الوقت- عادت قضية اغتيال الصحفي السعودي المعارض "جمال خاشقجي" إلى الواجهة مرة أخرى، بعدما تم إهمالها بشكل متعمّد من قبل المجتمع الدول نتيجة لتصاعد التوترات في منطقة الخليج الفارسي وتزايد المخاوف بشأن تدفق انتقال الطاقة من مضيق هرمز والحرب الليبية والثورات الشعبية التي تدفقت خلال الأشهر الأخيرة في الجزائر والسودان.
وحول هذا السياق، نشرت الأمم المتحدة تقريراً مفصّلاً حول نتائج التحقيق في قضية "خاشقجي" وحول مرتكبي هذه الجريمة، وهذا الأمر أدّى إلى زيادة الضغط على الحكومة السعودية، وأعلنت مقررة الأمم المتحدة "أغنيس كالامارد"، وجود أدلة موثوقة تستوجب التحقيق مع مسؤولين كبار، بينهم ولي العهد السعودي، في قضية مقتل الصحفي "جمال خاشقجي" بقنصلية بلاده في إسطنبول، العام الماضي.
وأكدت "كالامارد" في تقريرها حول قضية مقتل "خاشقجي" الأربعاء الماضي 19 حزيران 2019، أن مقتل "خاشقجي" هو إعدام خارج نطاق القانون، تتحمل مسؤوليته الدولة السعودية.
ولفتت إلى أن السعودية في قتلها صحفياً، قد ارتكبت عملاً لا يتفق مع مبدأ أساسي من مبادئ الأمم المتحدة، ألا وهو حماية حرية التعبير. كما دعت المقررة الأممية، الأمين العام للأمم المتحدة إلى فتح تحقيق جنائي في مقتل "خاشقجي".
وشددت على ضرورة إطلاق أمريكا تحقيقاً في جريمة مقتل "خاشقجي" عن طريق مكتب التحقيقات الفيدرالي، وأوضحت أنه يجب على السعودية الاعتذار من الحكومة التركية بسبب إساءتها استخدام الامتيازات الدبلوماسية.
كما دعت السعودية لتعليق محاكمة 11 متهماً في قضية "خاشقجي"، متعللةً بمخاوف من إجهاض العدالة، وقالت إن العقوبات الموجهة لسعوديين فيما يتعلق بمقتل "خاشقجي"، يتعيّن أن تشمل ولي العهد والأصول الشخصية له في الخارج.
السعودية تعيش في غضب وإنكار
بعد يوم واحد من نشر الأمم المتحدة تقريراً حول قضية جريمة قتل الصحفي السعودي المعارض "جمال خاشقجي"، صرّح "عادل الجبير"، وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، إن السعودية زوّدت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بتقرير مرحلي مفصّل عن قضية مقتل الصحفي المعارض "خاشقجي" في الـ 3 يونيو الماضي، وأضاف الوزير إن السعودية تحتفظ بحقها في اتخاذ الإجراءات القانونية للرد على كل الادعاءات الزائفة.
واعتبر "الجبير" أن التقرير الصادر عن الأمم المتحدة يحوي تناقضات ويشتمل على مزاعم بلا أساس.
بطبيعة الحال، إن تصريحات "الجبير"، هي تصريحات قالها ولي العهد السعودي خلال الأيام القليلة الماضية في مقابلته مع صحفية الشرق الاوسط، حيث اعتبر "ابن سلمان" أن قضية اغتيال الصحفي "خاشقجي" تعتبر حدثاً مؤلماً، وتعهد بأنه سوف يشرف بنفسه على محاكمة جميع الأشخاص الذين اشتركوا في هذه الجريمة.
ومع ذلك، فإن تقرير الأمم المتحدة كشف زيف جميع تلك التصريحات التي أطلقها ولي العهد السعودي، وحول هذا السياق كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن ولي العهد السعودي يعيش هذه الأيام في حالة غضب وإنكار، خاصةً بعد الهزائم المتتالية التي مُنيت بها قوات تحالف العدوان على أيدي أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية وتزايد ضغوط الكونغرس الأمريكي على حكومة "ترامب" ومطالبة المجتمع الدولي بإنهاء الحرب العبثية في اليمن.
الاختباء خلف أمريكا ونقل المعركة إلى الساحة التركية
أعلن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" في كلمة له يوم الخميس أن تقرير الأمم المتحدة يؤكد تورّط المسؤولين السعوديين في جريمة قتل "خاشقجي وسيدفعون الثمن، مشيراً إلى أن هذا التقرير يؤكد أن موقف السعوديين حيال تركيا كان خاطئاً.
ومن جهتها دعت وزارة الخارجية التركية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى تطبيق التوصيات التي قدمتها "كالامارد"، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالإعدامات التعسفية والمنفذة خارج نطاق القضاء في تقريرها حول مقتل "خاشقجي".
من جهته قال مسؤول أمريكي يوم الأربعاء الماضي إنه يتعيّن على السعودية بذل مزيد من الجهود لضمان محاسبة من يقف وراء قتل الصحفي "جمال خاشقجي"، وذلك بعد إعلان مقررة لدى الأمم المتحدة أنها وجدت أدلة موثوقة تربط مسؤولين كبار، بينهم ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان"، بمقتل "خاشقجي".
وجاء ردّ الفعل الأمريكي على لسان المبعوث الأمريكي "برايان هوك"، الذي قال أثناء إدلائه بشهادة أمام الكونغرس: إن المدعي العام السعودي اتخذ خطوات مهمة نحو المساءلة، لكن ما زال هناك الكثير الذي يتعيّن القيام به.
وأضاف "هوك"، بأن وزير الخارجية "مايك بومبيو" قال بأننا مصممون على محاسبة كل شخص يتحمّل مسؤولية مادية في القضية.
وفي مثل هذه الظروف، يجب علينا أن ننتظر ونرى ما إذا كان نشر تقرير الأمم المتحدة الجديد عن مرتكبي جريمة قتل الصحفي السعودي المعارض "جمال خاشقجي" قد يؤدي إلى فرض ضغوط دولية ضد السياسات العدائية والقمعية التي يقوم بها "ابن سلمان" للقضاء على معارضيه ومنتقديه، أو إن الأموال السعودية سوف تتمكّن من إنقاذ هذا الأمير المتهور، كما تمكّنت في الماضي من إخراج اسم السعودية في قائمة الأمم المتحدة السوداء.