الوقت- شهدت منطقة الخليج الفارسي انخفاضاً نسبياً في التوترات خلال الأيام الماضية وذلك عقب تراجع مسؤولي البيت الأبيض عن نهجهم العدواني تجاه إيران، بعد قيام سلاح الجو التابع لقوات الحرس الثوري الإيراني بإسقاط طائرة التجسس "جلوبال هوك" الأمريكية وبعد طلبات واشنطن المتكررة للتفاوض دون شرط مسبق مع طهران، ولكن مصادر إخبارية كشفت بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" فتح الباب يوم الثلاثاء الماضي أمام التهديدات العسكرية ضد إيران وأعلن عن إمكانية ضرب بعض الأهداف العسكرية داخل إيران، وأثناء زيارته لقاعدة "نفاتيم" الجوية التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي ومشاهدته أحدث أنواع الطائرات الحربية من الجيل الخامس لفئة "إف 35"، قال "نتنياهو": "يجب على إيران أن تتذكر أن هذه الطائرات لها القدرة على الوصول إلى أي مكان في الشرق الأوسط، بما في ذلك إيران وسوريا".
طائرات "إف-35" الإسرائيلية
تختلف طائرات "إف-35" التي تصنعها شركة "لوكهيد مارتين" الأمريكية لإسرائيل عن سائر نظيراتها الأخرى، وذلك لأن "إسرائيل" اشترطت حين أبدت الرغبة في اقتناء مقاتلات "إف-35"، أن تتم تهيئتها لمهام محددة، وامتثالاً لرغبة "إسرائيل" أقبلت الشركة الأمريكية على صنع طائرة متميّزة تختلف عن غيرها من طائرات "إف-35".
وتحتوي الطائرة التي أطلق عليها اسم F-35I أو " Adir"، على معدات الإدارة والمراقبة والاتصال والاستطلاع الإلكتروني من صنع إسرائيلي وهذه الطائرات المصنوعة لـ "إسرائيل" مزودة بتقنية C4I التي تتيح تحديد أولويات كل طائرة أثناء العمليات العسكرية، وتمكّنها من اكتشاف مواقع إطلاق الصواريخ المعادية وتدميرها في وقت سريع.
وستستخدم طائرات "F-35I" الصواريخ والقنابل الإسرائيلية الصنع فقط، وعلى الأخص قنابل Spice-1000 وSpice-2000 التي تستطيع أن تحلّق بشكل انفرادي لمسافة 90 كيلومتراً وتصيب الهدف بدقة تصل إلى 4 أمتار.
وتتميز طائرة "إف-35" الإسرائيلية بوجود خزانات إضافية للوقود داخل الطائرة ما يزيد مدى الطائرة بنسبة 36 في المئة.
وهنا يجدر بنا التساؤل هل لهذا النوع من الطائرات الحربية القدرة على شنّ هجمات جوية موجعة ضد إيران؟
للإجابة على هذا السؤال يجب علينا مراجعة التقرير الإخباري الذي نشره موقع "نشنال نيوز" الإسرائيلي والذي سلط الضوء على أبرز المشكلات التي يعاني منها هذا النوع من الطائرات الحربية، ووفقاً لهذا الموقع، فإن أول عيب يوجد في طائرات "F35" هو أنه يمكن اكتشافها عن بُعد بسهولة لأن ضجيجها كبير للغاية والشيء الوحيد الذي يتعيّن على إيران القيام به لكشف هذه المقاتلة هو تحذير السكان المدنيين الذين يعيشون في المناطق الحدودية وإخبارهم بأن هذه الطائرة تصدر ضجيجاً كبيرا.
والعيب التالي لهذا المقاتلة، هو أن صوتها مختلف عن صوت جميع الطائرات الحربية الأخرى، لذا فإن كل السكان الذين يعيشون جنوب الأراضي المحتلة، والذين لا يدينون بالولاء للكيان الصهيوني، يمكنهم التعرّف بسهولة على طائرات F-35 ونقل تقارير عن تحركات هذا النوع من الطائرات إلى إيران.
وإذا ما قامت مجموعة من المقاتلات الحربية الإيرانية بمواجهة هذا النوع من الطائرات الإسرائيلية، فإنه من المؤكد أن تكون الهزيمة من نصيب هذه الطائرات الإسرائيلية، وذلك لأن هذا النوع من الطائرات لن يكون قادراً على الطيران بسرعة تفوق سرعة طائرات F-14 أو F-15 أو F-22.
والمسألة الأخرى هي ما إذا كان بإمكانهم بشكل أساسي دخول المجال الجوي الإيراني وتنفيذ بعض الهجمات الجوية من دون أن تكتشفها أنظمة الدفاع الجوي الإيراني؟ وتستند هذه الفرضية على التركيز على قدرة رادارات طائرة F-35 ولكن هل هذه المقاتلة قادرة حقاً على الاختباء من أنظمة الرادار المتقدمة؟
هنا تجدر الإشارة إلى أن مشكلة الرادارات لدى الطائرات الحربية الجوية تعدّ واحدة من الاهتمامات الرئيسة للمصنعين وشركاتهم، وذلك لأن الكثير من الشركات العالمية تمكّنت هذه الأيام من تصميم وصناعة مجموعة متنوعة من أنظمة الرادارات المتقدمة التي يمكنها اكتشاف العديد من الطائرات الحربية بسهولة، وتتبعها، وهنا يجب القول بأنه في الأساس لا يمكن لأي بلد أن يدّعي أنه يمتلك راداراً محمولاً على متن طائراته الحربية يمكّنها من الاختفاء بنسبة 100٪.
وبالنظر إلى الرادارات المتطوّرة التي تمتلكها جمهورية إيران الإسلامية، فإنه يمكن القول هنا بأن تلك الطائرات الإسرائيلية لا يمكنها الدخول إلى المجال الجوي الإيراني من دون ألّا تتمكن أجهزة الرادار الإيرانية من اكتشافها وتتبعها، ويمكن القول هنا أيضاً بأن الدفاعات الجوية الإيرانية تستطيع اليوم اكتشاف وتتبع المعدات العسكرية الأكثر تطوراً في العالم باستخدام مجموعة متنوعة من الرادارات المتقدمة، بما في ذلك "إس 300" و"سوم خرداد" و"نبف" و"كاستا" وبعض النماذج المحلية الصنع الأخرى.
أهداف "نتنياهو"
وفقاً لما قيل عن عدم وجود فرصة لإخفاء طائرات F35 عن أنظمة المراقبة التابعة للدفاعات الجوية الإيرانية، وأيضاً على أساس المخاطرة الكبيرة في القيام بأي نوع من العمليات العسكرية ضد إيران والتي من شأنها أن تعرّض الوجود الإقليمي لهذا الكيان للخطر، فإنه يجب اعتبار هذه التصريحات التي أطلقها "نتنياهو"، أنها تصريحات رمزية تهدف إلى خلق قاعدة شعبية له داخل البيت الإسرائيلي، وذلك لأنه أولاً، أعرب وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف"، بأن "نتنياهو" يعتبر جزءاً من المجموعة "ب"، التي تسعى إلى دفع البيت الأبيض و"ترامب" لدخول حرب غير مرغوب فيها مع إيران.
إلا أن تراجع "ترامب" عن هذه العمل، حتى بعد إسقاط طائرة التجسس الأمريكية فوق المياه الاقليمية الإيرانية، قد حطم آمال "نتنياهو"، ومن ناحية أخرى، يمكن القول إن "نتنياهو"، الذي يستعدّ لإجراء انتخابات برلمانية، سعى إلى تحريك الرأي العام في الأراضي المحتلة بالاستعانة بقضية إيران النووية من أجل التصويت لمصلحة الأحزاب اليمينية.