الوقت- لقد مرت شهور منذ الانتخابات الرئاسية الأفغانية، لكن الوضع في أفغانستان لا يزال غير واضح ولا يزال الخصمان الرئيسيان في أفغانستان، "أشرف غني" و"عبد الله عبد الله"، يشكلان تحديًا، ولا يزال فريق "عبد الله عبد الله" المسمى بفريق "الاستقرار والتقارب" غير معترف بنتائج الانتخابات الرئاسية وفوز "أشرف غني" والانتخابات الرئاسية. ومع ذلك، أفادت بعض المصادر الإخبارية مؤخرا عن مشروع يسمى "الحكومة التشاركية" يهدف إلى كسر الجمود في الوضع السياسي والمستقبلي للرئاسة الأفغانية.
قصة "الحكومة التشاركية" في أفغانستان
لقد تم تقديم مقترح الحكومة التشاركية الأفغانية من قبل مصادر تابعة لفريق "عبدالله عبد الله" وفي هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الاخبارية بأن زعيم حزب "التقارب والاستقرار" الافغاني "عبد الله عبد الله" أعلن عن موافقته لتشكيل حكومة تشاركية مع الرئيس الافغاني "محمد أشرف غني". وفي هذا الصدد، قال "باتور دوستم"، رئيس المجلس المركزي لحزب الحركة الإسلامية الوطنية، إن فريق حزب "الاستقرار والتقارب" الافغاني، يخطط لتحقيق المثل الأعلى للأمة، وسوف يلغي نتائج الانتخابات المزورة، ويعدل النظام، وينتخب رؤساء البلديات والعديد من قادة السلطات التنفيذية وسوف يقوم بتنفيذ الكثير من الأشياء الأخرى التي تعتبر مطالب مشروعة للشعب. وهنا يمكن القول أنه على ما يبدو أن فريق "عبد الله عبد الله" يضغط من أجل تشكيل حكومة تشاركية، وذلك عقب تزايد حدة المخاوف بشأن مستقبل أفغانستان وفشل محادثات السلام مع حركة "طالبان"، وهذه القضايا هي التي دفعت "عبد الله عبد الله" باقتراح شراكة لإنهاء الجمود السياسي داخل البيت الافغاني.
عوائق تشكيل "الحكومة التشاركية" في أفغانستان
أولاً، انعدام الثقة: لا شك في أن انعدام الثقة المتزايد بين الفريقين الانتخابيين هو أهم عقبة أمام تشكيل "الحكومة التشاركية" في أفغانستان وعدم الثقة هذه تنبع من الأداء الفاشل لـ"أشرف غني" خلال رئاسته السابقة وأثناء شراكته السلطة مع "عبد الله عبد الله" في شكل "حكومة وحدة وطنية". ووفقًا لاتفاق سابق بين "عبد الله عبد الله" و"أشرف غني" خلال الانتخابات الرئاسية السابقة، كان من المقرر تشكيل تحالف "زعماء القبائل الافغانية" وادخال تعديلات على الدستور الأفغاني لتعيين رئيس وزراء إلى جانب رئيس للبلاد، ولكن في الانتخابات الأفغانية السابقة، لم توافق حكومة "أشرف غني" أبدًا على هذه التعديلات ولم تمنح الاذن بتشكيل تحالف "زعماء القبائل الافغانية".
وبناءً على ذلك، وعلى الرغم من بعض الاقتراحات التي قدمها "أشرف غني" لـ"عبد الله عبد الله" للمشاركة في السلطة، فقد بحث "عبد الله عبد الله" بالفعل خطة منفصلة، سماها حكومة تشاركية، دعا فيها إلى ضمان تقسيم السلطة بين الاحزاب الأفغانية المختلفة. من ناحية أخرى، لم يستجب "أشرف غني" حتى الآن بشكل إيجابي ورسمي لهذه الاقتراح، وبالنظر إلى مساهمة "عبد الله عبد الله" بنسبة 60 في المائة في الحكومة التشاركية، بما في ذلك تعيين المسؤولين المحليين، فإن رد "غني" الإيجابي على هذا الاقتراح سيكون بعيد المنال. وفي هذا السياق، يبدو أن "أشرف غني" سوف يستغل خطة "عبد الله" الخارجة عن إطار الدستور الأفغاني، لإقناع الرأي العام في أفغانستان على اتخاذ موقف سلبي تجاه ذلك الاقتراح. في الواقع، إن عدم ثقة "عبد الله عبد الله"، يواجهها أيضا شعور "أشرف غني" بالقلق من فقدان سلطته وفقدان سيطرته على الساحة السياسية الأفغانية.
ثانياً، الفسيفساء العرقية والسياسية المتنوعة: ليس هناك شك في أن واحدة من أهم المشاكل والتحديات التي سوف تتسبب في عدم نجاح الفريقين السياسيين المتنافسين في أفغانستان، وهما فريق "الاستقرار والتقارب" بقيادة "عبد الله عبد الله" والفريق الحكومي بقيادة "أشرف غني"، للتوصل إلى اتفاق شامل، هو وجود مجموعات وأحزاب سياسية متنوعة بين هاتين المجموعتين السياسيتين الرئيسيتين. وفي الوقت الذي أعلن فيه "عبد الله عبد الله" عن اقتراحه لتشكيل "حكومة تشاركية"، أفادت بعض المصادر بوجود خلافات بين بعض الأحزاب والجماعات السياسية المقربة من "عبد الله" حول قبول أو رفض هذا الاقتراح.
ويضم الفريق الانتخابي لحزب "الاستقرار والتقارب" بقيادة "عبد الله عبد الله" مجموعة متنوعة من الشخصيات السياسية والعرقية، بما في ذلك "زلماي رسول" و "بعض إخوة الرئيس السابق" و"جول شيرزاي" و"عمرو الله صالح" وكذلك الجنرال "دوستم" الشخصية البارزة من "الأوزبك" و"أحمد ضياء مسعود" والفروع التابعة لحزب "حكمتيار" الإسلامي، ويُظهر هذا الوضع التركيبة السياسية والعرقية المتنوعة للفريق الانتخابي لحزب "الاستقرار والتقارب". في الواقع، قد لا تكون بعض هذه المجموعات مستعدة لتقديم تنازلات لـ"أشرف غني"، على عكس "عبد الله عبد الله"، وقد تكون هذه القضية عقبة رئيسية أمام التوصل إلى اتفاق، ولهذا فإنه من المحتمل أننا سنرى انقسام داخل فريق "عبد الله عبد الله" الانتخابي.
مستقبل مفاوضات السلام الافغانية
إن واحدة من أهم القضايا المتعلقة بمستقبل الحكومة في أفغانستان هي مستقبل محادثات السلام مع حركة "طالبان" وفي هذا السياق، يعتقد بعض الخبراء أن ما دفع "عبد الله عبد الله" لعرض الانضمام إلى حكومة "أشرف غني"، هو قضية محادثات السلام وعودة حركة "طالبان" إلى المشهد السياسي الأفغاني. في الواقع، على الرغم من أن "عبد الله عبد الله" لم تكن له رغبة كبيرة في إلغاء نتائج الانتخابات السابقة، إلا أنه يبدو الآن أن "عبد الله" قام بتعديل مطالبه الأولية جزئيًا من خلال تقديم اقتراح لتشكيل حكومة قائمة على المشاركة وربما يكون تعديل مطالب "عبد الله عبد الله" أكثر من أي شيء آخر بسبب قلقه الأكبر بشأن انسحاب جزء من المجتمع الأفغاني من محادثات السلام مع حركة "طالبان".
في الواقع، بما أن "عبد الله عبد الله" كان يدير حركة تمثل الهزارة الأفغان والجبهة الشمالية لأفغانستان، فإنه قلق من أنه مع تولي "أشرف غني" السلطة الكاملة وسعيه الحصري للدخول في محادثات السلام مع حركة "طالبان"، فإن أفغانستان سوف تتحرك نحو احتكار السلطة لصالح "البشتون" وأن حكومة "غني" سوف تتحرك نحو محادثات السلام مع "طالبان"، وهذا الوضع سيخلق وضعا أكثر صعوبة بالنسبة لـ"الهزارة" ولـ"عبد الله عبد الله" شخصياً.
لذلك، يسعى "عبد الله عبد الله"، باقتراحه حكومة تشاركية، إلى منع الاحتكار المطلق للسلطة في أيدي الجماعات البشتونية السياسية والعرقية المكونة من حكومة "أشرف غني" و"طالبان"، بالإضافة إلى مشاركة "الهزارة" ومجموعات الأقليات السياسية والعرقية الأخرى في الهيكل السياسي للحفاظ على قوة أفغانستان. وبناء على ذلك، فإن أحد أهم أجزاء اقتراح "عبد الله عبد الله" لتشكيل حكومة تشاركية هو إنشاء وزارات للمصالحة برئاسته شخصياً لدفع عملية السلام مع حركة "طالبان".وفي الختام يمكن القول إن المفاوضات التي لم يتحدد مصيرها بعد، والتي من غير المرجح أن تحلها الحكومة المركزية في "كابول"، من غير المرجح أن تصل إلى نتيجة شاملة خلال الفترة القليلة القادمة.