الوقت- لطالما لمع اسم رامي مخلوف في الداخل السوري على أنه رجل أعمال بارز يملك أسهم كبيرة في كبرى الشركات السورية ويدير بشكل شخصي جزءا منها، وما ان بدأت الأزمة السورية حتى أعلن مخلوف عن نيته التوجه نحو العمل الانساني وعرض اسهم من شركاته للاكتتاب العام ليستفاد عدد أكبر من السوريين من هذه الشركات، حيث كان يعتقد أن هذا الأمر يخفف من معاناة السوريين ويدعم الاقتصاد، وخلال سنوات الأزمة التسعة لم يظهر رامي مخلوف اطلاقا على اي وسيلة اعلامية، إلا أنه وقبل أيام عاد اسمه ليلمع من جديد ولكن ليس في الاقتصاد والاستثمارات وانما في اتهامات موجهة له فيما يخص "التهرب الضريبي" وعدم دفع استحقاقته للدولة السورية.
يبدو أن رامي مخلوف شعر انه في دائرة الخطر هذه المرة وأن أمواله واستثماراته في سوريا قد تتلاشى مع مرور الزمن، ومن هذا المنطلق وجه رسالة إلى ابن عمته الرئيس السوري بشار الاسد رسالة مباشرة، خلال اطلالته عبر فيديو بث مباشر من حسابه الشخصي على "فيسبوك"، يطلب فيها من الرئيس التدقيق والنظر في الإجراءات التي تتخذها الحكومة ضد شركة الاتصالات التي يملكها، مناشدا الرئيس الأسد أن يتدخل لمنع انهيار الشركة بسبب الأموال المبالغ الكبيرة التي فرضتها الحكومة على الشركة.
وقال مخلوف مخاطبا الأسد، "لن أحرجك ولن أكون عبئا عليك ولكني أريد أن أشرح لك الموقف"، مضيفا: "أنت تعرف كم قدمت منذ بداية 2011 وكيف تنازلت عن الأملاك علنا ارسل من شئت لتدقيق الأوراق وهذه هي الحقيقة ولكني تعبت من هذا الطاقم".
وقال مخلوف أن شركته "سيرتيل" لا تتهرب من دفع الضرائب وهي تدفع للدولة بشكل منتظم، لكن مطالبة الحكومة بدفعات إضافية لا تتطابق مع بنود العقد بين الشركة والحكومة حسب ما يقول مخلوف، ولا تتناسب مع دخل ومصاريف الشركة، ورغم ذلك يؤكد مخلوف انه على استعداده لدفع المبلغ الجديد رغم أنه مجحف حسب وصفه، لكنه طلب في الوقت ذاته جدولة حسابات وفرض الضريبة بحيث لا تنهار الشركة ولا يتضرر المشتركون.
واشار مخلوف في الفيديو أنّه يتشارك "مع الدولة الأرباح مناصفة، قائلا إن شركته تقاسم عائداتها والأرباح مع الدولة بالمناصفة هذا بخلاف دفع الضرائب، وأضاف "كنّا منذ عدة سنوات وما زلنا ندفع وبشكل شهري مليار ونصف مليار ليرة سورية وكلها يذهب للعمل الخيري لدعم أهلنا وخدمة الجرحى ورعاية ذوي الشهداء.
وقال رامي مخلوف ان شركاته قدمت وتقدم أهم الخدمات للبلاد، وتَرْفُد الخزينة العامة بسيولة نقدية بما يزيد عن عشرات مليارات الليرات السورية دورياً، وتُشغل ما يقارب (10.000) عشرة آلاف موظف سوري برواتب تُعَدّ الأعلى في البلاد، وتَخْدُم هذه الشركات أكثر من (11.000.000) أحد عشر مليون مشترك، إضافة لتشغيل أكثر من (80.000) ثمانون ألف نقطة بيع موزعة في سوريا. ويحصل كل ذلك في ظل الظروف الصعبة التي تَمُر فيها البلاد.
واضاف مخلوف: بأن معظم أرباح شركاتنا (نحو 75% منها) ذهبت، خصوصاً في السنوات العشر الأخيرة إلى مؤسسات وجمعيات إنسانية بهدف خدمة أهلنا في سوريا، كونهم الأولى بالخدمة والعون بظل تلك الظروف الصعبة وان كل ذلك موثق بسجلات الشركات والمؤسسات والجمعيات الإنسانية الخيرية التي تم التبرع لها.
الحكومة لم تتأخر في الرد
ردّت الحكومة السورية على بيان رامي مخلوف، بتمسّكها بمطالبته بسداد مستحقات مالية لـ"الدولة السورية"، رغم محاولاته "التشويش" على ذلك، في إشارة إلى الفيديو الذي بثه مخلوف، مساء الخميس، وطالب فيه الأسد بالتدخل.
وكانت "هيئة الاتصالات" الحكومية طالبت، الأربعاء، شركتي "سيريتل"، التي يملك مخلوف معظم أسهمها، و"إم تي إن"، بدفع "مبالغ مستحقة لخزينة الدولة تبلغ 233.8 مليار ليرة سورية" (334 مليون دولار)، استناداً إلى قرار صدر عن رئاسة الوزراء، وفي مهلة تنتهي الثلاثاء المقبل.
وقالت "هيئة الاتصالات"، في بيانها إن "المبالغ المطلوب سدادها من شركتَي الاتصالات حُسبت وفقاً لوثائق واضحة وموجودة"، لافتة إلى أن المبالغ التي تُطالِب بها الهيئة شركة "سيريتل" مستحقة، ولا علاقة لها بقضية التهرب الضريبي الذي يتم العمل عليها من قِبل "الجهات المختصة"، وأنها ماضية في تحصيلها، ويجب سدادها لتحقيق التوازن في الرخص.
وبينت أنه حفاظاً على استمرار عمل الشّبكة الخلوية واستمرار تقديم خدماتها للمواطنين، تمّ الأخذ بعين الاعتبار كافة تحفظات الشّركات واعطائها المهل والمدد التي طلبتها، وبعدها – ورغم عدم منطقيتها- تمّ اعتماد كافة البيانات والأرقام المقدمة منها وبعد كل ما سبق تمّ احتساب القيمة الفعليّة للمبالغ المطالبين بتسديدها.
قضية المخدرات
ردّ رجل الأعمال السوري رامي مخلوف على ما نُشر في وسائل الإعلام حول قيام السلطات المصريّة بتوقيف حاويات تنقل مخدّرات تمّت تعبئتها ضمن علب خاصة بمنتج الحليب الذي تصدّره شركة "ميلك مان" المملوكة منه.
واستنكر مخلوف لجوء تجّار مخدرات إلى استخدام منتجات شركته للقيام بهذه الأعمال وقال: "إن من يشوّه هذا العمل التنمويّ من خلال تفريغ هذه اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت وتعبئتها بالمواد المخدّرة هو جبان حقير يحمل قمّة الإساءة لعملنا وشركتنا".
وطالب مخلوف الجهات المعنيّة في سوريا بـ"أن تضع حدّاً لمثل هذه الممارسات في اﻟﺒﻼد وبأن تلاحق من يصنع ويتاجر بهذه المواد المخدّرة المخرّبة لعقولنا والمؤذية لأولادنا".
ولفت مخلوف إلى أنّ المجموعة المسؤولة عن هذه الأعمال الدنيئة تعمل على إنتاج هذه المواد وبهذه الكميات، من خلال نفوذ وقدرات كبيرة. لأنّه لا يمكن إنتاج هذه الكمّيات ﻓﻲ دكاكين صغيرة بل تحتاج إﻟﻰ أماكن كبيرة وتمويلات ضخمة وقدرات عالية من عمّال وآﻻت وأسطول نقل.
في الختام؛ تحدثت تقارير عدة عن توتّر في العلاقة بين الأسد ومخلوف لم تتضح حقيقته، وعن مصادرة وسائل إعلام محلية كان يديرها مخلوف، ومقرات جمعية خيرية تابعة له.
وهناك تقارير أفادت بأن مخلوف لجأ الى "البث المباشر" لأن جميع الطرق الى القصر الرئاسي في دمشق مغلقة أمامه، والبعض اعتبر ان سوريا قادمة على حملة واسعة ضد "الفساد" بعد ان شارفت الحرب على نهايتها في بادرة جديدة لطي صفحة الحرب والبدء بإعادة الاعمار ومنع اي أحد من الاستئثار بالاقتصاد، واعادة هيبة الدولة واشرافها المباشر على عجلة الاقتصاد في البلاد قبل ان يفوت الآوان وتخرج الأمور عن سيطرة الحكومة.