الوقت- قامت السعودية في يونيو2017 جنباً إلى جنب مع الإمارات والبحرين والأردن ومصر بفرض عقوبات اقتصادية على قطر وذلك بعدما تمّ توجيه الكثير من الاتهامات بدعم الإرهاب للدوحة، وتقديمها للكثير من الأموال للجماعات الإرهابية في منطقة الشرق الاوسط.
يذكر أن دول مجلس التعاون عانت خلال الأشهر الأخيرة الماضية الكثير من التوترات المتزايدة.
وحول هذا السياق كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن الرياض وأبو ظبي تواصلان الضغط على الدوحة في المنتديات الدولية، وليس هناك ما يشير إلى تخفيف الحصار الاقتصادي على هذا البلد الخليجي وهذا الأمر يظهر جلياً في قمم مكة الثلاث التي عقدت بناءً على طلب من السعوديين عقب قيام قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" بشنّ العديد من الضربات الصاروخية على شركة "أرامكو" السعودية، وفي تلك القمم الثلاث لم يحضر الشيخ "تميم بن حمد"، أمير قطر، رغم أن الجانب السعودي وجّه له دعوة رسمية للمشاركة في تلك القمم.
وفي سياق متصل، أثارت زيارة أمير دولة الكويت الشيخ "صباح الأحمد الجابر الصباح" إلى أمريكا، للقاء الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، العديد من التساؤلات حول مبادرات حل الأزمة الخليجية، وقضايا أخرى عالقة في الشرق الأوسط.
يذكر أن البيت الأبيض أعلن يوم السبت الماضي أن الرئيس الأمريكي سيلتقي أمير دولة الكويت الأربعاء، وذلك في إطار الجهود الدبلوماسية التي يقوم بها الأخير للوساطة في حل الأزمة الخليجية التي فرضت بموجبها الرياض وأبوظبي والمنامة والقاهرة حصاراً برياً وجوياً وبحرياً على دولة قطر، بدعوى دعم الإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة وتؤكد أنها تتعرض لحملة للسيطرة على قرارها الوطني.
ولقد أبدت قطر استعدادها لتجاوز الأزمة بالطرق الدبلوماسية منذ اللحظات الأولى لكن تعنّت دول الحصار نقل هذا الخلاف إلى المجتمع الدولي وأمريكا على وجه الخصوص، وهو ما تعرقل أيضاً بسبب تعنّت الدول الأربع في الجلوس على طاولة حوار واحدة، وبوساطة أمريكية.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن تسارع الوقائع، واستمرار آثار الأزمة على المجتمع الخليجي، عكس ما توقعه مراقبون لزيارة الشيخ "صباح"، في أنها تأتي تحت إطار تحرُّك دبلوماسي كويتي لعقد اجتماع قمة بين أطراف الأزمة الخليجية، في سبتمبر الحالي.
ولقد أكد وزير الخارجية القطري، الشيخ "محمد بن عبد الرحمن آل ثاني"، في وقت سابق، أن واشنطن تعمل على عقد هذه القمة في حين تلتزم دول الحصار الصمت حيالها.
أمريكا تبحث عن حل لأزمة قطر
ذكر العديد من الخبراء السياسيين بأن واشنطن عجزت عن إيجاد حل للأزمة التي تعصف بمجلس التعاون الخليجي أو أنها ليس لديها رغبة في الضغط على الحكومات العربية المتخاصمة والمحاصرة لقطر لإنهاء حصارها الاقتصادي على الدوحة، ولقد بدأت ملامح هذا العجز وهذا الضعف تظهر للعلن منذ ديسمبر 2018 عندما قرر الرئيس الأمريكي "ترامب" تخفيض عدد القوات الأمريكية في المنطقة ولهذا فإن التوقع بقيام أمريكا بمعجزة لحل هذه الأزمة، ما هو إلا توقع وأمل عديم الجدوى.
وتؤكد التطورات الأخيرة مدى صعوبة حلّ الصراعات التي تحدث داخل مجلس التعاون الخليجي.
يذكر أن قطر أعلنت في نوفمبر 2018 أنها ستنسحب من منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) ولقد تمكّنت في الأول من يناير 2019، من تحقيق ذلك الهدف واستطاعت تحديد مسار مستقل لها في سوق الطاقة العالمي.
وبذلك الامر أصبحت قطر أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم ومن أبرز اللاعبين الثانويين في صادرات النفط، وقرار الدوحة هذا ساعدها على الخروج من تحت مظلة منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) التي تسيطرت عليها السعودية منذ فترة طويلة.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن خروج الدوحة من تحت مظلة "أوبك" واحتمال أن تصبح شريكة أساسية لإيران في مجال الطاقة في المنطقة، أثار غضب الرياض.
ولفتت تلك المصادر بأن لعبة قطر الذكية استطاعت أيضاً إرضاء أمريكا ولقد بدأت قطر حواراً استراتيجياً مع أمريكا ووقّعت اتفاقية مع واشنطن في يناير 2018 حول "تعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتعطيل تدفقات تمويل الإرهاب وتكثيف أنشطة مكافحة الإرهاب".
كما دفعت سياسة الدوحة الخارجية ودورها الفعّال في العديد من التطورات الإقليمية، مسؤولي البيت الأبيض إلى قبول الدور القطري في خلق توازن للأحداث التي تعصف بالمنطقة واعتبارها حليفاً أهم من السعودية.
ومن أبرز القضايا الرئيسة التي استدعت انتباه البيت الأبيض إلى الدوحة هي قضية أفغانستان.
لقد قامت الدوحة، باستضافة محادثات حركة طالبان مع أمريكا على أراضيها خلال الأشهر الماضية.
وهنا يرى العديد من الخبراء السياسيين بأن قطر تربطها علاقات جيدة بطالبان وكذلك مع الحكومة الأفغانية، ولفت أولئك الخبراء بأن الدوحة كان لها دور فعّال للغاية في حل الأزمة الأفغانية أكثر بكثير من الدور الذي لعبته السعودية والإمارات في هذه القضية وتمكنت الدوحة من إرسال طوق النجاة للرئيس "ترامب" ومساعدته على الخروج من المستنقع الأفغاني بعد مرور عقدين من الحروب.
كما أن هناك قضية مهمة أخرى هي القضية الفلسطينية، والتي تعتبر القضية الأكثر أهمية في منطقة غرب آسيا، والتي تحتاج أمريكا لمرافقة قطر لمواصلة سياستها لحل هذا القضية المهمة، خاصةً وأن مؤامرة "ترامب" ضد القدس التي جاءت تحت اسم "صفقة القرن" فشلت في مراحلها الأولى، والآن يعيش مسؤولو البيت الأبيض في حالة من الارتباك ولهذا فإنهم يحتاجون للدوحة لمساعدتهم على المضي قدماً في إنجاح تلك الصفقة المشؤومة.
وفي الختام يمكن القول بأنه يمكن لأمريكا أن تتدخل في حل الأزمة القائمة بين دول الخليج الفارسي ويمكنها أيضاً ممارسة الضغوط على الدول المحاصرة لقطر لإنهاء العقوبات التي فرضتها على الدوحة قبل عدة سنوات.