الوقت - بعد المؤتمر الثالث لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني في نوفمبر 2010، شهد هذا الحزب السياسي تراجعاً بالتدريج.
إن ضعف أصوات هذا الحزب في الانتخابات البرلمانية العراقية من جهة، وانعزال مؤسس الحزب والقائد الشعبوي "جلال طالبان" في أواخر العام الماضي من جهة أخری، وجَّها ضربةً قويةً لهذا الحزب السياسي المتجذّر في كردستان العراق.
وعلى الرغم من أن المؤتمر الرابع كان من المقرر عقده في عام 2014، إلا أن الانقسامات الداخلية بين الشخصيات البارزة والمتنافسين الرئيسيين في هرم السلطة الرئيس، حالت دون حدوث ذلك.
أخيرًا، وبعد سنوات من الصعوبات والخلافات في حزب الاتحاد الوطني، تشکل إجماع كبير في نهاية 2019 بين الفصائل المتنافسة، لعقد المؤتمر الرابع في السنة الرابعة والأربعين لنشاط الحزب. وعقد المؤتمر الجديد يومي 21 و 24 ديسمبر 2019.
لقد رأی قادة الأحزاب والمراقبون السياسيون أن زمن التوتر والتعددية الحزبية والمسار التراجعي للحزب قد ولی، وجاء زمن إحياء الاتحاد الوطني في مرحلة ما بعد جلالي.
ومع ذلك، فإن اتجاه التطورات الداخلية وأداء الحزب الديمقراطي الكردستاني في الأيام التالية للمؤتمر، يدلان على أنه لا يزال هناك مستوى من الأزمة يثقل كاهل الحزب، وليس هناك توافق في الآراء حول كيفية حل قضية القيادة. ولا يزال من غير الواضح من الذي سيقود الحزب؛ خاصةً أن مسألة القيادة المشتركة قد أثيرت أيضًا في الظروف الجديدة.
لكن السؤال المطروح الآن هو، ما سبب الخلافات والتوترات بعد المؤتمر، وما هو السيناريو المحتمل للحزب في المستقبل، وكيف سيؤثر استمرار التوترات على موقع الحزب فيما يـتعلق بالسلطة في كردستان؟
للإجابة علی هذه الأسئلة، سنتطرق أولاً إلی جذور الأزمة الداخلية للاتحاد الوطني بعد المؤتمر الرابع، ثم نقدم النتائج المحتملة لاستمرار التوترات.
المنافسة بين أبناء العمومة على السلطة
ليلة مرض الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني وانعزاله، انقسم حزب الاتحاد الوطني إلى تيارين رئيسيين، أحدهما يُعرف بعنوان "تيار الأسرة أو الأغلبية"، بقيادة "هيرو إبراهيم أحمد" عقيلة جلال طالباني وأبنائه وأبناء أخيه.
أما التيار الآخر، فهو تيار "مركز صنع القرار" برئاسة "كوسرت رسول" نائب الأمين العام لحزب الاتحاد الوطني. وفي حين أن هناك تيارات أخرى تحت قيادة قادة آخرين، ولکنها ليست كبيرةً وقويةً بما يكفي ليتم ذكرها بشكل مستقل.
الخلاف بين التيارين وصل إلی ذروته أثناء الاستفتاء بشأن استقلال كردستان، حيث دعم تيار كوسرت الاستفتاء، بينما عارض تيار هيرو زوجة جلال طالباني ذلك.
ومع ذلك، في فترة ما بعد الاستفتاء، نجح تيار العائلة بقيادة ابني عم أي "بافل طالباني" الابن الأكبر، و"لاهور شيخ جنكي" ابن شقيق جلال طالباني، في الاستيلاء على السلطة وتحقيق انتصارات كبيرة خلال المؤتمر الرابع.
لكن هذه ليست نهاية القصة، حيث لتولي قيادة حزب الاتحاد الوطني والأمين العام الجديد، تشكل الآن تنافس كبير بين صديقين وابني عم. فمن ناحية، يريد "بافل" کخليفة لطالباني أن تلقی إليه رئاسة الحزب، ومن ناحية أخرى يعتبر "لاهور" نفسه مديراً ومنظراً استراتيجياً لمرحلة العبور والانتقال، ويعتقد أنه استمرار للطريقة "الجلالية" الحقيقية، وينبغي اختياره كقائد بالنظر إلى نفوذه وشعبيته.
نظام الرئاسة المشتركة أو فوز أحد أبناء العمومة
في خضم التنافس بين بافل طالباني ولاهور شيخ جنکي للحصول على السلطة وتولي الأمانة العامة للاتحاد الوطني الكردستاني بعد المؤتمر الرابع، يبدو أن هناك مقترح في الظروف الجديدة يقوم علی أساس نظام الرئاسة المشتركة أو تقاسم الرئاسة بين شخصين.
سبق أن اقترحت الأحزاب الکردية في تركيا وحزب العمال الكردستاني نظام الرئاسة المشتركة كنظام للرئاسة، ويتم تطبيقه الآن في كل من حزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي.
لکن السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو، هل يمكن أن يكون هذا النظام الجديد والمبتكر هو الحل أم إنه يمكن أن يجلب المزيد من الأزمات في المستقبل؟
وعلى الرغم من أنه بالإضافة إلى تصدي لاهور أو بافل لمنصب الأمين العام، فإن "أحمد صالح" هو خيار جاد أيضاً لتولي هذا المنصب، لكن الأدلة تشير إلى أن لاهور وبافل، اللذين لعبا دوراً رئيساً في رئاسته للجمهورة، لا يؤيدان تنامي سلطته. کما يبدو أن نظام الرئاسة المشتركة غير ملائم إلى حد ما للساحة السياسية في كردستان، ولا يمكن أن يعمل بشكل صحيح.
آثار استمرار أزمة الرئاسة على مستقبل حزب الاتحاد الوطني
استمرار المنافسة والخلاف حول تعيين الأمين العام المقبل للاتحاد الوطني الكردستاني، لن يكون له نتائج إيجابية لهذا الحزب علی الإطلاق.
أولاً، إن استمرار هذا التنافس سيمنح الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي المزيد من القوة، وسيكون فراغ القوة الموجود أساساً جيداً لزيادة قوة هذا الحزب في مجال تطورات الإقليم.
ثانياً، ستشكل المنافسة المستمرة وغياب القيادة، عقبةً رئيسةً أمام الإجراءات الفعالة لحزب الاتحاد الوطني، وسوف تؤثر على أدائه في السليمانية وحلبجة.
ثالثاً، إن الإخفاق في تعيين رئيس للحزب، سوف يقلل بشكل كبير من ثقة الجمهور بحزب الاتحاد الوطني الكردستاني.