الوقت - أعلن مكتب الهيئة العامة للسياحة والتراث في السعودية، أنه يعتزم جذب المزيد من السياح من خلال تسهيل تأشيرات الدخول لـ 49 دولة، تماشياً مع رؤية 2030.
هذه الخطة الاقتصادية التي طرحها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تهدف لتقليل اعتماد السعودية على عائدات النفط، لأن الاقتصاد السعودي يعتمد بشكل كبير على النفط، وهذا يمكن أن يقلّل من قدرة الحكومة على المناورة أثناء تقلّبات أسعار النفط في السوق العالمية لهذه السلعة الاستراتيجية.
الاقتصاد السعودي
65% من الاقتصاد السعودي يديره القطاع العام، لكن النفط يلعب دوراً مهماً في الاقتصاد السعودي، حيث بامتلاكه 268 مليار دولار يمثل ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم، والذي يبلغ حوالي 17٪.
وعلى الرغم من أن السعودية هي ثاني أكبر منتج للنفط في العالم بعد أمريكا، ولكن بفضل الحظر النفطي المفروض على دول أخرى مثل فنزويلا وإيران، تظل السعودية أول مصدّر للنفط في العالم بأكثر من 8 ملايين برميل يومياً.
ويمثل قطاع النفط حوالي 75٪ من إيرادات الموازنة السعودية و 40٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
بعد انخفاض أسعار النفط إلى 30 دولاراً في عام 2015، وضعت السعودية رؤية 2030 لتنويع اقتصادها، بأكثر من 80 مشروعاً جديداً لتطوير البنية التحتية السعودية.
في هذه الرؤية، بالإضافة إلى استثمار 200 مليون دولار في تطوير الطاقات الشمسية مع شركة "سوفت بنك" اليابانية(Softbank Group)، كان من المتوقع أن ترتفع نسبة مشاركة المرأة في الاقتصاد بنسبة 30٪ وينخفض معدل البطالة إلى 7٪.
وفي مجال السياحة الدينية، قررت السعودية زيادة حصة السياحة الدينية من 8 ملايين إلى 80 مليوناً.
كانت حصة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي للسعودية قبل وثيقة الرؤية حوالي 3٪، وتجني السعودية 12 مليار دولار من إيرادات الحج والعمرة، وهو ما يمثل ثمانية في المئة من إجمالي عائدات النفط السعودي.
السياحة
وفقاً للتقرير السنوي للمجلس العالمي للسياحة والسفر (WTTC)، أنتجت صناعة السياحة 2.2 تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي لجميع اقتصادات العالم، وخلقت 108 ملايين وظيفة.
ونظراً لحصة السياحة في الاقتصاد العالمي البالغة 8٪، تحاول السعودية مواكبة هذا التطور، وفي وثيقة رؤية 2030 في قطاع السياحة، قررت السعودية أن تصبح من بين الدول الخمس الأولى في صناعة السياحة، وتزيد من حصة السياحة إلى عشرة بالمئة، أي 100 مليار من الناتج المحلي الإجمالي.
كما تسعى السعودية إلى زيادة إيراداتها غير النفطية إلى 50٪ من الناتج المحلي الإجمالي في أقرب وقت ممكن.
ولتوسيع البنية التحتية لصناعة السياحة، كشفت النقاب عن مشروع "القدية" الضخم للسياحة في الرياض في يونيو 2019، والذي يتضمن خمسة مشاريع رئيسة بما في ذلك الحديقة والمعالم السياحية والمركز التجاري للمدينة.
كذلك بدأت أيضاً في بناء حدائق «Six Flags» الترفيهية على بعد بضعة كيلومترات من الرياض، على غرار حدائق «Six Flags» في الصين وكندا والمكسيك.
كانت السعودية حتى الآن تصدّر تأشيرات الدخول فقط لحجاج الأماكن الدينية ومشاهدي المسابقات الرياضية والمناسبات الثقافية ورجال الأعمال والعمال، ولكن بموجب خطة تسهيل التأشيرة الجديدة، يمكن لـ 49 دولة التقدم بطلب الحصول على التأشيرة عبر الإنترنت، وتكلفتها 80 دولاراً.
رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للسياحة والتراث في السعودية "أحمد الخطيب"، قال في تصريحاته الجديدة حول الخطة السياحية: إن فتح أبوابنا للسياح الدوليين سيكون لحظةً تاريخيةً بالنسبة لنا.
وبحسب ما ورد على لسانه، تحتاج البنية التحتية السياحية الجديدة في السعودية إلى استثمارات بقيمة 67 مليار دولار.
لقد حاولت السعودية في السابق إنشاء صندوق مستقل يضم استثمارات عامة وأصول حكومية بقيمة مليارين ونصف تريليون دولار، وتطوير قطاع السياحة من خلال هذا الصندوق أيضاً.
وتشمل بعض المشاريع السعودية الأخرى، مشروع البحر الأحمر بما في ذلك 50 جزيرة و34 ألف متر مربع، أو "الفيصلية" غرب مكة والتي تتضمن برامج مثل بناء الوحدات السكنية والأماكن الترفيهية والمطار والموانئ، لجذب السياح.
كذلك يحاول السعوديون القيام باكتشافات أثرية جديدة لتسجيل مناطق جديدة، وفي هذا الصدد، قاموا باكتشافات بمساعدة فرنسا في "منطقة العلا"، حيث تقع مدينة النبطيين القديمة ومعالم "مدائن صالح" الأثرية.
تحديات السياحة السعودية
رغم أن السعودية تسعى لتحقيق مرتبة مثالية في صناعة السياحة في أقرب وقت ممكن، لكن العديد من الخطط الاستراتيجية لسياستها الخارجية تتعارض مع السياسة السياحية.
النقطة المهمة هي أن مقدمة جذب السياح، هي عبور منطقة الشرق الأوسط من منطقة أمنية إلى منطقة مسالمة، لكن السعودية لاعب مهم في إضفاء الطابع الأمني على الشرق الأوسط.
ومن الأمثلة على ذلك، صفقة الأسلحة السعودية التي تبلغ قيمتها 110 مليارات دولار مع أمريكا عام 2017، وعقد بقيمة 350 دولاراً مدته عشر سنوات تم توقيعه لاستيراد أنواع أخرى من الأسلحة.
ووفقاً لمعهد "ستوكهولم" الدولي لأبحاث السلام، فقد شكلت السعودية عشرة في المئة من إجمالي واردات الأسلحة في العالم من 2013 إلى 2017.
إن الطابع المغلق للنظام السعودي، النزعة الديكتاتورية لملوك السعوديين، غياب الأحزاب والعنف المنظّم في العلاقات الخارجية، مثل حصار قطر، الحرب على اليمن، الأزمة السورية، ومقتل صحفي سعودي في مبنى دبلوماسي، هي زاوية صغيرة أخرى من السياسة الخارجية السعودية الخارجة عن المألوف.
ونفس هذه السياسة الداخلية والخارجية للسعوديين، هي أكبر عقبة أمام تنويع اقتصاد هذا البلد وتنمية السياحة فيه.
إن السعودية ومن أجل الحدّ من صورتها العنيفة وتغيير الجو الثقافي لجذب السياح، قد أعفت السائحات الأجنبيات من ارتداء العباءة الطويلة، وفق بيان صادر عن رئيس الهيئة السعودية للسياحة.
ولكن بالنظر إلى السياسات المتناقضة الأخرى في المجالات المحلية والأجنبية، لم تكن نتيجة وثيقة الرؤية لجذب السياح مرضية حتى الآن، بحيث انخفض عدد السياح في عام 2016 من 18049 إلى 16109 في عام 2017.
نتيجةً لاختيار الممارسات غير الملائمة في الاستراتيجية الإقليمية والعالمية، تظل مرتبة السعودية في تصنيف القوة الناعمة وكذلك في قائمة البلدان الأكثر أماناً، وفي قائمة البلدان غير المرغوب فيها، الأمر الذي يضرّ بصناعة السياحة بشكل خطير.