الوقت- يواصل المتظاهرون العراقيون لليوم الثاني على التوالي اعتصامهم أمام وداخل السفارة الأمريكية في بغداد تنديدا بالهجمات الغادرة التي نفذتها طائرات من دون طيار أمريكية على مقار كتائب حزب الله العراقية أحد فروع قوات الحشد الشعبي والذي أوقع العشرات من الشهداء والجرحى. وحول هذا السياق، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأن الآلاف من المتظاهرين العراقيين الذين شاركوا يوم أمس الثلاثاء في مراسم تشييع ودفن الشهداء الذين سقطوا إثر الهجمات الأمريكية الأخيرة، قاموا بتركيب خيام خارج محيط السفارة الأمريكية في بغداد وقرروا الجلوس أمام السفارة الأمريكية، مؤكدين على ضرورة إغلاق السفارة الأمريكية وطرد الجيش الأمريكي والسفير الامريكي من الاراضي العراقية.
وخلال ذلك الاحتشاد الذي أقيم خارج وداخل محيط السفارة الامريكية، ردد المتظاهرون الغاضبون شعارات ضد أمريكا وأحرقوا أيضاً العلمين الامريكي والصهيوني وكتبوا على العديد من اللافتات: "العراق لم يعد آمناً لأمريكا ومرتزقتها". كما كتب المتظاهرون الغاضبون على جدار مبنى السفارة الأمريكية: "السفارة مغلقة بأمر الشعب". وأطلق المواطنون العراقيون أيضا العديد من الشعارات الاحتجاجية ضد الهيمنة الامريكية، وشددوا على ضرورة إغلاق السفارة وطرد السفير الأمريكي. وكانت وتيرة الاحتجاجات أمام السفارة الأمريكية في بغداد تصاعدت أمس حيث قام المتظاهرون العراقيون بحرق بابين من أبوابها ومرآبها فيما أصيب عشرات المتظاهرين جراء قنابل غاز مسيل للدموع أطلقت من داخل السفارة. والشيء المثير للاهتمام هنا، هو حضور العديد من الشخصيات السياسية البارزة مثل "هادي العامري" و"فالح الفياض" مستشار الأمن القومي العراقي و"قيس الخزعلي" في هذه الاحتجاجات الغاضبة التي نصبت خيامها أمام مقر السفارة الأمريكية في العاصمة العراقية بغداد.
لحظة اقتحام المتظاهرين العراقيين لمقر السفارة الامريكية في بغداد
وعقب اقتحام المتظاهرين للسفارة الامريكية في العاصمة العراقية بغداد، سارعت العديد من وسائل الاعلام الغربية بكل وقاحة إلى توجيه أصابع الاتهام نحو جمهورية إيران الاسلامية وفي هذا السياق، حمّل الرئيس الأمريكي، "دونالد ترامب" إيران المسؤولية الكاملة عن اقتحام السفارة الأمريكية في بغداد من قبل محتجين على استهداف مواقع لـ"الحشد الشعبي" في العراق. ودعا "ترامب"، في تصريحات نشرها على حسابه بـ"تويتر"، العراق إلى استخدام القوة لحماية السفارة هناك. ووجه "ترامب" اتهاما إلى إيران بالمسؤولية عن مقتل "متعاقد أمريكي" وإصابة آخرين، خلال القصف الذي استهدف قوات التحالف بالعراق، الجمعة الماضي.
ولكن أبناء الشعب العراقي والقيادة السياسية في هذا البلد رفضوا جميع هذه الإدعاءات الباطلة التي صرح بها الرئيس الامريكي "دونالد ترامب" ووسائل إعلامه وقالوا بأن الجرائم التي ارتكبتها القوات الامريكية في العراق هي التي اشعلت شرارة الغضب في صدورهم ودفعتهم إلى اقتحام السفارة الامريكية. وحول هذا السياق، رد الامين العام لحركة "بابليون" المسيحية، "ريان الكلداني"، يوم أمس الثلاثاء، على الرئيس الامريكي "دونالد ترامب"، وقال له :"نحن أبناء الشعب العراقي الواقفون هنا ولم نأتِ من إيران". وقال "الكلداني" في تغريدة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي تويتر، "سيد ترامب، نحن الواقفون هنا. لم نأتِ من إيران، هذا نحن العراقيون، أبناء وإخوة الشهداء الذين قتلتم، إنه الغضب العراقي الصاعد، ونعدك أنه سيكون أسوأ من أسوأ كوابيسك انتهى". واضاف في تغريدة ثانية "واثقون من خطانا وماضون في مسارنا ومهما علت نوائح الحاقدين وصيحات الفاسدين و العملاء فان طريقنا مليء بالأشواك والأسلاك الشائكة ولا يصح الا الصحيح ". ولفت "الكلداني" إلى الرئيس "ترامب" عاد مرة أخرى إلى تلفيق التهم بالاخرين واستخدام الشماعة الايرانية للتستر على فضائحه ولخلق مبرر آخر لغزو العراق ونهب ثرواته.
وفي السياق نفسه، اعلن اتحاد علماء المسلمين في محافظة "ديالى" اليوم الاربعاء، عن اطلاق حملة "انا عراقي" لاخراج القوات الامريكية من البلاد وللكشف للعالم أجمع بأن أبناء الشعب العراقي الابطال هم من قاموا باقتحام السفارة الامريكية في العاصمة العراقية بغداد وليست إيران. وقال رئيس الاتحاد "جبار المعموري" في تصريح له ان" الاتحاد اطلق حملة شعبية حملت عنوان انا عراقي لاخراج القوات الامريكية من البلاد وانهاء وجودها الاف من جنودها في القواعد العسكرية في شمال وغرب ووسط العراق". واضاف "المعموري"، ان" الحملة تتضمن اطلاق تظاهرات شعبية في المحافظات من اجل الضغط على البرلمان والحكومة لاصدار قرار رسمي بانهاء الاتفاقية الامنية مع امريكا واخراج قواتها بعدما ارتكبته من جرائم مروعة بحق العراقيين والتي كان اخرها جريمة استهدف قطعات الحشد الشعبي وسقوط اكثر من 70 شهيداً وجريحاً في الانبار".
الجدير بالذكر أن طهران رفضت يوم أمس الثلاثاء، اتهامات المسؤولين الأمريكيين لها بالمسؤولية عن الهجوم على السفارة الأمريكية في العاصمة العراقية بغداد ولقد جاء النفي الإيراني على لسان متحدث وزارة الخارجية "بهرام قاسمي"، عبر بيان صادر عنها رداً على الإدارة الأمريكية التي تتهم طهران بالوقوف وراء تلك الاعتداءات. حيث قال "قاسمي" في بيانه: "لقد وصل المسؤولون الأمريكيون إلى مثل هذه الوقاحة المذهلة لدرجة أنها تستطيع أن تنسب إلى إيران احتجاجات الشعب العراقي ضد هذه الهجمات الوحشية التي شنتها واشنطن ضد الأراضي العراقية، منتهكة سيادتها الوطنية متسببة في مقتل 25 شخصاً على الأقل من ذلك الشعب". وجدد المتحدث الايراني رفض بلاده الاتهامات الأمريكية، مطالباً إدارة واشنطن بـ"إعادة النظر في سياساتها المدمرة بالمنطقة، وأن تبتعد عن ردود الأفعال القائمة على حسابات خاطئة".
وفي سياق متصل كشف "سعد الخزعلي " النائب عن تحالف "الفتح" عن جمع تواقيع نيابية لإخراج القوات الأمريكية من العراق والغاء الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة. وقال الخزعلي في حديث له لبعض الصحف والوسائل الاعلامية اليوم الاربعاء إن "العام 2020 سيكون عنوانه لا وجود للقوات الأمريكية في العراق” مؤكدا أن سيادة البلد خط احمر على كل من يتربص الشر بالعراق وشعبه". وأضاف الخزعلي: "جمعنا تواقيع وتم تقديمها بغية إدراج قانون إخراج القوات الأمريكية على جداول أعمال الجلسات .. سنعمل بكل قوة على تمرير القانون".
ويرى العديد من الخبراء السياسيين بأن العراق اليوم انتفض في وجه الغزاة الامريكيين ولقد عزموا أمرهم على طرد المحتل الامريكي من أراضيهم وذلك لأنهم أصبحوا على يقين تام بأن واشنطن وقادة البيت الابيض لا تهمهم إلا مصلحتهم ولو كانت على حساب أبناء الشعب العراقي وأصبحوا أيضا على معرفة تامة بأن واشنطن تحاول إلصاق التهم بجارتهم إيران وذلك لكي تجد له مبرراً لمواصلة نهب ثروات العراق النفطية وفي الختام يمكن القول بأن أبناء الشعب العراقي قد قالوها بصراحة تامة وأعلنوا بأنهم الذين قاموا باقتحام السفارة الامريكية وليست إيران.