الوقت-بعد مرور أشهر من المناكفات والسجالات في أمريكا، انتهت أخيرا العملية التي بدأت بكشف معلومات تتعلق بالاتصال الهاتفي المثير للجدل لدونالد ترامب مع رئيس جمهورية اوكرانيا وتطورت فيما بعد الى مستوى استدعاء الرئيس الامريكي من قبل مجلس النواب الأمريكي، وانتهت بتبرئة الأخير في مجلس الشيوخ.
وبرّأ مجلس الشيوخ الأمريكي الرئيس ترامب من تهمتين هي "إساءة استخدام السلطة" و "عرقلة عمل الكونغرس". وبهذا سيبقى دونالد ترامب في البيت الأبيض حتى نهاية ولايته الأولى.
وخلال التصويت الذي جرى في مجلس الشيوخ الأمريكي، صوت 52 من أعضاء المجلس لمصلحة تبرئة دونالد ترامب من تهمة "إساءة استخدام السلطة"، وفي المقابل، وجد 48 من أعضاء مجلس الشيوخ أن الرئيس الأمريكي متهم في هذا الموضوع. واثناء هذا التصويت، وقف النائب الجمهوري ميت رومني الى جانب النواب الديمقراطيين. وفيما يتعلق بالاتهام الثاني لمجلس الشيوخ حول عرقلة عمل الكونغرس، صوت 53 نائباً لمصلحة تبرئة ترامب، مقابل 47 رأياً مخالفاً.
ولا يمكن تنفيذ مشروع الاستجواب الذي طرحه الديمقراطيين إلا بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ أي بأغلبية 67 صوتاً. في حين يشغل الحزب الجمهوري أغلبية مقاعد مجلس الشيوخ. ومع ذلك، لا يبدو أن انتهاء الجلسة القضائية لمجلس الشيوخ تمثّل نهاية قصة "أوكرانيا غيت"، خاصة وأن النواب الجمهوريين، على عكس الإجراءات السابقة، لم يسمحوا بتقديم شهود وأدلة جديدة إلى المحكمة.
ويحظى هذا الأمر بأهمية خاصة لأنه كان من المتوقع أن أفراداً مثل مستشار الأمن القومي السابق في البيت الأبيض جون بولتون ومايك مالون، رئيس أركان البيت الأبيض، لديهم معلومات دقيقة حول الضغوط التي مارسها ترامب على أوكرانيا، وكان من الممكن أن تغير تلك المعلومات اتجاه المحاكمة. ولكن نظرًا لأن أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ أدوا اليمين الدستورية ومن ضمنهم هيئة المحلفين قبل المحاكمة وذلك لدعم المدعى عليه تحت أي ظرف من الظروف، فقد حكمت المحكمة في النهاية لمصلحة الرئيس الأمريكي، لكن استطلاعات الرأي تشير إلى أن الرأي العام لا يتوافق مع رأي أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين حول تبرئة ترامب في قضية أوكرانيا غيت.
وفي استطلاعات الرأي الأخيرة، قال ما يقرب من نصف الذين شملهم الاستطلاع أن ترامب كان يتوجب تنحيته من منصب رئاسة الجمهورية. لكن بالطبع لم تستطع نصف وجهات نظر الرأي العام الأمريكي المعارضة للرئيس ترامب، اقناع النواب الزملاء لترامب في ذات الحزب بعدم الوقوف مع الرئيس في محاكمته. ومع ذلك، من المتوقع أن تؤثر عملية مجلس الشيوخ والتبرئة السياسية لترامب في نهاية المطاف على نتائج الانتخابات الرئاسية.
وكانت هذه هي المرة الأولى في التاريخ الأمريكي التي يتم فيها استجواب رئيس جمهورية في الفترة الأولى من الرئاسة وقبل الانتخابات. ويأمل الديمقراطيون أنه بالكشف عن عملية الاستجواب، سوف يصبح الرأي العام أكثر دراية بانتهاكات ترامب للقانون وسيصوتون ضده في ايام الانتخابات.
ومن ناحية أخرى، يأمل الجمهوريون أيضًا في أن تؤدي هزيمة الديمقراطيين في استجواب ترامب إلى موجة من الدعم لرئيس الجمهوريين الحالي ما يحقق له فوزاً أكبر عن انتخابات ترامب في عام 2016.
ومع ذلك، ما سيحدث في نهاية المطاف في يوم الانتخابات غير واضح في الوقت الحالي، ولكن يبدو من المؤكد أن قضية أوكرانيا لن تنتهي بتصويت مجلس الشيوخ، وهذه الفضيحة ستبقى لسنوات طويلة جرحًا لاذعًا في المناقشات السياسية الأمريكية. وانتقد السناتور تشاك شوم، زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، العملية التي حدثت في مجلس الشيوخ، قائلاً إنها كانت بداية نهاية الديمقراطية، وبالطبع بداية جدال سياسي قانوني مكثّف في أمريكا.