطة السلام المزموعة "صفقة القرن"، حيث تضمنت بنودا تنتقص بشكل كبير من الحقوق الفلسطينية.
وتتضمن الخطة إقامة دويلة فلسطينية في صورة أرخبيل تربطه جسور وأنفاق، وجعل مدينة القدس عاصمة غير مقسمة لإسرائيل، والأغوار تحت سيطرة تل أبيب.
لقد شكّل قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ديسمبر الماضي بالاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، مطيحاً بسبعين عاماً من السياسة الأمريكية والتوافق الدولي، نقطةَ تحوّل في عملية السلام التي ترعاها الولايات المتحدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. فلطالما اعتُبِرت القدسُ الأساسَ لتسوية سلام نهائية، نظراً إلى أنّها تُعَدّ إحدى مسائل الصراع الأكثر تعقيداً ورمزاً دينياً وسياسياً مهمّاً للمليارات حول العالم. وقد لاقى إعلان ترامب ثناءَ الجانب الإسرائيلي وابتهاجه وغضبَ القادة الفلسطينيين واستنكارهم، فأعلنوا أنّهم سيمتنعون عن المشاركة في عملية سلام برعاية أمريكية. ردّاً على ذلك، اقتطعت الإدارة الأمريكية حوالي 80 في المئة من مساعداتها للاجئين الفلسطينيين، ووعدت بإجراء المزيد من التخفيضات في المساعدات إذا رفض الفلسطينيون العودة إلى عملية السلام. في غضون ذلك، اجتمع الجزء الأكبر من المجتمع الدولي، بما فيه معظم الدول الأوروبية وحلفاء واشنطن العرب، ضدّ إعلان ترامب حول القدس. أمّا الإدارة الأمريكية، فرفضت من جهتها الاتّهامات بأنّ نقل العاصمة قد هَدَفَ إلى تحديد وضع القدس مسبقاً، مشدّدةً على أنّه "اعترافٌ بالواقع" لا أكثر، الواقع الذي صنعته امريكا بنفسها لتصفية القضية الفلسطينية وقلب الحقائق وتزوير التاريخ.
غير أنّ إعلان ترامب حول القدس لم يكن "مقاربةً جديدة" لحلّ الصراع كما ادّعت الإدارة، بل هو ذروة تدهور السياسة الأمريكية المستمرّ وتراجع فعالية الوساطة الأمريكية في خلال السنوات الخمس والعشرين الأخيرة. وقد يبدو قرارُ الاعتراف بالقدس محاولةً لحلّ التناقضات الكثيرة الكامنة في عملية السلام، ليس من خلال إعادة المعايير المقبولة دولياً التي ترتكز عليها أو من خلال جعل الفرص بين الجهتَين متكافئةً، بل عبر إعادة كتابة قواعد اللعبة الدبلوماسية. وفيما كانت فرص عقْد اتفاقية سلام بوساطة أمريكية ضئيلةً جداً أساساً، لربّما أقنعت أخيراً مقاربةُ ترامب للصراع القادةَ الفلسطينيين بأنهمّ قد يخسرون أكثر إن بقوا مشاركين في عمليةِ سلام تسيطر عليها الولايات المتحدة بدلاً من الانسحاب منها. غير أنّ الاحتمالات المتضائلة للوصول إلى حلّ الدولتَين لا تأتي من دون كلفة على الولايات المتحدة.
عملية السلام
إذا لم تكن "عملية السلام" ميتة بالفعل، فإنها إنما تعيش حينئذ في مسرح دبلوماسي زائف يتم فيه تمثيل الخلافات بين الطرفين ولا تمثل إطاراً لحسم هذه الخلافات.
وبالطبع إن الظروف الراهنة، المتمثلة بالفوضى الحاصلة في الشرق الاوسط والحرب الدائرة في سوريا والعراق وحصار قطر وحرب اليمن وغيرها من الاحداث والمبادرة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة والمفاوضات التي وصلت إلى طريق مسدود وجهود "المصالحة" المتقطعة بين "فتح" و"حماس" والسياسات الداخلية الإسرائيلية والفلسطينية وتمكين المتطرفين والمواجهة مع إيران ومواضيع أخرى كثيرة، لا تخفى على أحد. إن كل هذا معروف بين الغالبية في الدائرة المعروفة باسم "صناعة السلام" بل وهو واضح حتى للمراقبين غير المتعمقين في العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية.
ويستحث هذا الوضع ثلاثة ردود فعل رئيسية بين مناصري اتفاق إنهاء الصراع. الأول اليأس، وهو الإحساس بأنه من المنتظر بعد هذا الكم الكبير من الجهود والفرص الضائعة أن يُقدر للصراع أن يتدهور وأن يفرض المتطرفون أجندتهم في النهاية، وربما تضيع رؤية إقامة الدولتين.
الاستجابة الثانية هي اللوم. مما لا شك فيه أن التحليل الشامل لنقاط الخلل الهيكلية والسياسات الخاطئة التي ربما تكون مسؤولة عن الجمود المطول هو تحليل له ما يسوغه. لكن للأسف تهبط تلك الجهود باستمرار إلى حوار الطرشان.
والاستجابة الثالثة هي التخيل. إن الفكرة أنه لو كانت قد توفرت فقط بعض العناصر المفقودة (خطاب رئاسي أو خريطة أو قرار من الأمم المتحدة أو اجتماع بين القادة أو مؤتمر سلام) لكان الأمر قد تكلل بالنجاح هي فكرة تمثل نهجاً لا يفعل أكثر من مجرد إظهار تفاؤل مفرط حول ما يمكن إنجازه في ظل الظروف الراهنة. ويسيء هذا النهج فهم تعقد الصراع بشكل جوهري وحجم التوافق الضروري في الأوضاع لإحراز تقدم حقيقي.
ولا شيء من ردود الأفعال الثلاثة هذه - اليأس أو اللوم أو التخيل - يقدم انفراجة كبيرة لأي شخص جاد في تعزيز فرص السلام الإسرائيلي الفلسطيني.