الوقت- تزايدت التحذيرات السورية - الروسية من إقدام المسلحين على استخدام الأسلحة الكيماوية في المناطق التي يسيطر عليها المسلحون في محافظة إدلب بالتزامن مع تقدّم الجيش السوري في أرياف حماة وإدلب وحلب.
وفي الوقت نفسه، تشير المعلومات الواردة من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) إلى تورّط الإرهابيين في هجوم كيماوي العام الماضي على دوما.
في هذا التقرير الذي كشف عنه مهندسون من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، شكك المهندسون في بيان آذار الصادر عن المنظمة حول هجمات دوما الكيميائية، وبحسب المهندسين فإن نتائج التقرير الرسمي للمنظمة حول الهجوم الكيميائي في مدينة دوما السورية لا تتوافق مع الواقع وتتناقض مع الخبرة الهندسية.
وجاء في نص التقييم الهندسي للخبراء: "تشير الاختبارات التي تم إجراؤها في موقعين للحادث إلى جانب التحليل اللاحق إلى أنه من المحتمل أن تكون الأسطوانات (الكيميائية) قد وضعت (على الأرض) ولم تسقط من الهواء".
أهمية هذا التقرير
حتى خريف عام 2018 كان لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) القدرة على تشخيص وقوع هجوم كيماوي، ولكن مع التعديل الذي طرأ على ميزانيتها لعام 2019، وبناءً على الاقتراح البريطاني الجديد، تمت إضافة تفويض جديد لإعلان المسؤول عن الهجوم الكيميائي.
إن التقرير الذي نشرته منظمة حظر الكيميائي في الأول من شهر آذار الماضي، حول التحقيق في حادثة بلدة دوما بسوريا يوم 7 نيسان 2018، حيث رجّحت استعمال الكلور في الهجوم، كما أوضح التقرير أن أسطوانات الكلور تم إسقاطها من الجو، ما سمح لبعض الدول الغربية باتهام الطيران السوري بالهجوم، وبالتالي إبعاد الشبهة عن الجماعات الإرهابية المسلّحة مثل "جيش الإسلام" و"جبهة النصرة"، ولو أن منظمة الحظر الكيميائية تحدّثت عن نقل هذه المواد الكيماوية عن طرق برية لكانت هذه الجماعات الإرهابية في خبر كان، إلا أن استغلال الغرب لمثل هذه المنظمات وتسييسها يخلط جميع الأوراق في المنطقة ويحرف الرأي العام الغربي عن الحقيقة.
التبعات السياسية لنتائج تحقيقات الحملة الكيميائية
تجربة الأزمة السورية تشير إلى أنه بالتزامن مع تحرير أي منطقة استراتيجية يتزايد احتمال الهجمات الكيميائية، أو تلفيق مشاهد تظهر إصابة بعض الأطفال بهذه الأسلحة لتأليب الرأي العام العالمي وإحباط عمل المؤسسة العسكرية السورية.
في العام الماضي عندما تم تحرير دوما، والتي تعدّ واحدة من المناطق الحساسة لقربها من العاصمة، وتهديد الحياة في دمشق من خلال هذه المنطقة بشكل دائم بسبب إطلاق القذائف نحو المدنيين، ترافق تحرير هذه المدينة من قبل الجيش السوري مع هجوم كيماوي غامض.
قامت كل من فرنسا وأمريكا وبريطانيا بإطلاق أكثر من مئة صاروخ على مناطق حمص ودمشق حتى دون الحصول على دليل ثابت، الأمر الذي يجعلنا نتأكد بأن ما جرى كان "سياسياً" وليس "إنسانياً" أو "عسكرياً" إن هذه الدول التي قصفت المحافظات السورية لم تنتظر حتى أسبوع واحد لظهور نتائج التحقيقات وبظرف أقل من أسبوع أطلقت 100 صاروخ نحو الأراضي السورية.
فيما يتعلق بهذه المسألة والتطورات الأخيرة للجيش السوري في إدلب، لا نستبعد أن يتكرر نفس السيناريو مرة أخرى لإطالة عمر المسلحين وتأجيج الصراع في سوريا من جديد بعد أن شارف على الانتهاء.
وحول هذا الموضوع أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن "جبهة النصرة" تستعد للقيام باستفزازات بالقرب من مدينة سراقب في محافظة إدلب لاتهام القوات الجوية الروسية باستخدام مواد كيميائية ضد المدنيين.
وقالت الوزارة في بيان، يوم الجمعة الماضي: "وفقاً للمعلومات الواردة من سكان سراقب، تستعد جبهة النصرة في هذه المنطقة السكنية للقيام باستفزازات من خلال استخدام مواد كيميائية سامة، وشظايا أسلحة روسية تم نقلها من مناطق أخرى في سوريا"، موضحة أن الهدف من هذه الاستفزازات هو اتهام القوات الجوية الفضائية الروسية بأنها تستخدم "أسلحة كيميائية" ضد السكان المدنيين في محافظة إدلب.
الوضع حالياً في إدلب يشبه إلى حدّ بعيد ما جرى في دوما قبل عام، حيث يتوقّع المسلحون والذين يدعمونهم بأن الجيش السوري سينتصر في معركة إدلب لا محالة لذلك نجد التركي "يلتمس" إيقاف الجيش السوري عن التوجّه نحو إدلب، وتقديم عروض لروسيا لتحقيق هذ الأمر، إلا أننا لا نعلم لماذا تقبل روسيا هكذا عرض في الوقت الذي فشلت فيه تركيا بتحقيق أي بند من اتفاقية سوتشي الأخيرة.
في حال استخدم المسلحون هذه المواد الكيميائية سيكون المدنيون بخطر، لذلك على المجتمع الدولي التحرّك لمنع تكرار نفس السيناريو، اللعبة في هذا الإطار أصبحت واضحة وما جرى في دوما والتقرير الذي صدر من قبل مهندسي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يكشف تورّط المسلحين بمثل هذه الأعمال، ويجب على هذه المنظمة أن تتحمّل مسؤوليتها في هذا المجال.
وكانت الصحفية الاسترالية المستقلة كاتلين جونستون كشفت على مدونتها على الانترنت الدور الذى لعبته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في التكتم على تقرير لخبراء مهندسين اكتشفوا بأن العبوات التي تحوي المواد الكيميائية "لم تلق من الجو" وهو ما يفنّد الاتهامات التي سيقت للجيش بشنّ هجوم كيميائي، ويشير بوضوح إلى مسؤولية التنظيمات الإرهابية عن ذلك، لذلك على هذه المنظمة ألّا تكرر نفس الأمر وإلا سيكون 3 ملايين مدني في خطر.