الوقت- تناولت وسائل الإعلام الغربية والعربية، بما في ذلك القطرية والإماراتية والمصرية والسعودية بشكل موسع موضوع المناورات المشتركة بين روسيا والصين وإيران ونشرت خلال اليومين الماضيين العديد من التقارير الاخبارية التحليلية حول هذه المناورات المشتركة ولقد أقرت معظم وسائل الإعلام تلك أن هذه المناورات العسكرية هي مناورات فريدة من نوعها وذلك لأنها تحمل في طياتها العديد من الرسائل المعينة لبعض دول المنطقة ولبعض الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا. وحول هذا السياق، كتب موقع "الجزيرة نت" التابع لقناة الجزيرة القطرية خلال تغطيته لهذه المناورات العسكرية، حيث قال: "تعد هذه المناورات العسكرية المشتركة ذو أهمية كبيرة وذلك لأنها تجري في منطقة بها عدد من الممرات النفطية المهمة وعلى الرغم من أن هذه المناورات ترفع شعار حماية "الملاحة البحرية"، إلا إنها تحمل رمزية سياسية وعسكرية لكونها تقام في منطقة تمارس فيها واشنطن نفوذا قويا منذ عقود تحت ذريعة ضمان تدفق الإمدادات النفطية إلى الأسواق العالمية".
وأضاف هذا الموقع الاخباري قائلا: "خلال الأشهر الماضية، أصبحت المياه المحيطة بإيران محورا للتوترات الدولية، حيث تمارس أمريكا ضغوطا لوقف مبيعات النفط الإيراني وترى بكين باعتبارها أكبر مستورد للنفط في العالم، مصلحتها في تأمين مضيق هرمز وذلك لأنه يتدفق من هذه المضيق الاستراتيجي حوالي خُمس صادرات النفط العالمية". ولفت موقع الجزيرة الاخباري إلى أن هذه المناورات العسكرية المشتركة تجري وسط تصاعد التوتر بين أمريكا وإيران عقب انسحاب واشنطن من معاهدة الاتفاق النووية وفرض عقوبات قاسية على طهران من جهة واستهداف ناقلات النفط في مياه الخليج الفارسي من جهة أخرى.
وفي سياق متصل، كتب موقع "24" الإخباري التابع لدولة الإمارات: "بذلت أمريكا خلال الفترة الماضية الكثير من الجهود لتأسيس تحالف لحماية الملاحة البحرية في منطقة الخليج الفارسي، يضم أستراليا والبحرين والسعودية وبريطانيا إلى جانب بعض الجهات الفاعلة الأخرى، لكن الأنشطة الروسية والصينية والإيرانية الاخيرة جذبت الانتباه وذلك لأن لدى روسيا أيضاً مشروعها الخاص الذي اطلقت عليه اسم الأمن الجماعي والذي تدعمه الصين أيضا في منطقة الخليج الفارسي".
كما ركزت هذه الصحفية الإماراتية بشكل أساسي على المحاولات الروسية والإيرانية والصينية لخلق توازن في منطقة الخليج الفارسي لمواجهة أمريكا وحلفائها وتعتقد هذه الصحفية أن المناورات العسكرية المشتركة الاخيرة بين إيران وروسيا والصين سوف توجه صفعة قوية للهيمنة الأمريكية في المنطقة. في الواقع، لقد أثارت هذه المناورات العسكرية مخاوف قادة وشيوخ دولة الإمارات العربية المتحدة الذين يعيشون من تحت المظلة الأمنية الأمريكية. يذكر أن أبوظبي أعلنت مؤخراً عن مشاركتها في التحالف الذي تقوده أمريكا في منطقة الخليج الفارسي. كما أن دولة الإمارات تستضيف على أراضيها مقر التحالف الأوروبي الذي تقوده فرنسا لحماية الملاحة في منطقة الخليج الفارسي.
وفي السياق نفسه، كتب موقع الفجر الاخباري المصري: "لقد بدأت إيران وروسيا والصين يوم الجمعة الماضي الجمعة في مدينة "تشابهار" الساحلية في جنوب شرق إيران مناورات بحرية مشتركة لمدة أربعة أيام، تحمل اسم حزام الأمان البحري، والتي تشمل مناورات تكتيكية مثل إنقاذ فرقاطات تتعرض للهجوم، ومن المقرر أن تستمر في الأجزاء الشمالية من المحيط الهندي ولقد أرسلت الدول الثلاث بعضًا من أكثر سفنها تقدماً للمشاركة في التدريبات التي تستمر أربعة أيام. كما أن هذه التدريبات شملت إنقاذ السفن المشتعلة أو السفن التي تتعرض للهجوم من قبل القراصنة وتدريبات إطلاق النار."
وفي سياق متصل، كتب موقع "بوابة فيتو" المصري: "لا يجب أن يمر بلا تنبه واهتمام خبر قيام روسيا والصين وإيران بمناورات بحرية مشتركة لأول مرة في المحيط الهندي وبحر عمان.. فهذه الدول الثلاث يجمع بينها أنها معا تعتبرها أمريكا في استراتيجيتها النووية التي تم صياغتها في عهد "ترامب" تمثل الأعداء الأساسيين لها ويجمع بينها أيضا أنها تتعرض معا لعقوبات اقتصادية أمريكية.. فضلا عن أن المنطقة التي تقام بها هذه المناورات البحرية الثلاثية هي في الأساس كانت منطقة نفوذ بحرى أمريكي، حيث كان يتواجد بها الأسطول الخامس الأمريكى". وأضاف هذا الموقع المصري قائلا: "إن توقيت هذه المناورات يضفى عليها أهميةَ ايضا، حيث تتم في وقت تسعى فيه واشنطن لحصار إيران، وممارسة الضغط على الصين لإتمام اتفاق اقتصادي معها والأهم لتحجيم التعاون العسكري الصيني مع روسيا، وأيضاً في وقت أبدت فيه واشنطن انزعاجها من تمدد النفوذ والتواجد الروسي على الساحة العالمية، خاصة في ليبيا الآن". كما لفتت هذه الموقع الاخباري المصري إلى أنه إذا كان الهدف المعلن للدول الثلاث أن هدف هذه المناورات البحرية المشتركة التي تتم بينها لأول مرة هو مواجهة القرصنة البحرية والإرهاب، فإن طهران أكدت ان المناورات تعنى استحالة عزل ايران. بينما منح الروس اهتماما كبيرا لهذه المناورات بإرسال ثلاث سفن عسكرية، مقابل مدمرة صينية مزودة بالصواريخ.
وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة "رأي اليوم": "في رسالة تحد للإدارة الأمريكية أنطلقت قبل عدة أيام ولأول مرة أضخم مناورات بحرية بين الصين وروسيا وإيران تشمل بحر عمان والمحيط الهندي ولقد اعلنت طهران أن هذه المناورات تهدف لتعزيز الأمن في المنطقة ولكن الصين أعتبرتها تعميقا للتعاون العسكري بين الدول الثلاث وتعتبر مؤشرا لافتا على نشوء تحالف عسكري جدي بين طهران وبكين وموسكو في مواجهة إجراءات الإدارة الأمريكية وسياساتها في المنطقة والعالم". وأضافت هذه الصحيفة بالقول: "تواجه الدول الثلاث عقوبات أمريكية على خلفية الصراع في ملفات متعددة، وإجراءات أمريكية متصاعدة استدعت التنسيق الثلاثي، الذي وصل إلى الشق العسكري من خلال مناورات تستعرض فيها هذه القوى قدراتها وامكاناتها العسكرية في منطقة حيوية وحساسة".
وفي الختام يمكن القول بأن تناول العديد من وسائل الاعلام العربية وعلى رأسها القنوات والمواقع الاخبارية المصرية والإماراتية والسعودية واهتماها الزائد بهذه المناورات العسكرية المشتركة بين إيران وروسيا والصين، يشير إلى عدة نقاط:
1) إن هذه المناورات العسكرية المشتركة الثلاثية تعتبر تحدي واضح للوجود والهيمنة الامريكية في منطقة الخليج الفارسي.
2) يمكن تقييم هذه المناورات الثلاثية في إطار الجهود التي تبذلها السلطات الإيرانية لخلق توازن بينها وبين الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.
3) إن إيران التي وقفت في الماضي ولا زالت تقف مع مبادرة هرمز للسلام واقامة معاهدات أمنية مع الدول العربية المطلة على الخليج الفارسي من أجل تحقيق الامن والاستقرار في المنطقة، تمتلك في وقتنا الحالي القدرة على التحالف مع القوى العالمية، بما في ذلك روسيا والصين.
4) تتمتع المنطقة التي أجريت فيها التدريبات بأهمية جيوسياسية كبيرة وذلك لأنها تعتبر احدى ممرات نقل الطاقة الرئيسة في العالم.
5) سوف تتصدى إيران وروسيا والصين لأي تهديد يهدد ممرات نقل الطاقة والتجارة البحرية في هذه المنطقة الاستراتيجية المهمة.