الوقت- تسبّبت العملية الناجحة التي قامت بها قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" مؤخراً ضد مصفاتي "بقيق" و"خريص" النفطية التابعة لشركة "أرامكو" السعودية باستخدام عشر طائرات من دون طيار في حدوث صدمة اقتصادية وعسكرية هائلة للرياض، وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذه الصدمة الاقتصادية لم تكن الأولى من نوعها التي عانت منها الرياض، بل إن انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية في عام 1979، تسبّب أيضاً في حدوث الكثير من المشكلات الاقتصادية للنظام السعودي في ذلك الوقت.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية، بأن الحكومة الإيرانية أنتجت في شهر أغسطس عام 1979 حوالي ستة ملايين برميل من النفط الخام يومياً، بزيادة تصل إلى أكثر من ستة في المئة عن الشهر السابق، وباعت أيضاً في ذلك الشهر بنسبة وصلت إلى أكثر من خمسة في المئة عن الشهر السابق، بمتوسط وصل إلى حوالي ثلاثة ملايين برميل يومياً للشركات التي كانت عضوة في اتحاد الشركات.
ومع انتصار الثورة الإسلامية، نشأت صدمة نفطية عرفت باسم ما يسمى بأزمة الطاقة عام 1979، حيث انخفض إنتاج النفط في إيران، ما تسبّب في قلق واسع النطاق بشأن ارتفاع أسعار النفط وفي ذلك الوقت بلغت أسعار النفط الخام حوالي39.50 دولاراً للبرميل في اثني عشر شهراً.
وفي ذلك الوقت، انتهزت ليبيا والجزائر والعراق الفرصة ودعت إلى رفع أسعار النفط في خريف عام 1979 ولكن السعودية وحلفاءها في "أوبك" أصرّوا على عدم زيادة أسعار النفط ولهذا فلقد قاموا بزيادة إنتاجهم من النفط بمقدار مليوني برميل يومياً في محاولة عقيمة لتعويض نقص النفط الإيراني في الأسواق العالمية وفي ذلك الزمان اعترف وزير النفط السعودي أيضاً بالقول: "لقد فقدنا قدرة التحكم والسيطرة على أسعار النفط في الأسواق العالمية".
وهذه هي الصدمة النفطية الكبيرة التي جلبها انتصار الثورة الإسلامية للرياض التي سعت لزيادة إنتاجها من النفط لتعويض النقص الذي سبّبه انخفاض إنتاج النفط الإيراني.
وفي هذا الصدد كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن حقلي "بقيق" و"خريص" النفطيين الواقعين في شرق السعودية تعرضّا لهجمات بطائرات من دون طيار أطلقها سلاح الجو المسيّر التابع لقوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية وكانت هذه الهجمات مفاجئة ودقيقة لدرجة أن الخبراء العسكريين السعوديين والأمريكيين رفضوا الاعتراف بأن هذا الهجوم تم تنفيذه من قبل قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله"، ولقد أدّت هذه الغارات التي نفّذتها الطائرات من دون طيار التابعة لسلاح الجو اليمني إلى إحداث تغيير كبير وخطير في أسعار النفط في الأسواق العالمية وذلك نظراً لعجز واشنطن والرياض عن إدارة إمدادات النفط العالمية، واكتفوا بالقيام بالعديد من المناورات الداعية لاحتواء الأزمة التي حدثت في أسواق النفط.
ولفتت تلك المصادر إلى أن السعودية التي طالما كانت متعاطفة مع زيادة فرض عقوبات نفطية أمريكية ضد طهران منذ انتصار الثورة الإسلامية حتى الآن والتي أعلنت مراراً وتكراراً استعدادها لزيادة إنتاج النفط، للتعويض عن العجز في الأسواق العالمية بسبب انخفاض إنتاج إيران من النفط، أصبحت في هذه الأيام تعيش في ورطة كبيرة نظراً لانخفاض إنتاجها من النفط إلى النصف بسبب تلك الهجمات على مصفاتي "بقيق" و"خريص".
إن الهجمات اليمنية على شريان النفط السعودي لم تهزّ البلاد اقتصادياً فقط وإنما سبّبت لها صدمة كبيرة وخلقت لها أزمة جديدة، وتسبّبت في إرباك الرياض عسكرياً ولا يزال السعوديون حتى هذه اللحظة لا يعرفون كيف خطط اليمنيون ونفّذوا هذه العملية المفاجئة.
وفي هذا الصدد، سارعت أمريكا إلى تقديم يد المساعدة للسعوديين، وقال وزير الخارجية الأمريكية بطريقة سخيفة إن العملية لم تكن من عمل قوات "أنصار الله" بل من إيران.
إن كلمات "بومبيو" واتهاماته التي وجهها ضد إيران تهدف في الحقيقة إلى تغطية الضعف العسكري السعودي لأن واشنطن مسؤولة عن هذا الضعف.
يذكر أن السعودية قامت مؤخراً بالتوقيع على أكبر صفقة أسلحة مع أمريكا ولكن الرياض على رغم صرفها مبالغ ضخمة من الدولارات وتخصيصها أرقاماً فلكية لدعم جيشها، لم تتمكن من صدّ الهجمات العسكرية التي ينفذها أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" الذين يملكون معدات عسكرية بسيطة.
وخلال السنوات القليلة الماضية باعت أمريكا أنظمة الدفاع الصاروخي "باتريوت" للسعودية لمساعدتها في التصدي للهجمات، ولكن هذه الأنظمة الدفاعية أثبتت فشلها بجدارة وذلك لأنها لم تتمكن من صدّ تلك الهجمات التي نفّذها أبطال الجيش اليمني قبل عدة أيام ولم تعلم الرياض بوقوع هذه الانفجارات في مصفاتي "بقيق" و"خريص"، إلا بعدما أعلن أبطال الجيش اليمني عن تنفيذ هذه العملية المفاجئة.
يذكر أن الأمريكييٍن كانوا قد تعهّدوا في السابق بحماية حقول النفط السعودية، وخاصة شركة أرامكو ومصافيها، لكن اليمنيين استهدفوا تلك الحقول السعودية خلال السنوات الماضية عدة مرات.
وتجدر الإشارة هنا إلى العميد "يحيي سريع"، المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية الذي قال: "بأنه طالما استمر العدوان السعودي الإماراتي بشنّ هجماته البربرية والوحشية على أبناء الشعب اليمني المحاصر، فإن عملياتنا المستقبلية ستكون أوسع وأكثر كثافة من ذي قبل".
وأكد أن الأهداف العسكرية تزداد اتساعاً وثراءً يوماً بعد يوم وأن النظام السعودي ليس أمامه خيار سوى وقف عدوانه على اليمن.
الجدير بالذكر هنا أن هذه العملية جاءت عقب إعلان السعودية قبل أيام قليلة أن أسهم شركة أرامكو للنفط سيتم طرحها قريباً في أسواق الأسهم العالمية، وبالتأكيد إن هذه الحادثة التي تعرّضت لها أجزاء من هذه الشركة، سوف تنعكس سلباً على تلك الخطة السوقية.