الوقت- يعلو الصوت الإسرائيلي مجدّداً ضد قطاع غزّة، الكيان الإسرائيلي الغارق في أزمته السياسية المرتبطة بتشكيل الحكومة الإسرائيلية، يسعى لاستغلال الانتخابات الفلسطينية بغية توجيه ضربة لأهالي غزّة.
وفي حين اقترح رئيس حزب "البيت اليهودي" الحاخام رافي بيرتس، خلال جلسة "الكابينت"، العودة إلى سياسية الاغتيالات في قطاع غزة لردع قادة حماس، تحدّثت مصادر إسرائيلية عن رفض المنظومة الأمنية العودة لسياسة الاغتيالات في قطاع غزة خلال الاجتماع الذي استمر لأكثر من 5 ساعات ناقش خلالها الكابينت حلولاً عدة لعلاج التوتر الأمني في الجنوب، تنوعت ما بين مطالب بتوسيع العمليات العسكرية الهجومية ضد القطاع، ومطالب بتوسيع التسهيلات الاقتصادية لتحسين مستوى حياة السكان في قطاع غزة.
هناك من ذهب بعيداً في خياراته العدوانيّة، فقد أكد وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس إنه يتعيّن على حكومته الشروع في "عملية عسكرية واسعة" في قطاع غزة، قائلاً: " يتعين علينا شن عملية عسكرية واسعة، وبعد ذلك فقط، التوجه إلى تسوية". وأضاف: "إذا لم يكن هناك خيار، ويكون قرارنا القضاء على سلطة حماس، فإن ذلك يتطلب عملية برية، وسيكون لذلك ثمن".
التهديد الإسرائيلي قابله رئيس حركة حمال في غزة يحيى السنوار بخطاب ردع من العيار الثقيل، مخاطباً قادة الاحتلال الإسرائيلي بالقول: "تجهزوا لشيء كبير.. لأننا لن نقبل ببقاء الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، ولن نصبر أكثر من ذلك".
وفي حين أكّد السنوار أنه قد "بلغ السيل الزبي، وأنّ المقاومة ستضرب "تل أبيب" على مدار ستة أشهر كاملة إن استمر تضييق الخناق على قطاع غزة، توجّه لرئيس الوزراء المكلّف بالقول: "سمعنا أقوالاً من كبار المسؤولين الإسرائيليين، تصريحات انضم إليها غانتس، ونقول إننا ننتظر منك إذا كنت تستطيع تشكيل حكومة لمعرفة ما ستفعله، سنجعلك تلعن اليوم الذي ولدتك فيه أمك".
لا شكّ أن مداولات المجلس الوزاري المصغّر، وكذلك ردّ السنوار، أمور تستدعي التوقّف ملياً، لأننا سنكون أمام عمل عسكري مفاجئ دون سابق إنذار، وهنا تجدر الإشارة إلى التالي:
أوّلاً: تشير التهديدات الإسرائيلية إلى السياسة العدوانية المستخدمة من قبل الساسة الإسرائيليين فمن غير المستبعد أن يذهب نتنياهو الغارق في ملفات الفساد إلى مواجهة جديدة، هناك حالة من الفوضى والإرباك السياسي الذي يعيشه الكيان، وبالتالي قد يعتقد نتنياهو أن هذا الواقع يمثّل فرصة له للهروب إلى الأمام.
ثانياً: رغم وجود خلاف واضح داخل الكابينت، إلاّ أنّه من غير المعلوم كيف تمّ حسم الخلاف، وبالتالي قد يعمد الكيان الإسرائيلي لتوجيه ضربة استباقية لحركة حماس الأمر الذي يفتح الباب أمام مواجهة شاملة، لا يجب الاستخفاف بمثل هذه التهديدات، لاسيّما في ظل هذه الظروف التي يعيشها نتنياهو، رغم ان القيادة الإسرائيلية تولي اهتماماً أكبر بالجبهة الشمالية، مع لبنان سوريا، إلاّ أن نتنياهو قد يستخدم اعتباراته السياسية الضيّقة لتوجيه ضربة لغزّة بغية تعزيز أوراقه السياسية، وبالتالي الهروب من المحاسبة بضع أشهر إلى الأمام فيما يرتبط بقضايا الفساد.
ثالثاً: يشير خطاب السنوار إلى استدعاء حالة الردع في ضوء التهديد الإسرائيلي المتنامي، وبالتالي منع الكيان الإسرائيلي من فرض معادلاته على المقاومة، تحدّث السنوار بلغة الواثق، قائلاً: "سيرى العالم أننا ما صبرنا على الجوع والجراح والحصار إلا لنبني قوة لتمريغ أنف جيش الاحتلال بالتراب.. هناك نحو 70 ألف شاب تحت السلاح في كتائب القسام وسرايا القدس وسائر فصائل العمل المسلح والأجهزة الأمنية".
رابعاً: يدرك السنوار العارف تفاصيل الداخل الإسرائيلي من حيث قدرته على الصمود في تعرض الجبهة الداخلية لضغط عسكري لم يسبق أن شهده الكيان طوال تاريخه، لا شكّ أن خطاب السنوار سيشكّل مفاجئة، ليس لغانتس فحسب، بل للداخل الإسرائيلي، لاسيّما مع إعلانه لأول مرّة عن عدد المقاتلين، باختصار، عمد الخطاب إلى تثبيت حالة الردع، وإعادة التذكير بما لدى المقاومة من مفاجآت قادرة على قلب المعادلة وجعل الفاتورة الإسرائيلية باهظة الثمن.
إذن، ومع استحضار الكيان الإسرائيلي لخطاب التهديد، عمد السنوار إلى استعمال خطاب الردع للحفاظ على قواعد الاشتباك التي لن يسمح بتغيرها، لطالما كان الكيان الإسرائيلي هو البادئ بأي عدوان على غزة، وكانت الصواريخ هي الخيار الأنسب لردعه.
اليوم، باتت المقاومة الفلسطينية أقوى بكثير مما كانت عليه عام 2015، وبالتالي نعتقد أن يذهب الساسة الإسرائيليون إلى جولة ما بين الحروب مع قطاع غزة، ولكن كيف سيكون ردّ حماس هذه المرّة؟ وهل ستُدار الأمور هذه المرّة دون الخروج إلى حرب واسعة؟ أم إن الأمور ستتدحرج.