الوقت- لا نعلم إن كان هناك "سحر" ما مارسه "الكيان الإسرائيلي" على آل خليفة في البحرين، لكي يدافعوا عنه بهذا الشكل المبالغ فيه، لدرجة أن أمريكا نفسها لا تدافع عن الكيان الصهيوني بهذا الشكل المفرط، حيث ينتقد بعض المسؤولين الأمريكيين بعض الأحيان السياسة الإسرائيلية، إلا أن مسؤولي البحرين على العكس تماماً، ويمكن القول إنهم مستعدون لانتقاد الإدارة الأمريكية إذا انتقدت "إسرائيل"، فما هو سرّ هذه العلاقة بينهما؟.
سعادة "إسرائيل" لا توصف وهي ترى البحرين تتجاوز فكرة التطبيع معها وتتحوّل للتحالف معها "على بياض" ودون أي مطالبات أو ملاحظات، والسعادة الأكبر بالنسبة للصهاينة أن آل خليفة يهبّون لنصرة الصهاينة إذا ما تعرّضوا لأي هجوم حتى لو دمّرت "إسرائيل" البلاد العربية برمّتها، فالأمر سيان بالنسبة لهم، وسيكون ردّ حكام البحرين أن "إسرائيل" تدافع عن نفسها وهذا حقّها.
انتقاد البحرين لاستهداف "حزب الله" مركبة عسكرية إسرائيلية، أغضب الشارع العربي الذي انتفض في وجه الناطق الرسمي باسم المطبعين العرب، وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة، الذي انتقد عملية "حزب الله"، متهماً الدولة اللبنانية بـ"التفرّج" على التصعيد عند حدودها، وطلب من مواطنيه مغادرتها.
وكتب الوزير البحريني في تغريدة على تويتر: "اعتداء دولة على أخرى شيء يحرّمه القانون الدولي، ووقوف دولة متفرجة على معارك تدور على حدودها وتعرّض شعبها للخطر هو تهاون كبير في تحمل تلك الدولة لمسؤولياتها".
وقوبلت تغريدة وزير الخارجية البحريني بموجة غضب عارم من المدونين تعليقاً على تغريديته، وكتب المغرد "عبدالله بن حمدان العنزي"، ليس حبّاً أو دفاعاً عن #حزب - الله ، لكن تغريدتك هاذي تمثلك أنت لوحدك، وإذا متعاطف مع إسرائيل .. روح عزّيهم وطبطب على كتوفهم (قال اعتداء دولة على أخرى قال)‼ "إسرائيل" دولة احتلال ولا نعترف بها كدولة".
طبعاً نظير خالد بن أحمد آل خليفة الإماراتي لم يتركه وحيداً يدافع عن "الصهاينة" لكن جاء كلامه أخف وقعاً من آل خليفة، ليغرد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في حسابه على موقع تويتر "قلوبنا مع لبنان واللبنانيين هذا المساء، فطالما عانوا من انفراد القرار وتداعياته" في انتقاد مبطّن لحزب الله.
وبحسب قرقاش فإن "المنطق أن قرار الحرب والسلام والاستقرار يجب أن يكون قرار الدولة ويعبّر عن مصالحها الوطنية وسلامة مواطنيها في المقام الأول".
لم ننتظر كثيراً ليتبين لنا أن الأوامر جاءت لهذين الوزيرين من "إسرائيل" نفسها، إذ قال الكيان الصهيوني، "طالبنا الإمارات والبحرين بإدانة ردّ حزب الله علينا.. وقد فعلا"، إذ وضع وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، تصريحات البحرين والإمارات المستنكرة لرد حزب الله على الجيش الاسرائيلي، في إطار "الاتصالات السرية التي تجريها إسرائيل مع البلدين".
الغريب هذه المرة أن الجامعة العربية نفسها وعلى عكس العادة، أعربت عن تضامنها مع لبنان على خلفية قصف الاحتلال، وقال بيان للجامعة، الأحد الماضي نقلاً عن مصدر مسؤول:" إن الأمين العام أحمد أبو الغيط يتابع بقلق وانزعاج تطورات تبادل إطلاق النار في المناطق الحدودية بين لبنان وإسرائيل"، مؤكداً تضامن الجامعة العربية الكامل مع الدولة اللبنانية في مواجهة أي اعتداءات تتعرّض لها.
كما جاء في البيان: "المجتمع الدولي يحمّل مسؤولية ضبط ردود الأفعال الإسرائيلية التي قد تدفع بالأمور نحو مزيد من التصعيد لأغراض انتخابية داخلية".
لكن البحرين بقيت على موقفها الثابت المدافع عن "الصهاينة"، ومنذ مدة قريبة جداً رأت البحرين، أنه "لا يُلام" من يضرب إيران ومنظمة حزب الله اللبنانية أو مستودعات صواريخهم، وذلك في تلميح بتأييد الضربات الإسرائيلية ضد مثل هذه الأهداف في سوريا، وجاء ذلك بعد يومين فقط، من ضرب إسرائيل لهدف في سوريا.
ولم تتوقف البحرين عند هذا الحد، بل رحّبت أيضاً وزارة خارجيتها في بيان لها " بقرار جمهورية الأرجنتين تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية وتجميد أصول أعضائه في أراضيها".
وجاء هذا البيان بعد لقاء جمع وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس بنظيره البحريني لإجراء محادثات حول إيران في واشنطن وتم التقاط صورة مشتركة نادرة لهما، ما يشير إلى ما وصفته القدس بأنه تعزيز للعلاقات مع الدولة الخليجية.
ولوحظ في الأشهر الأخيرة، نشاط لافت لوزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة، مطلِقاً سلسلة تصريحات يؤيد فيها حق "إسرائيل" في "الدفاع عن نفسها"، وهي الكلمة ذاتها التي اعتادت الإدارات الأمريكية المتعاقبةُ ترديدها في كل شاردة وواردة.
ويعتبر "آل خليفة" المسؤولَ البحريني والعربي الوحيد الذي عزز من تحركاته ولقاءاته مع "الإسرائيليين" بشكل علني وواضح، وتصدَّر المشهد مؤخراً داخل البحرين وفي الخليج والوطن العربي، وهو ما جعله محلّ استهجان وغضب عربي، حتى بات يُلقبه البعض بـ"السادات الجديد"، في إشارة إلى الرئيس المصري الراحل أنور السادات وزيارته الشهيرة لـ"الكنيست" الإسرائيلي.
وأواخر يونيو 2019، قال وزير خارجية البحرين، في تصريحات لصحيفة "تايم أوف إسرائيل": إن "إسرائيل وُجدت لتبقى، ولها الحق في أن تعيش داخل حدود آمنة"، كاشفاً عن رغبة بلاده ودول أخرى في التطبيع معها.
ولم يكتفِ المسؤول البحريني بذلك، بل التقى نظيره الإسرائيلي علناً ودون أي خجل، على هامش مؤتمر الأديان بالعاصمة الأمريكية واشنطن، في يوليو 2019، في تأكيد منه أن الوقت بات مناسباً لتدشين حلف مع "تل ابيب".
ودافع آل خليفة عن حق إسرائيل في الوجود كدولة وبحدود آمنة، وقال إن هذا الحق هو ما جعل دولاً عربية تعرض عليها مبادرة سلام، ودعا الإسرائيليين إلى التواصل مع القادة العرب، والتوجه إليهم بخصوص أي مشكلات تحتاج للحل.
ووصف آل خليفة ورشة البحرين التي عقدت مؤخرا في البحرين بالمغرية جداً، وأضاف أنه لم ير شقاً سياسياً في خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المطروحة في الورشة، مؤكداً استعداد بلاده ودول عربية أخرى لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وأكد أن المنامة ترغب في جعل هذه الورشة نقطة تحوّل ثانية في مسار العلاقات الإسرائيلية العربية بعد اتفاق كامب ديفيد مع مصر عام 1978.