الوقت – الهجوم الدقيق والمخطط له من قبل أنصار الله على منشآت النفط السعودية في أرامكو في سبتمبر الماضي، کان من الصعب والمستحيل أن تصدِّقه الدول الغربية والسعوديون، بحيث أشاروا بأصابع الاتهام على إيران مباشرةً بعد الهجوم ودون تقديم أي دليل، وتحدثوا عن وجود أدلة على تورط طهران في الهجوم.
وحتى في عملية توجيه الاتهام، لم تکتف بالدعاية الإعلامية المکثفة، بل أصدرت الدول الأوروبية بيانًا مشتركًا قبل اجتماعات الأمم المتحدة، ظنًا منهم أنهم يريدون عزل طهران في هذه الاجتماعات.
ومع ذلك، منذ البداية وبينما دعمت طهران أولاً جهود اليمن المشروعة للدفاع عن نفسه ضد الغارات الجوية الواسعة النطاق التي تقوم بها السعودية وحلفاؤها الذين يقتلون الأبرياء، اعتبرت اتهامات السعودية وأمريكا ومن ثم الدول الأوروبية بأنها لا أساس لها من الصحة، طالبةً تقديم أدلة وشواهد من قبل هذه البلدان.
لكن الآن، وبعد التحقيق الذي أجراه مفتشو الأمم المتحدة، قال الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" في تقرير إلى مجلس الأمن بالأمس، إن "الأمم المتحدة" غير قادرة على التأكيد بأن صواريخ الكروز والطائرات المسيرة المستخدمة في هذه الهجمات كانت قادمةً من إيران.
وذکر تقرير الأمم المتحدة أن المفتشين تمكنوا من العثور على بقايا الأنظمة التسليحية المستخدمة لمهاجمة مطار أبها الدولي في مايو، ومهاجمة منشآت أرامكو النفطية في سبتمبر.
رغم أن هذا التقرير يكشف بوضوح عن أكاذيب الدول الغربية والسعودية في اتهام إيران، لكن هذه الدول ووسائل إعلامها بدلاً من الاعتراف بالخطأ، قد لاذت بالصمت لأنها تدرك جيدًا أن هذا التقرير له تداعيات مختلفة.
الفضائح الغربية المتكررة لخداع الرأي العام
في المقام الأول، أحد أهم عواقب الاعتراف بالخطأ في اتهام إيران، سيراه الغربيون بالتأكيد في تراجع ثقة الجمهور في بلدانهم بالشعارات والمزاعم التي يطلقونها لإشعال الحروب.
لقد شن الغرب الحروب وسفك دماء الأبرياء لسنوات، بالاعتماد على ادعاءات كاذبة وغير موثقة. ادعاءات قدموا لها في بعض الأحيان أدلةً ملفقةً لمواءمة الرأي العام مع الغزو الاستعماري، على غرار الادعاء الکاذب من قبل المسؤولين الأمريكيين بوجود أسلحة الدمار الشامل في العراق، أو استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا من قبل دمشق.
عدم كفاءة الدرع الصاروخي الغربي
لا شك أن جزءاً آخر من تداعيات الكشف عن حقيقة أن حرکة أنصار الله اليمنية هي التي نفذت هجمات أرامكو، هي الضربة التي لحقت بسمعة ومصداقية الأسلحة الغربية، والسعودية هي واحدة من أفضل الزبائن لهذه الأسلحة بمليارات الدولارات سنويًا. وهي الأسلحة التي لا تستطيع حماية المجال الجوي السعودي والمنشآت النفطية الحساسة عند الحاجة.
حاولت أمريكا أن تنسب الهجوم على منشآت النفط التابعة لأرامكو في بقيق وخريص في شرق السعودية إلی إيران، لتبرير سبب عدم كفاءة باتريوت بأن الهجوم وقع من اتجاه آخر غير الاتجاه الذي نُظِّمت له صواريخ باتريوت (أي من إيران).
لكن الآن، دحض تقرير الأمم المتحدة هذا التبرير، ليثبت أن هذه الأسلحة لا تستطيع أن تشكل ردعاً ضد أنصار الله لمصلحة السعوديين.
الاعتراف بقدرة أنصار الله
جزء مهم من أسباب توجيه الاتهام إلی إيران، وخاصةً من قبل السعوديين، کان عدم الاعتراف بالفشل في مواجهة قوة أنصار الله الصاروخية وقدرتها في مجال الطائرات من دون طيار.
لقد هددت أنصار الله اليمنية بأنها قادرة علی شن هجوم صاروخي على أي هدف في أراضي الدول المعتدية، إذا لم تتوقف الغارات الجوية. وكان هذا هو العامل الرئيس وراء انسحاب الإمارات من التحالف في الظاهر، واستعداد السعودية للتفاوض مع أنصار الله وقبول حقائق اليمن الجديدة.
لقد حاولت الحكومات ووسائل الإعلام المعارضة دائمًا التقليل من أهمية تقدم أنصار الله العسكري، عن طريق الادعاء بأن هذا التقدم مستورد من إيران، لكن المنطقة تشهد الآن ظهور قوة جديدة تقذف الرعب في قلوب أعداء المقاومة في المنطقة، بما في ذلك الکيان الإسرائيلي.