الوقت- بعد مضي اكثر من 4 اشهر على بدء العدوان السعودي على اليمن يبدو ان السياسات السعودية في المنطقة قد تحولت الى سياسات امبريالية واستعراضية تستند الى استخدام القوة والاستفادة من الادوات الاقتصادية والايديولوجية والتحالف مع الغرب.
وتسعى السعودية الى اشاعة التخويف من ايران في حين باشرت هي بنفسها الى التدخل العسكري العدواني في دولة كانت تشهد حراكا جماهيريا، وكانت السعودية تعتبر اليمن دوما بأنه يقع ضمن دائرة امنها القومي وتنظر الى استقلال اليمن كخطر وتحدٍ لها وقد لعبت السعودية على وتر الخلافات القبلية في اليمن لاضعاف هذا البلد وفي نفس الوقت تقيم العلاقات مع الحكومة المركزية في صنعاء.
ولم تكن السعودية في يوم من الايام تتحمل وجود سياسة يمنية مستقلة بل كانت تعاقب اليمن في حال شعرت بوجود مثل تلك السياسة فعلى سبيل المثال عندما هاجم العراق الكويت وقام الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بتأييد ذلك الغزو طردت السعودية مليون مهاجر يمني وقطعت المساعدات المالية عن اليمن ودعمت الانفصاليين في جنوب اليمن.
وانطلاقا من منطقها الاستعلائي نرى ان السعودية اختارت اللجوء الى هجوم جوي سريع لتغيير موازين القوى في اليمن لصالح عبد ربه منصور هادي في المواجهة مع حركة انصارالله لكن هذا الهجوم لم يؤد الى جلوس المعارضين الى طاولة المفاوضات وقبولهم بالشروط السعودية بل ادى الى امتداد دائرة الخطر حتى الى داخل الاراضي السعودية فباتت حركة انصارالله وقوات الجيش اليمني تطلق الصواريخ على محافظة جيزان السعودية ومناطق اخرى وثكنات وقواعد للجيش السعودي وبهذا ادرك السعوديون ان الهجوم على اليمن لها تكلفة عالية لايمكن التعويض عنها حيث اصبحت كل منطقة جنوب غربي السعودية في مرمى النيران.
ان الهجوم على اليمن غير النظام السياسي الذي كانت السعودية اقامته في المنطقة كما تسبب بحدوث تحديات في داخل السعودية وقد تشكلت حركة "احرار نجران" في داخل السعودية والتي تضم نشطاء سعوديين من مختلف القبائل وهذا ما يمكن اعتباره اسوأ نتيجة كان السعوديون يتوقعونها كما ان الاضطرابات التي تشهدها منطقة القطيف السعودية ايضا تصاعدت في الآونة الاخيرة وان تصاعد الحملة الامنية القمعية في داخل السعودية يثبت ان السعودية التي تسعى الى إحكام سيطرتها على كامل شبه الجزيرة العربية تعاني من عدم استقرار في الداخل ما يضر بسمعة هذا البلد على الصعيد الدولي ويهز اركان حكم آل سعود في الداخل.
ان الخيبة السعودية تأتي بعد ان كان هذا البلد يظن بأنه سيحقق عدة اهداف في آن معا في الهجوم على اليمن فالرياض كانت تريد القضاء على التهديد المزعوم الذي تشكله حركة انصارالله المدعومة من ايران كما كانت تعتزم اعلان زعامتها مجددا على الدول العربية والعالم الاسلامي واعادة السيطرة بالكامل على مجلس التعاون وبناء معادلة اقليمية وتوازن قوى جديد بينها وبين ايران، وكانت السعودية تريد من بعد تسجيل الانتصار في اليمن التفرغ لتطورات الاوضاع في مصر والعراق وسوريا لكن هذا الامر لم يحصل.
وعندما ننظر الى الدور والافعال السعودية يجب ان نتذكر دوما بأن الرياض تعتبر أداة واحدة من الأدوات الامريكية في المنطقة وان السياسات الامريكية في المنطقة ليست كلها منطبقة على السياسات السعودية فالرياض قد فقدت مكانتها الاستراتيجية في السياسة الامريكية كما ان واشنطن لم تعد تعير الرياض اهمية كبيرة نظرا الى اكتشاف مصادر كبيرة من النفط الصخري في امريكا ويضاف هذا كله الى الاتفاق النووي الذي تم بين ايران والغرب والخلاف الامريكي السعودي حول قضية تنحي الرئيس السوري بشار الاسد عن الحكم، وبهذا يمكن القول ان الرياض تخسر دورها في المنطقة لصالح الدور الايراني.
ان الحرب التي شنتها السعودية على اليمن لها رسائل تتخطى قضايا البلدين فالسعودية تريد إفهام الدول العربية انها صاحبة الكلام الأول والدور الاعلى والاهم في شبه الجزيرة العربية لكن اذا نجح الشعب اليمني في تقرير مصيره بنفسه فإن تبعات هذا الفشل ستكون كبيرة على السعودية وستخسر الرياض سيطرتها على دول الجزيرة العربية وستنجح ايران في تنفيذ سياساتها المقاومة في المنطقة بكل قوة وستتضافر الجهود الدولية وجهود ايران في مكافحة الارهاب والتطرف في دول مثل العراق وسوريا.