الوقت- بلغة القائد الواثق ردّ رئيس حركة حماس في قطاع غزّة يحيى السنوار على تهديدات الكيان الإسرائيلي، الرجل الذي كرّس معادلة الرد متحدثاً عن 70 ألف مقاتل في غزّة وهي أوّل مرّة يُعلن فيها عن هذا العدد، توجّه بالشكر للجمهورية الإسلامية الإيرانية، مثنياً على الدعم العسكري الذي تقدّمه للمقاومة في قطاع غزة.
وفي حين قال السنوار إنّ لـ" لإيران الفضل الأكبر بعد الله في دعم المقاومة" أوضح أن " إيران قدّمت لنا المال والسلاح والخبرات في حين خذلنا إخوان عرب عن تقديم العون"، في الشق العربي لفت السنوار إلى قول رئيس الإدارة الأمريكية في قمّة الرياض أن القدس عاصمة اليهود ولم يعترض أحد وهناك توجّهات كبيرة بدأت لدى زعماء عرب في أواسط العام 2017 بالتطبيع مع "إسرائيل" وإجراء محادثات معها.
بدا رئيس حماس جريئاً في كلمته، فللمرّة الأولى يعلن عن عدد المقاتلين في قطاع غزّة، كما أنّه وللمرة الأولى يتوجّه بالشكر لإيران على هذا النحو وفي مثل هذه الظروف، الأمر الذي يؤكد أن للأمر أبعاداً سياسيّة ترتبط بتعزيز روابط الأخوّة بين الحلفاء في محور المقاومة، وترسيخ معادلات القوّة لهذا المحور.
وبين كشف السنوار لواقع المقاومة في غزّة، وشكره للجمهورية الإسلاميّة على دعمها السخي للشعب الفلسطيني على كل الأصعدة، تجدر الإشارة إلى التالي:
أولاً: لا يعتقدنّ أحد بأن الجمهورية الإسلاميّة الإيرانية تنتظر الشكر من حركة حماس، أو من أي جهة أخرى في محور المقاومة، فدعم أيّ مظلوم في العالم هو واجب على الجمهورية الإسلاميّة، لقد نصّ الدستور الإيراني على وجوب دعم المستضعفين في العالم، وهذه أحد أبرز أهداف الثورة الإسلامية، فكيف إذا كان هذا المستضعف هو شعب مسلم؟ وكيف إذا كان الأقصى الشريف، هناك الكثير من الدول تسمح أو تعتبره بمثابة الحقّ لها في الدفاع عن المظلومين، لكن الرؤية في إيران تختلف بعض الشيء، فالأمر واجب، وبالتالي لا يحقّ لأحد التخلّي عنه، وهذه أحد النقاط التي لا يلتفت إليها الكثيرون وهي موضع خلاف في الرؤية بين إيران وأغلب -إن لم نقل جميع- دول العالم.
ثانياً: يشكّل كلام السنوار الذي كشف فيه الغطاء أمام الشارع الفلسطيني والعربي عن واقع المقاومة، تحدّياً للكثير من الدول العربية التي خذلت المقاومة، وحاولت مواجهتها تارة وتطويعها عبر جرّها إلى مربع التطبيع، بعض هذه الدول التي ستمتعض من كلام السنوار هي نفسها التي وصفت المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، وهي أمام خيارين إما الاستمرار بدعم الكيان الإسرائيلي والتأسيس لصفقة القرن، أو الانتقال إلى الدفّة الأخرى وفتح خط ارتباط مع المقاومة، لا لتصفيتها بأسلوب ناعم كما حاولت سابقاً، بل لدعمها، نتمنى أن يأتي اليوم الذي نسمع في السنوار يتوجّه فيه بالشكر للدول الخليجية بسبب دعمها بالسلاح لفصائل المقاومة الفلسطينية، ونجزم حينها بأن إيران أيضاً ستتوجه بالشكر لهذه الدول، كون طهران ترى فلسطين قضيّتها.
ثالثاً: خطاب السنوار في مثل هذه الظروف سيكشف لكل أبناء الشعب الفلسطيني واقع المقاومة في غزة، لاسيّما في ظل محاولات جميع أجهزة الإعلام الغربية وإعلام المطبعين شيطنة إيران في نفوس الشباب الفلسطيني الذي ذاق مرارة الاحتلال وحلاوة المقاومة، الشعب الفلسطيني اليوم يعرف جيّداً التمييز بين تيار المطبّعين الذي يساهم في حصاره في غزّة ويذبحه بصمت، وبين تيار المقاومة الذي يقدّم له الدعم من المال والسلاح والخبرات.
في الختام.. وبعيداً عن الرسائل التي أراد أن يوصلها قائد حركة حماس في قطاع غزّة إلى الداخل والخارج، لا ريبّ في أنّ هذا الخطاب هو الأكثر جرأةً له منذ فترة طويلة، تصحّ تسميته بخطاب القّوة على الأعداء (أشدّاء على الكفّار) والأخوة في محور المقاومة (رحماء بينهم).