الوقت- بعد حوالي ثلاثة أسابيع على استقالة "سعد الحريري" من منصبه كرئيس للوزراء، لا يزال لبنان يعيش فراغاً سياسياً بلا حكومة، ولا تزال الاحتجاجات تجوب العديد من الشوارع اللبنانية وفي غضون ذلك، ذكرت وسائل الإعلام اللبنانية يوم أمس السبت أن ممثلي حركة "أمل" و"حزب الله" وحزب "الحريري" وافقوا على تعيين "محمد الصفدي" كرئيس للوزراء.
و"محمد الصفدي" هو سياسي ورجل أعمال لبناني يبلغ من العمر 75 عاماً وكان له حضور حافل في البرلمان، حيث كان يمثل مدينة طرابلس، كما أنه كان وزيراً للمالية والاقتصاد والتجارة، وعلى الرغم من انتشار هذا الإعلان في العديد من وسائل الإعلام، إلا أن تلك الأحزاب لم تؤكد رسمياً حتى هذه اللحظة دعمهما لـ"محمد الصفدي"، ولتسليط الضوء أكثر حول قضية ومستقبل تشكيل الحكومة في لبنان، قام موقع الوقت التحليلي بإجراء مقابلة صحفية مع "علي مهتدي"، الخبير في شؤون غرب آسيا والعالم العربي.
"الوقت": لماذا تم تهميش "الحريري" رغم تأكيد الكثير من التحليلات على إعادة انتخابه مجدداً كرئيس للوزراء؟
"علي مهتدي": أولاً، لم يتم تهميش السيد "الحريري"، والشائعات بأن السيد "محمد الصفدي" قد انتُخب ليتولى منصب رئيس الوزراء ما هي إلا مجرد لعبة سياسية على الساحة اللبنانية، حيث كان الأمر أن السيد "علي حسن خليل"، ممثل حركة "أمل" والسيد الحاج "حسين خليل"، ممثل "حزب الله"، ذهبوا للقاء السيد "الحريري" وأصرّوا عليه من أجل أن يقبل العودة إلى منصبه كرئيس للوزراء، لكنه رفض وقام بفرض العديد من الشروط.
وفي نهاية ذلك الاجتماع، أشاع أنصار "الحريري" أن ممثلي "حزب الله" قد اقترحوا بأن يتولّى السيد "الصفدي" منصب رئاسة الوزراء ولكن لم يكن هناك شيء من هذا القبيل وهذه الشائعات ما هي إلا مجرد لعبة سياسية من قبل السيد "الحريري".
وعلى عكس ما ذكرته وسائل الإعلام الإيرانية، فإنه لا يوجد اتفاق بين القوى السياسية على تكليف السيد "محمد الصفدي" لتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وهنا تجدر الإشارة بنا إلى القول بأنه لن تتشكل حكومة في لبنان إلا برئاسة السيد "الحريري" وذلك لأن معظم أولئك الذين خرجوا إلى الشوارع وسدّوا الطرق هم من مؤيدي السيد "الحريري".
"الوقت": ما هي نوايا وأهداف "الحريري" من الدخول في هذه اللعبة السياسية؟
"علي مهتدي": السيد "الحريري" على اتصال مستمر ومباشر بالسعودية وأمريكا ولهذا فإنه يصرّ على أنه إذا تم تشكيل حكومة برئاسته، فإن تلك الحكومة يجب أن تكون غير سياسية وألّا تشارك فيها بعض الأحزاب السياسية مثل "حزب الله" وحركة "أمل" والتيار "الوطني الحر" الذي يتزعّمه السيد "ميشال عون".
من الواضح أن "الحريري" يريد أن تتم عملية اختيار وزراء الحكومة اللبنانية الجديدة بشكل تكنوقراطي وعلى حسب المؤهلات العالية، لكنهم في الحقيقة يريدون من الناحية السياسية أن يخرجوا المقاومة اللبنانية من تحت مظلة الحكومة الجديدة والإعلان في النهاية أنه لا توجد قوة أخرى غير الجيش لها الحق في حماية أبناء الشعب اللبناني، ولكن هذه المؤامرة تواجه العديد من المشكلات وذلك لأنه إذا تقرّر اختيار "الصفدي" أو "الحريري" لتشكيل الحكومة اللبنانية الجديد، فإن تلك الحكومة يجب أن تحظى بثقة البرلمان اللبناني الذي تمثّل فيه حركة "أمل" و"حزب الله" والحركة الوطنية الحرة الأغلبية الساحقة، ولهذا فإنه حتى ولو نجحوا في تشكيل تلك الحكومة، فإن تلك الحكومة لن تتمكن من الحصول على ثقة البرلمان. وهنا لا ينبغي أن ننسى بأن السيد "الحريري" يتعرّض لضغوط أمريكية وإسرائيلية ولن يقبل مهمة تشكيل مجلس الوزراء إلا بعدما توافق جميع الأطراف اللبنانية على شروطه التي تفرضها عليه أمريكا والسعودية.
"الوقت": هل هناك أي أمل في تشكيل حكومة تكنوقراطية في لبنان، كما يريدها السيد "الحريري"؟
"علي مهتدي": هذا أمر صعب للغاية وذلك لأن حركة "أمل" و"حزب الله" والحركة الوطنية الحرة يتمتعن بأغلبية في البرلمان، ولهذا فإنه يتعيّن على رئيس الجمهورية وفقاً للقانون اللبناني أن يقوم بالتشاور مع الفصائل والاحزاب البرلمانية لانتخاب رئيس وزراء ونظراً لأن حركة "أمل" و"حزب الله" والحركة الوطنية الحرة اقترحوا أن تكون هذه الحكومة "سياسية - تكنوقراطية"، فإنه من المرجح أن تكون الغلبة تلك الأحزاب التي تمثل الأغلبية في البرلمان اللبناني. بالطبع، إذا وصل الأمر إلى النقطة التي سوف يُجبر فيها الجميع على تشكيل حكومة تكنوقراطية غير سياسية، فإن حركة "أمل" و"حزب الله" والحركة الوطنية الحرة لديهم شخصيات غير سياسية يمكن اعتبارهم من الفئة التكنوقراطية وبهذا الأمر يمكنهم الوصول والمشاركة في الحكومة الجديدة وبهذا الأمر سوف تفشل جميع محاولات السيد "الحريري" من القضاء على المقاومة ووضعها فيما يسمى المثلث الذهبي.
"الوقت": بالنظر إلى الوضع السياسي في لبنان، ما هو تنبؤاتك فيما يتعلق بالتطورات الميدانية على الساحة اللبنانية؟ هل ستتاح لـ"الصفدي" الفرصة لتشكيل حكومة أو هل سيبقى "الحريري" هو الخيار الرئيس لحزب "المستقبل" اللبناني؟
"علي مهتدي": اعتقد بأنه من غير المرجح أن يتم تكليف السيد "الصفدي" لتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وذلك لأن السيد "الحريري" قد ألقى الكثير من الحجارة في المياه الراكدة وبدأ بممارسة بعض اللعب السياسية، ونظراً للضغوط التي تمارسها كل من أمريكا والسعودية، يبدو أنه من غير المرجح أن يتم حل الأزمة اللبنانية قريباً.