الوقت- كشف الرئيس الأمريكي بعد سلسلة من المناورات والدعاية المكثفة خلال حفل حضره رئيس الوزراء الإسرائيلي مساء الثلاثاء ، عن خطة أمريكية - صهيونية وضد الفلسطينيين ، تُعرف باسم "صفقة القرن" والتي يتم فيها الاعتراف رسمياً بان القدس هي العاصمة الموحدة لاسرائيل ، وفي المقابل تم وضع ظروف صعبة لتشكيل الدولة الفلسطينية.
أثارت هذه الخطة الكثير من ردود الفعل الرسمية والشعبية في الدول الإسلامية. حيث عقدت جامعة الدول العربية يوم السبت اجتماعًا طارئًا على مستوى وزراء خارجية الدول الأعضاء لمناقشة هذه الخطة.
وحضر الاجتماع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وقد كان خطاب محمود عباس مليئًا بخيبة الأمل. وقال في جزء من خطابه: "أنا أيضًا واحد من اللاجئين الذين لا تمنحهم صفقة القرن الحق في العودة إلى بلدنا".
وكان هذا هو أبسط وصف له لصفقة القرن. وهذا يعني أن حصته من المحادثات الهاتفية والحضورية وجهاً لوجه مع ترامب منذ فترة طويلة لم تأت بأي نتيجة.
وتعتبر هذه الخطة فظّة جداً ومن جانب واحد حيث لم يتمكن أي شخص من الدفاع عنها علانية.
لذلك ، ينبغي أيضًا النظر إلى الاجتماع الطارئ لجامعة الدول العربية حول هذه المسألة على أنه استجابة محافظة في المقام الأول لمنع المبادرة من السقوط من جيوب الدول التي تسعى لان يكون لها دور فعال في المنطقة ، وثانياً استجابة لغضب شعوب الدول العربية التي لا يمكن لحكوماتها أن تكون غير مبالية بهذا الامر.
لأن صفقة القرن هذه ليست خطة حل وسط وفعال وإنما سلام اجباري ومهين ، يدعو الشعب الفلسطيني إلى الخضوع لجميع مطالب الكيان الصهيوني مقابل وعود بمساعدات مالية.
لكن إلى أي مدى يمكن استخدام القمة العربية هذه كأداة لسلطة الدول العربية ضد الولايات المتحدة ، لا يزال موضع شك وغير مؤكد. صحيح أن هذا الاجتماع الذي تشكل يوم السبت جاء خلال مبادرة من جمهورية فتية أي العراق ، وهي ترأس هذا الاجتماع أيضاً ، لكن من المؤكد أن الزعماء الرئيسيين لهذه الاتحادية هم الممالك المحافظة. ومن غير المرجح أن تعارض المملكة العربية السعودية وغيرها من الملوك المحافظين ، البيان الختامي لهذه القمة.
لذا فإن هذه الدول لا تسعى لإقامة نوع من المقاومة لتجاوزات الكيان الصهيوني والولايات المتحدة في المنطقة ، بل للحفاظ على مكانتها الفارغة على المستوى الإقليمي. لأنهم يدركون جيدًا أنه إذا بدأت إسرائيل في تنفيذ أحكام هذه الخطة أحادية الجانب ، فإن غضب شعوب الدول الإسلامية في المنطقة سوف يصبح واسع النطاق لدرجة أنه قد يربط مصير هذه الممالك المحافظة بمصير الكيان الصهيوني.
وعلى سبيل المثال ، يخبر الدبلوماسيون السعوديون الأميركيين أنهم سيتعاونون معهم لتنفيذ هذه الخطة ، ومن جهة أخرى يقولون للمسؤولين الفلسطينيين ، إن هذه الخطة غير عادلة بحيث لا يمكن تنفيذها وإذا تم تنفيذها ، فان غضب وسخط جميع الشعوب العربية ضد خط المصالحة في المنطقة سوف يكثف وسيعزز موقف دول محور المقاومة ضدهم اكثر فأكثر.
ويمكن العثور على هذه السياسة المحافظة في جميع بنود بيان الاتحاد النهائي. حيث ان هذا البيان بدلاً من إدانة الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية صراحةً والدفاع الصريح عن حق الشعب الفلسطيني السيادي في الدفاع عن حقوقه ، فإنه يدعو الكيان الصهيوني ببساطة إلى رفض تنفيذ هذه الخطة أحادية الجانب ويدعو المجتمع الدولي لمقاومة تنفيذها من جانب واحد. ويمكن تلخيص البيان بالكامل في جملة واحدة ألا وهي: "منع حدث غير متوقع على المستوى الإقليمي".
ومع ذلك ، يبدو أن خطة ترامب للسلام الراديكالية ومحاولات بنيامين نتنياهو الغير مدروسة لتجاوز الخطوط الحمراء لجميع شعوب الدول الإسلامية حول القضية الفلسطينية قد خلقت نوعًا من الاهتمام المتبادل بالتجاوزات الأمريكية والإسرائيلية المشتركة في المنطقة. على الرغم من أن محور المقاومة لن يلقِ سلاحه أبداً حتى التحرير الكامل للقدس الشريف ، بالإضافة الى ان الملوك العرب المحافظين لن يجرؤوا أبداً على حمل السلاح ضد الكيان الصهيوني بسبب اعتمادهم على الولايات المتحدة الأمريكية. لكن من المأمول أن يتم اعتبار القضية الفلسطينية أولوية متزايدة في سياساتها الخارجية باعتبارها شرف وهوية الدول الإسلامية.