الوقت- بعد أشهر من الجدل السياسي ، أفادت مصادر مطلعة على الاتفاق بين عبدالله عبد الله وأشرف غني بوصول الطرفين الى توافق من أجل تقاسم المناصب والعمل مع بعضها البعض ، ويأتي هذا الحدث في الوقت الذي قدم فيه كل من أشرف غني وعبد الله عبد الله نفسيهما كرئيس لأفغانستان بعد الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في سبتمبر من العام الماضي ، وقد أدى كل منهما قسم اليمين في يوم واحد ولكن في موقعين منفصلين ، والسؤال الآن ما هي أبعاد الاتفاق بين المتنافسين على رئاسة الحكومة الأفغانية ، وما هي تداعيات هذا الحدث على المعادلات المستقبلية لأفغانستان؟ ومن أجل مناقشة هذه القضايا ، تحدت موقع "الوقت التحليلي" مع "بير محمد ملازهي" الخبير في شؤون أفغانستان.
تم التوصل إلى الاتفاق على ثلاثة مستويات رئيسية
وعن تفاصيل الاتفاق بين عبد الله عبد الله وأشرف غني ، قال الخبير في الشؤون الأفغانية "بير محمد ملازهي": "فيما يتعلق بالاتفاق بين غني وعبد الله ، يمكن الإشارة الى بعض المحاور الأساسية ، لكن أبعاد هذه المسألة غير مؤكدة وقابلة للنقاش، فبحسب الاتفاقية الحاصلة ، فإن 50٪ من المناصب الحكومية سيديرها فريق غني و 50٪ الأخرى ستكون من نصيب أقارب عبد الله ، وفي الواقع ، ثمة هناك تقسيم كامل للسلطة بين الجانبين ، ويمكن رؤية المحور الثاني للاتفاقية في مسألة تحديد وظائف المناصب ومسؤولي المحافظات ، بما في ذلك المحافظون والولاة ورؤساء البلديات ، وفي هذا الصدد ، يبدو أنه تم الاتفاق على منح المناصب لأقارب لعبد الله في المناطق التي حصل فيها على عدد أكبر من الأصوات ، أما في المناطق التي حصل فيها غني على المزيد من الأصوات ، سيتم فيها منح المناصب لفريقه ، هذا يعني أن غني وعبد الله سيعينان المسؤولين المحليين في هذه المناطق".
وأضاف أن "المستوى الثالث من الاتفاقية يقوم على أساس تقسيم الوزارات الأربع الرئيسية في البلاد وهي وزارة الدفاع ووزارة الداخلية ووزارة المالية ووزارة الخارجية ، وعلى ما يبدو ، تم الاتفاق على أن يتم تولي وزارة المالية والخارجية من قبل عبد الله عبد الله ، وأن تذهب وزارة الداخلية والدفاع إلى فريق أشرف غني ، ومن هنا يمكن اعتبار هذه القضايا الثلاث نقاط الاتفاق الرئيسية بين المتنافسين الرئيسيين على رئاسة أفغانستان."
وتابع الخبير الاستراتيجي قائلاً: "على الرغم من هذه المحاور الثلاثة ، فان أنصار وأقارب كل من هذين السياسيين لهم وجهات نظرهم ومواقفهم الخاصة ، حيث يعتقد أنصار عبد الله عبد الله أن تقسيم الخمسين في المائة من السلطة قد قرره كلا الجانبين بشكل نهائي ، ولكن عندما سئل أنصار أشرف غني ، فقد قالوا بانه ليس اتفاقًا نهائيًا بعد ، وما زالت المباحثات جارية ، لذلك ، يمكن القول أن الاختلافات في الرأي لا تزال على مستوى عال ، وعلى وجه الخصوص ، من المهم ملاحظة أنه تم إلغاء منصب الرئيس التنفيذي لحكومة أفغانستان ، ويبقى أن نرى ما إذا كان عبد الله عبد الله سيدخل الحكومة كرئيس للمجلس الأعلى للسلام أم لا ، وبالإضافة إلى ذلك ، يجب الاخذ بعين الاعتبار بان رئاسة مجلس السلام لها تعقيداتها الخاصة ؛ لأنه في الوقت الراهن فان اتفاق الجانبين لا يحتسب ، لأنه ثمة هناك دور ورأي ممثل ثالث يدعى طالبان ، والذي يدعي توليه زمام الأمور في الحكومة ، وبشكل عام ، لم تتوصل الحكومة بعد إلى حل للأزمة والتفاوض مع طالبان".
دور الجهات الأجنبية في الاتفاق بين عبد الله وغني
وحول دور الولايات المتحدة الامريكية في الاتفاق بين عبد الله وغني قال ملازهي: "ان الولايات المتحدة لعبت بالتأكيد دوراً في ذلك ، لأن زلماي خليل زاد ، المبعوث الأمريكي لأفغانستان ، أجرى عدة جولات من المحادثات مع عبد الله عبد الله وأشرف غني ، تمكن فيها من إقناع الجانبين بالموافقة وتقاسم السلطة ، ولكن ينبغي الانتباه هنا إلى أن أمريكا ليست الوحيدة التي لعبت دوراً في هذه المسألة ، فهنالك جهات فاعلة أخرى مثل إيران وباكستان و.. إلخ ، بذلت جهودًا للتوسط بين الجانبين ، لذلك ، يمكن القول أن الأطراف الثلاثة هذه عملت بشكل متضافر للتوصل إلى اتفاق بين غني وعبد الله ، فقد لعبت الولايات المتحدة الامريكية والمنظمات الدولية دوراً إيجابياً على المستوى الدولي ، وعلى المستوى الإقليمي ، لعب جيران أفغانستان دوراً قيادياً أيضاً ، وعلى المستوى المحلي ، بُذلت جهود إيجابية لنزع فتيل التوترات".
في حال تم وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق ، سوف تتسارع وتيرة المحادثات الأفغانية- الأفغانية
وفي ختام حديثه ، يعتقد خبير الشؤون الأفغانية أنه إذا تم الانتهاء من الاتفاق بين عبد الله عبد الله وأشرف غني ، فإن العملية ستكون لصالح الهيكل السياسي القائم ، حيث ان الهيكل الحالي هو هيكل ديمقراطي يتم فيه تضمين آليات مثل حرية الصحافة وحرية التعبير والانتخابات وحرية المرأة وما إلى ذلك ، لكن الجزء الآخر من السلطة وهي طالبان ، لا تزال لا تقبل هذا الهيكل ، ويبدو الآن أن المحادثات الأفغانية الأفغانية ستبدأ وستتسارع وتيرتها إذا ما تم التوصل الى اتفاق نهائي بين الجانبين ، ولن تتمكن طالبان بعد الآن من مقاومة المحادثات مع الحكومة المركزية.