الوقت- الأوضاع في غزة تتجه نحو الحلحلة رويداً رويداً ويبدو أن الأوضاع في المستقبل القريب ستكون هادئة على جبهات القتال في ظل هشاشة الأوضاع السياسية داخل الأراضي المحتلة وعجز الصهاينة عن تشكيل حكومتهم، وتعاظم قدرة المقاومة وتبدليها لموازين القوى وقدرتها المباشرة على الردع والأهم خلق نوع من الوحدة بين الفلسطينيين، الأمر الذي يوحي بأن جبهة المقاومة في فلسطين ستكون أقوى من أي زمن مضى، ناهيك عن إجراء انتخابات شاملة وعامة في قطاع غزة.
نبدأ من الانتخابات التشريعية التي ستجري في قطاع غزة والتي تحدث عنها رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية، خلال لقاء أجراه مع المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ميلادينوف، الاثنين، في قطاع غزة، وبحث الجانبان خلال اللقاء كيفية إنجاح إجراء الانتخابات العامة والشاملة وصولاً إلى إنهاء كامل للانقسام الفلسطيني.
ورحّب رئيس الحركة بالموقف الإيجابي للأمم المتحدة، والداعم لهذه الخطوة، آملاً أن تحقق أهدافها في توحيد الصف الفلسطيني، مؤكداً موقف حركة حماس الإيجابي وجاهزيتها لإنجاح الانتخابات.
واستعرض هنية مواقف الفصائل الإيجابية وحرصها على إتمام هذه العملية، وتأكيدها على ضرورة عقد اللقاء الوطني لترتيب إجراء الانتخابات وإنجاحها قبل الشروع في الإجراءات الفنية، معتبراً أن الانتخابات حق للمواطن الفلسطيني، كما هي في الوقت نفسه استحقاق وطني.
من جانبه أشاد ميلادينوف بموقف حركة حماس الإيجابي، وحرصها على إنجاح العملية الانتخابية، وأكد أن الأمم المتحدة أيضاً ستلعب دوراً مهماً لضمان نجاح هذه العملية، مشدداً على ضرورة تحقيق التوافق الوطني في الخطوات كافة لضمان النجاح وتحقيق الشفافية، وصولاً إلى تحقيق خارطة طريق عادلة لإنهاء الانقسام.
ويزور ملادينوف غزة، بين الفينة والأخرى، للقاء قادة حركة حماس والفصائل الفلسطينية، في إطار جهوده الخاصة باستكمال مباحثات التهدئة غير المباشرة، بين حماس و"إسرائيل"، بالإضافة لبحث ملف المصالحة الفلسطينية الداخلية.
طبعاً بعض المصادر الفلسطينية قالت إن هذه الزيارة لا علاقة لها بالتصعيد الأخير على القطاع، لكننا نعتقد عكس ذلك، للأسباب التالية:
أولاً: الزيارة تأتي عقب التصعيد العسكري للاحتلال على القطاع في نهاية الأسبوع، حيث تم قصف وتنفيذ غارات على العديد من المواقع للمقاومة والتي أسفرت عن استشهاد فلسطيني وإصابة 3، وذلك بزعم إطلاق قذائف صاروخية من غزة على جنوب البلاد.
ثانياً: زار ميلادينوف القطاع عديد المرات منذ توليه منصبه الأممي، وكان له جهود في إعادة الهدوء بعد جولات من التصعيد بين الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة.
ثالثاً: هناك توقعات كبيرة بفشل غانتس بتشكيل حكومة إسرائيلية، رئيس حزب (أزرق أبيض) الإسرائيلي، بيني غانتس، دعا لتوجيه ضربات شديدة إلى قطاع غزة والعودة لسياسة اغتيال قياديين فلسطينيين، بذريعة إطلاق صواريخ من غزة على الداخل المحتل قبل يومين.
يحاول كيان الاحتلال التصعيد مع قطاع غزة بهدف تركيع القطاع والضفة الغربية، في محاولة لتحقيق نصر سياسي يخدم أمثال نتنياهو وغانتس، إلا أن هؤلاء يعلمون جيداً أن إمكانية مثل هذه الحرب غير متاحة، لان المقاومة الفلسطينية غيّرت قواعد الاشتباك وفرضت معادلة جديدة تتمحور حول "الالتزام بالالتزام"، ولن تكون "إسرائيل" الطرف الذي يقرر متى وأين وكيف تنتهي الحرب المقبلة، والقادة الإسرائيليون يدركون هذا الأمر.
وفشل القادة الإسرائيليون على المستوى السياسي سينعكس لا محالة على المستوى العسكري، وطموحاتهم بتمرير صفقة القرن من خلال الضغط على قطاع غزة، أصبحت من الماضي، وما يجري حالياً في قطاع غزة من التصعيد في مواجهة العدوان الإسرائيلي لا يحتاج إلى الكثير من التحليل والشرح، الأمر ببساطة يمكن تلخيصه في بضعة كلمات، وهي أن أهل قطاع غزة لا يعرفون الخوف، ولا يخشون الجيش الإسرائيلي وطائراته ودباباته لأنهم رجال في زمن قل فيه الرجال، وشجعان في زمن ساد فيه الجبن والمجاهرة بخطيئة التطبيع مع دولة الاحتلال.
رابعاً: "اسرائيل" تريد التهدئة بأي وسيلة كانت، فبالإضافة إلى أوضاعها الداخلية المتردية، جميع التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة توثق تجاوزات الاسرائيليين للفلسطينيين ولأراضيهم من خلال تواصل النشاط الاستيطاني وتهديدات الضم، وبالتالي لا يريد الصهاينة ضمن أوضاعهم المتردية هذه أن يتعرّضوا لضغوط خارجية في المحافل الدولية.
أفعال الصهاينة الشنيعة وممارساتهم غير المشروعة ذكرها المنسق الأممي الخاص ملادينوف، أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي أواخر شهر ايلول الماضي، المسؤول الأممي وصف التطورات الأخيرة في المنطقة بأنها "تقوّض في مجملها احتمالات حل الدولتين".
وعدّد المنسق الأممي الخاص مجموعة واسعة من الإجراءات الإسرائيلية التي تناقض قرار مجلس الأمن 2334 الداعي إلى الوقف الفوري والكامل "لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية"، من بين هذه، قال ملادينوف: إن "السلطات الإسرائيلية قامت بالدفع بخطط لبناء نحو 3000 وحدة سكنية في الضفة الغربية المحتلة منها حوالي 400 وحدة في القدس الشرقية"، بالإضافة إلى 915 وحدة سكنية في مواقع مختلفة شرق طريق الجدار الفاصل.
بالمقابل، قال المسؤول الأممي إن السلطات الإسرائيلية قد وافقت أيضا "في خطوة نادرة الحدوث" بمنح تصاريح بناء لـ 715 وحدة سكنية للفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة ج.
وقال نيكولاي ملادينوف: إن "عمليات الهدم والاستيلاء على المباني المملوكة للفلسطينيين من قبل السلطات الإسرائيلية قد تواصلت في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية".
وأورد ملادينوف من التقرير الدوري حدوث "عمليات هدم أو استيلاء على 165 مبنى مملوك من الفلسطينيين"، ما أدّى إلى تشريد 170 شخصاً، من بينهم 85 طفلاً" حسب قوله، و9 مبانٍ في القدس الشرقية، أدّت لتشريد 24 فلسطينياً من بينهم 14 طفلاً.
كما أشار المنسق الخاص في استعراضه للتقرير إلى تصريحات وصفها بالاستفزازية والمثيرة من قبل بعض المسؤولين الإسرائيليين احتوت "التقليل علانية من ربط الفلسطينيين بأرض أجدادهم" وأنهم "طالبوا بضم المستوطنات الإسرائيلية في المنطقة "ج" من الضفة الغربية، ورفضوا فكرة الدولة الفلسطينية".
كما أشار المسؤول الأممي إلى إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي "عزمه، في حال انتخابه، على تطبيق السيادة الإسرائيلية على وادي الأردن وشمال البحر الميت" وغيرها من التصريحات التي وصفها بالاستفزازية.