الوقت- بعد نقاش سياسي مطول بين الرئيس "دونالد ترامب" والكونغرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون حول العديد من القضايا، تم التصويت على قرار استجواب "ترامب" رسميًا يوم الأربعاء الماضي بالاكثرية، ليكون بذلك ثالث رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يُحاكم بعد الرئيسين الامريكيين السابقين "أندرو جونسون" و"بيل كلينتون" في مجلس الشيوخ الامريكي. وحول هذا السياق، أعلنت اللجنة القضائية بمجلس النواب الامريكي قبل أيام قليلة عن بدء عملية استجواب "ترامب" رسيماً، واليوم تم التصويت عليه في مجلس النواب الامريكي.
ما هي أسباب استجواب "ترامب"؟
طالب الديمقراطيون منذ سبتمبر الماضي بضرورة استجواب الرئيس الامريكي "دونالد ترامب"، وذلك لأنه هذا الاخير أساء استغلال سلطته للضغط على بعض القادة الأوكرانيين لطلب معلومات ضد خصومه السياسيين وأيضًا بسبب عدم تعاونه مع موظفي التحقيقات في البيت الابيض وعدم السماح لهم بالإدلاء بشهاداتهم وتقديم أي أدلة ولهذا فإن الديمقراطيون يصرون على أن هذا الاستجواب هو الوسيلة الاخيرة للكونجرس لحماية الديمقراطية الأمريكية من رئيس سعى للحصول على مساعدات أجنبية لتزوير الانتخابات.
وفي نفس هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الاخبارية بأن الرئيس "ترامب" وجه مساء يوم الثلاثاء الماضي، رسالة مكتوبة استخدم بها لهجة شديدة الى رئيسة مجلس النواب وأحد أعضاء الحزب الديمقراطي "نانسي بيلوسي"، مؤكداً فيها عن استنكاره ورفضه واستهجانه لمساعي وأهداف حزبها في إطار محاولات غير قانونية الرامية لعزله. وطالب "ترامب"، خلال الرسالة مجلس النواب الامريكي بوقف كافة الإجراءات غير القانونية والشرعية الرامية لمحكمته برلمانياً داخل الكونغرس الأمريكي، كما وجه الرئيس الأمريكي حزمة من الاتهامات للحزب الديمقراطي كونهم يسيطرون على أغلبية مقاعد المجلس الأمريكي، مشيراً انهم يستغلون المجلس استغلال غير مسبوق وغير دستوري للسلطة. وخلال الرسالة الموجهة لـ"نانسي بيلوسي"، دافع "ترامب" عن الاتهامات التي وجهت إليه حول المكالمة الهاتفية التي أجراها مع نظيره الرئيس الأوكراني "زيلينسكي" في 25 يوليو/تموز الماضي، ووصف الرئيس مساعي وأهداف الحزب الديمقراطي المطالبة بمحاكمته وعزلة من المشهد السياسي أنها "محاولة انقلاب حزبي وغير قانوني"، وبأنها "حرب على الديمقراطية الأمريكية". وأضاف "ترامب" قائلا: "بمتابعة هذا الاتهام الذي لا أساس له من الصحة… فإنك تعلنين حربا مفتوحة على الديمقراطية الأمريكية"، مشيراً بالقول: "التاريخ سيحكم عليك بشكل قاس". وأردف "ترامب"، أن التهمة الاولى باطلة بشكل كامل ولا قيمة لها وإنها من انتاج خيال الحزب الديمقراطي، في إشارة الى أنه استغل منصبه وجمد مساعدات بقيمة 400 مليون دولار بهدف اجبار الطرف الأوكراني بفتح تحقيق ملف الفساد المتعلق بنجل "جو بايدن" أبرز منافسيه الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
إجراءات العزل وفق الدستور الأمريكي
بحسب الدستور الأمريكي فإن الرئيس قد يعزل من المنصب في حالة اتهامه بالخيانة أو الرشوة أو غيرها من الجرائم والجنح الخطيرة. حيث يقوم مجلس النواب بإجراء تحقيقات وجلسات استماع للتأكد من جدية الاتهام والتأكد من توافر الأدلة المطلوبة من اللجنة القضائية وبعد ذلك تنتقل القضية إلى مجلس الشيوخ الأمريكي ويقوم بعقد محاكمة للرئيس يمثل فيها المجلس هيئة المحلفين، بينما يمثل مجلس النواب هيئة الادعاء، ويرأس المحكمة رئيس قضاة المحكمة الدستورية العليا. ويجري التصويت داخل مجلس الشيوخ على اتهام الرئيس، وإذا حققت قضية عزل الرئيس في مجلس الشيوخ عدد الأصوات المطلوب، تقرر المحكمة عزل الرئيس.
انشقاق الشارع الامريكي بين مؤيد ومخالف لعملية عزل "ترامب"
خلقت عملية عزل الرئيس الامريكي "دونالد ترامب" انقساما سياسيا حادا في الولايات المتحدة، بالتزامن مع اقتراب موعد انعقاد الانتخابات الرئاسية لعام 2020. ووفقًا لاستطلاعات الرأي التي أجراها موقع "RealClearPolitics.com"، فإن 46.9٪ من الأمريكيين يرون بأنه من الضروري عزل "ترامب" من منصبه وأنه يجب عليه أن يترك السلطة، بينما قال 47.6٪ من المواطنين الامريكيين أنه لا يجب عزل "ترامب" من منصبه ولا يجب على الكونغرس مساءلته. كما وجد هذا الاستطلاع أن 83 في المائة من الديمقراطيين يؤيدون عملية استجواب وعزل الرئيس "ترامب" وأن 88 في المائة من الجمهوريين يعارضون عملية الاستجواب والإقالة.
وفي سياق متصل، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأنه في الوقت الذي بينما يستعد فيه مجلس النواب الأمريكي للتصويت لإقالة الرئيس "ترامب"، خرج الآلاف من أبناء الشعب الامريكي في مظاهرات امام مجلس النواب الامريكي لدعم عملية استجواب الرئيس "ترامب" وعزله. ولفتت تلك المصادر بأن العديد من المسيرات الشعبية خرجت في العاصمة واشنطن وفي مدينة نيويورك و"سانت بول" في مينيسوتا و"فينيكس" في أريزونا، وطالب المتظاهرون بعزل "ترامب" ومعاقبته بسبب تعاونه مع أوكرانيا. كما اشارت تلك المصادر الاخبارية إلى أنه في ولاية كارولينا الشمالية، قامت مجموعة صغيرة من المتظاهرين بتغيير شعر "عيد السنة الجديدة" وربطه بعملية عزل "ترامب"؛ حيث رددوا "نتمنى لك عيد ميلاد سعيد. نتمنى لك مساءلة جيدة، ونتمنى لك عملية عزل جيدة، ونتمنى لك مساءلة جيدة ولتذهب من الآن."
ولكن في أعقاب التصويت الإيجابي من قبل مجلس النواب على عملية عزل "ترامب"، قامت العديد من وسائل الإعلام بنشر استطلاعات مختلفة حول هذه العملية. حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة "الولايات المتحدة اليوم" وجامعة "سوفولك"، أن "ترامب" تفوق على نائب الرئيس السابق "جو بايدن" بنسبة ثلاثة في المئة، وعلى "بيرني ساندرز"، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت بنسبة خمسة في المئة، وعلى "إليزابيث وارين"، السيناتور عن مدينة ماساتشوستس بنسبة ثمانية في المئة. في هذه المنافسة الشديدة، تقدم "ترامب" أيضًا على "بيت بوندريدج" رئيس بلدية ساوثباوند، وهي بلدة صغيرة في ولاية إنديانا، بنسبة 10 في المائة وعلى رئيس بلدية نيويورك "مايكل بلومبرج" بنسبة 9 في المائة.
ووفقا لاستطلاع آخر، قال نصف الجيش الأمريكي إنهم لم يقبلوا الرئيس "دونالد ترامب" كقائد أعلى للقوات المسلحة. ووفقًا لصحيفة "الاندبندنت"، فإن 49.9٪ من 1630 من العسكريين الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع في جامعة "سيراكيوز" لم يوافقوا على أن يبقى "ترامب" كرئيس للولايات المتحدة، بينما أيد 45.1٪ من اولئك الجنود بقاء "ترامب" على رأس السلطة وقالوا أن "ترامب" تحظى بشعبية كبيرة. كما عارض 58٪ من اولئك الجنود عملية سحب القوات الأمريكية من سوريا وأيضا عارض 59 في المئة من الذين شملهم هذا الاستطلاع عملية تمويل بناء الجدار المكسيكي من الميزانية العسكرية الأمريكية.