الوقت- قامت قوات الجيش الإسرائيلي بتنفيذ العديد من الحملات صباح يوم الاثنين الماضي لهدم الكثير من منازل فلسطينيين التي تعتبرها غير قانونية والواقعة إلى جنوب القدس، وتولّت عشرات العناصر من الشرطة والقوات الإسرائيلية تطويق أربعة مبانٍ على الأقل في منطقة صور باهر وباشرت جرافة بهدم بناء من طابقين قيد الإنشاء، وفق ما أورده صحافي.
وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن القرار الإسرائيلي يشمل عشرة مبانٍ بعضها قيد الإنشاء وسيتسبّب بتشريد 17 شخصاً، ويؤثّر على 350 آخرين.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن السلطات الإسرائيلية أصدرت أوامر بهدم المباني، مبررة ذلك بوجودها في منطقة أمنية بالقرب من الجدار الإسرائيلي الذي يعزل القدس عن الضفة الغربية المحتلة.
وهنا فإن السؤال الذي يطرح نفسه، هل هدم المناطق السكنية الفلسطينية يشير إلى أن السلطات الاسرائيلية بدأت بتنفيذ صفقة القرن التي لم يتم الاتفاق عليها بشكلِ كلي حتى الآن؟، وهل يتّبع الصهاينة في وقتنا الحالي مقاربة مستقلّة لتنفيذ خطط البيت الأبيض؟.
معضلة الأرض التي يعاني منها الكيان الصهيوني
بذل الكيان الصهيوني الكثير من الجهود لضمّ الأجزاء الأكثر أهمية من الأراضي المحتلة التي احتلها عام 1967 لـ "إسرائيل" كما يسعى هذا الاحتلال للصبغة الشرعية عن طريق الاتفاق مع الفلسطينيين على صفقة القرن.
يذكر أن الأمم المتحدة والدول الكبرى حتى الآن لم تعترف بملكية الصهاينة للأراضي التي استولت عليها عام 1967.
وفي تلك الفترة تم تقديم مصطلح "الأراضي المحتلة" لأول مرة في شكل قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242، والذي أعلن فيه أن الاستيلاء على الأراضي غير مقبول، كما دعا هذا القرار إلى انسحاب القوات الصهيونية من الأراضي المحتلة خلال حرب الأيام الستة مع العرب وتشمل تلك الاراضي المحتلة، الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان.
وعلى الرغم من أن الكيان الصهيوني قد انسحب من قطاع غزة عام 2005، إلا أن هذا القطاع لا يزال قابعاً تحت حصار القوات البحرية الاسرائيلية.
وحول هذا السياق، كتبت صحيفة "هارتز" في منتصف شهر يوليو الماضي، بعد مؤتمر المنامة الاقتصادي، في تقرير على لسان "جاريد كوشنر"، "يمكن تحقيق الخطة الاقتصادية، لكن هذا لن يحدث من دون موافقة قيادة السلطة الفلسطينية".
التوسع الإسرائيلي الجديد في فلسطين
واصلت السلطات الإسرائيلية التوسع في المستوطنات غير القانونية، وما يتصل بها من بنية تحتية في القدس الشرقية، وفي مناطق أخرى بالضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك عن طريق إضفاء الصفة القانونية على نقاط عسكرية متقدّمة أقيمت دون ترخيص على أراض فلسطينية خاصة.
وعقدت انتخابات محلية، في أكتوبر/تشرين الأول، في مختلف أرجاء "إسرائيل"، وفي المستوطنات غير القانونية، بما في ذلك في القدس الشرقية ومرتفعات الجولان المحتلتين، واستمر الجمود في المفاوضات بين السلطات الإسرائيلية والفلسطينية.
وفي 15 مايو/أيار، نقلت أمريكا مقرّ سفارتها من تل أبيب إلى القدس، منتهكة بذلك القانون الدولي.
وأوصى تحقيقان أجرتهما الشرطة بتوجيه الاتهام إلى رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" بسبب مزاعم فساد.
ولم يكن المدعي العام الإسرائيلي قد اتخذ قراراً بعد بشأن توصيات الشرطة في هذا المجال، بحلول نهاية السنة.
واندلعت موجات من الأعمال العدائية المسلّحة بين "إسرائيل" والجماعات الفلسطينية المسلّحة في قطاع غزة.
فشنّت القوات الإسرائيلية عشرات الضربات الجوية على غزة، ما أدّى إلى مقتل 46 شخصاً.
وأطلقت الجماعات الفلسطينية المسلحة مئات الصواريخ إلى داخل "إسرائيل"، وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بعد يومين من الأعمال القتالية الشديدة من قبل الطرفين، تمّ الإعلان عن وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" والجماعات الفلسطينية المسلحة بوساطة من مصر.
وقد هاجم أفراد فلسطينيون، معظمهم غير منتسبين إلى جماعات مسلحة، إسرائيليين في الضفة الغربية وفي "إسرائيل" ما أدّى إلى مقتل 13شخصاً على الأقل، وأدّت هجمات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين إلى وفاة امرأة فلسطينية.
ردود الفعل الإقليمية والعالمية
قرّرت القيادة الفلسطينية اليوم الاثنين وضع آليات لإلغاء كل الاتفاقيات مع "إسرائيل"، وطالبت المحكمة الجنائية الدولية بفتح "تحقيق فوري" فيما وصفتها بجرائم الاحتلال الإسرائيلي بعد إقدام السلطات الإسرائيلية على هدم عشرات المنازل في القدس.
كما أدان كل من الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي أعمال الهدم، ودعَوا إلى وقفها فوراً.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات -خلال مؤتمر صحفي عقده بمقر المنظمة عقب اجتماع طارئ-: "إن القيادة الفلسطينية قرّرت وضع آليات لإلغاء كل الاتفاقيات مع "إسرائيل".
وندد عريقات بهدم "إسرائيل" المساكن الفلسطينية في القدس، مؤكداً أن الحكومة قرّرت وبتعليمات من الرئيس محمود عباس وضع كل ما يلزم لتخفيف الضرر عن العائلات المتضررة من إسكان وتعويض كامل.
من ناحية أخرى، طلب الاتحاد الأوروبي من "إسرائيل" أن توقف "فوراً" عمليات الهدم "غير القانونية" لمنازل الفلسطينيين في القدس.
وقالت المتحدثة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في بيان لها إنه "توافقاً مع الموقف الطويل الأمد للاتحاد الأوروبي ننتظر من السلطات الإسرائيلية أن توقف فوراً عمليات الهدم الحاليّة.. سياسة الاستيطان الإسرائيلية غير قانونية من وجهة نظر القانون الدولي".
كما اعتبرت منظمة التعاون الإسلامي في بيان لها أن هدم العشرات من منازل الفلسطينيين في القدس "تصعيد خطير يأتي في إطار مواصلة الاحتلال الإسرائيلي محاولاته تغيير طابع مدينة القدس الشريف القانوني وتركيبتها الديمغرافية والتهجير القسري للمواطنين الفلسطينيين عن أراضيهم وممتلكاتهم"، داعية إلى مساءلة "إسرائيل" قانونياً.
كما دعت المنظمة المجتمع الدولي إلى حمل "إسرائيل" على الكف عن ممارساتها "غير القانونية"، ووضع حدّ لكل أفعالها التي تنتهك حقوق الفلسطينيين.