الوقت- عاد تنظيم داعش الإرهابي إلى الواجهة العراقية من جديد، حيث أوضح الجيش العراقي أنَّه رصد تحركات مشبوهة بعد عمليات متابعة في بعض المحافظات العراقية، مما يدل على أنَّ التنظيم الإرهابي قد استجمع قواه خلال الفترة المنصرمة التي أعقبت الاحتجاجات الشعبية في البلاد، بالإضافة إلى تأخر تشكيل الحكومة العراقية، ناهيك عن أزمة فيروس كورونا المستجد، فاستغل "داعش" هذه الفترة لإعادة رصِّ صفوفه المنهارة في بعض الأوكار أو التجمعات المنتشرة في أطراف العراق خاصة على الحدود مع سوريا.
لكن السبب الأهم والأبرز والذي ينطوي تحته كل ما ذكر، هو ما شهده العراق خلال الأشهر الفائتة من احتجاجات شعبية كبيرة تدعو لإخراج القوات الأمريكية نهائياً من البلاد، وماتبعه من إحراق لسفارة الولايات المتحدة الأمريكية في بغداد، بعد جريمة الاغتيال البشعة التي ارتكبتها الولايات المتحدة بحق رمزيّ المقاومة الإسلامية اللواء قاسم سليماني، وأبو مهدي المهندس، مما صب غضب القيادة الأمريكية على العراقيين أكثر فأكثر، و دفعها لإعادة نشر دواعشها في الساحة العراقية، في محاولة يائسة لإطالة أمد مكوثها في العراق.
وسنشير هنا إلى أبرز النقاط التي تؤكد تورط الولايات المتحدة الأمريكية في إعادة نشر عناصر تنظيمها الإرهابي "داعش" في العراق:
أولاً: استغلت الولايات المتحدة فرصة الانشغال العالمي بأزمة فيروس كورونا المستجد، لتبدأ ببث شرورها سعياً لإثارة البلبلة على الساحة العراقية، وهذا ما تؤكده تقارير إعلامية عدة، وصفت التحركات الأمريكية على الحدود السورية-العراقية بالـ"مشبوهة"، وبينت تلك التقارير أن أمريكا تنقل عناصرها الداعشية من سوريا إلى العراق، في معاقبة للعراقيين بعد أن صوت البرلمان العراقي على ضرورة إخراج القوات الأمريكية من العراق بشكل فوري، وبذلك تحاول الولايات المتحدة إعادة العراق إلى المربع الأول، إيماناً منها بأن استمرار الفوضى في البلاد، يطيل من مدة بقائها على الأرض العراقية.
ثانياً: حرب بالوكالة تقودها الولايات المتحدة ضد الشعب والمقاومة العراقية، ويتمثل هدف الأمريكيين من هذا السيناريو في حرف انتباه العراقيين عن الوجود العسكري الأمريكي في بلادهم، وقد نشر الصحفي العراقي المعروف "نجاح محمد علي" ، مقطع فيديو يبرهن بشكل واضح التعاون الأمريكي مع إرهابيي مايسمى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وقال الصحفي في مقطع فيديو نشره على حسابه الشخصي على تويتر: " نقلت الطائرة الأمريكية عدداً كبيراً من إرهابيي تنظيم داعش من قواعده في سوريا إلى المناطق الواقعة بالقرب من القواعد العسكرية للجيش والحشد الشعبي على الحدود مع سوريا"، وتوثق الصور مشاهد هبوط عناصر داعش الإرهابي من المظلات، وسميت العملية بـ"هيلي برن".
ثالثاً: لم يعیش العراق فترة استقرار منذ العام 2003، ومازال هذا البلد باحثاً عن الديمقراطية والأمن، يتلقى الصدمات والمخططات الرامية لبث الفرقة والفتنة بين أبنائه، مرة من خلال تهييج الشارع وخلق نزاع بين الحكومة والمواطن، وأخرى من خلال إشعال نار الحرب بإطلاق عناصر الإرهاب الداعشي لإثارة الخراب والرعب، وغيرها الكثير من مخططات الفتنة بين المذاهب لإشعال حرب بين أبناء البلد الواحد، وكل ذلك لا يخدم إلا الولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى لضبط الأمور على إيقاع مصالحها.
رابعاً: بينت تقارير استخباراتية عراقية أن تنظيم داعش الإرهابي قد يعود إلى الظهور في العراق مجدداً، وبعد انتشار تلك التقارير الاستخبارية زار وزير الخارجية الأمريكي، "مايك بومبيو" العراق، وقابل الرئيس العراقي "برهم صالح" وبعض المسؤولين العراقيين وعرض عليهم المساعدة الأمريكية من جديد، وبالتالي طرح صفقة جديدة للعلاقات بين البلدين تقوم بشكل أساسي على بقاء القوات الأمريكية في العراق، تحت عنوان مساعدة الجيش العراقي للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي، حيث أن فصائل المقاومة العراقية في الحشد الشعبي ترفض رفضاً قاطعاً وجود القوات الأمريكية في العراق، مايؤكد حقيقة دور الولايات المتحدة في تهييج الأوضاع بين الفينة والأخرى، لتحقيق مكاسبها على حساب العراق وشعبه، فما تريده أمريكا مدة أطول للعراق في دوامة العنف وعدم الاستقرار، لفرض واقعها الدموي و التخريبي، جاثمة على قلوب الشعوب والدول.