الوقت- قامت وسائل الإعلام الغربية العربية بتسليط الضوء خلال الأيام القليلة الماضية على موضوع تكرّر بشكل واسع خلال العشر سنوات الماضية، والمتمثل إمكانية دخول أمريكا في مواجهة عسكرية مع إيران، ولقد جاء هذه الاهتمام الغربي العربي بهذه القضية عقب انتشار الكثير من التقارير الإخبارية في الأسابيع الماضية التي كشفت وجود مشاحنات بين قادة البيت الأبيض والقادة الإيرانيين خاصة بعدما تمّ فرض الكثير من العقوبات الأمريكية على الاقتصاد والنفط الإيراني خلال الأسابيع الأخيرة الماضية.
وحول هذا السياق أفادت العديد من المصادر الإخبارية بأن إيران علّقت بعض التزاماتها الواردة في الاتفاق النووي بعد إعلان واشنطن عن الانسحاب من ذلك الاتفاق، وأمهلت طهران بقية الأطراف المشاركة في ذلك الاتفاق شهرين لإثبات حسن نواياهم والامتثال والوفاء بالتزاماتهم تجاه إيران، وبالتزامن مع هذه الأحداث كشفت العديد من وسائل الإعلام الغربية والعربية بأن أمريكا أرسلت الكثير من قواتها ومعدّاتها العسكرية إلى المنطقة. وعلى الرغم من أن السلطات في كلا البلدين أكدتا بأنهما لا تسعيان إلى الدخول في مواجهة عسكرية، إلا أن وسائل الإعلام تلك لعبت دوراً خبيثاً، وقامت بنشر أخبار وتقارير كاذبة.
ومن أجل تسليط الضوء أكثر على هذه القضية ولمعرفة الأهداف الأمريكية واستراتيجيات طهران لمواجهة مثل هذه التهديدات، قام موقع الوقت التحليلي الإخباري بإجراء مقابلة صحفية مع "فؤاد ايزدي" الخبير في الشؤون الأمريكية.
ما هي الأهداف التي تسعى أمريكا لتحقيقها بعد قيامها بهذه الإجراءات؟
إن واشنطن تسعى في هذه المرحلة إلى شنّ حرب نفسية، وذلك لأنها تسعى للحصول على امتيازات أكثر من إيران، وخلال الفترة الماضية أيقن قادة البيت الأبيض بأن زيادة العقوبات على إيران وزيادة الضغط على الاقتصاد الإيراني لم يُجدِ نفعاً خلال السنوات القليلة الماضية، ولم يجبر إيران على التنازل والخضوع للأطماع الأمريكية، ولهذا فلقد لجأت واشنطن في وقتنا الحالي إلى الاستعانة بالدبلوماسية العسكرية لإجبار إيران على التراجع عن مواقفها السابقة.
ومن جهة أخرى يمكن القول أيضاً بأن هناك بُعد حقيقي لهذه القضية، يتمثل في وجود أشخاص وجماعات وأحزاب داخل أمريكا تسعى منذ سنوات إلى إشعال فتيل نزاع عسكري بين واشنطن وطهران. وعلى سبيل المثال، دافع "بولتون"، الموجود حالياً في حكومة "ترامب"، والذي يعمل مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض عن عملية عسكرية كانت واشنطن تنوي شنّها عام 2015 على إيران. إن أولئك الأشخاص كانوا يعتقدون بأنه يجب شنّ هجمات محدودة على إيران إلى جانب فرض عقوبات اقتصادية، وذلك من أجل إجبار طهران على الخضوع للبيت الأبيض، وكانوا يعتقدون أيضاً بأن إيران لن تقوم بالرّد على تلك الهجمات ولذا فإننا هنا نشدّد على الجانب الدفاعي والعسكري، ويجب على الحكومة الإيرانية أن تدافع عن مصالحها إذا ما شنّت واشنطن أي هجمات عليها.
كيف يمكن لإيران التعامل مع هذه الإجراءات الأمريكية؟
من أجل أن نكون قادرين على التغلب على هذه العمليات والحرب النفسية، يجب علينا أن نقوم بتوضيح هذا الأمر للشعب الإيراني ويجب علنيا إبلاغهم بأن الأمريكيين ليسوا مستعدين للتفاوض، وأن الرئيس الأمريكي "ترامب" يريد أن يفرض علينا 12 شرطاً لإخضاعنا وتركيعنا.
وأما بالنسبة للبعد العسكري، فكما قال القائد الأعلى للثورة الإسلامية، إن هذه القضية كشفت جيداً بأن عهد المفاوضات انتهى ووصل إلى طريق مسدود، وفي حالة حدوث غزو أمريكي، ستردّ إيران بالتأكيد على تلك الهجمات بشكل جادّ وقوي، وإن السبب وراء عدم قيام أمريكا بحملة عسكرية يرجع إلى القدرة العسكرية العالية والمتطوّرة التي تمتلكها إيران، خاصة في مجال الصواريخ ونفوذها الإقليمي في المنطقة، ولهذا فإنه يجب على القادة الإيرانيين المضي قدماً أكثر في مجال تطوير تلك القدرات الصاروخية، وبناء علاقات طيبة مع دول المنطقة وزيادة نفوذها الإقليمي.
يبدو أن أوروبا تعيش حالياً في حالة من الارتباك، فمن ناحية، أعلنت الدول الأوروبية المشاركة في الاتفاق النووي أنها غير ملتزمة بتحذيرات إيران، ومن ناحية أخرى، أعلنت عن نيتها بإطلاق القناة المالية الخاصة (INETEX) خلال الأيام المقبلة، كيف تقيّمون هذا النهج الأوروبي؟
أوروبا ليست دولة واحدة وإنما هي 24 دولة، وبعض هذه الدول لا تريد البقاء في ذلك الاتفاق النووي كما فعلت أمريكا، والبعض الآخر يريد التمسّك بذلك الاتفاق، لكنها لا تمتلك القدرة والقوة اللازمة للقيام بذلك وهذه هي الأوضاع في أوروبا، ولكن بشكل عام، لا ينبغي علينا الاعتماد على الدول الأوروبية والتطلّع بأنها سوف تقوم بأي عمل جاد.
في هذه الظروف، رأينا بأن المسؤولين الإماراتيين يدّعون بأننا قمنا باستهداف عدد من ناقلات النفط في سواحل إمارة الفجيرة ولكن إلى هذه اللحظة لم تنتشر تقارير موثوقة حول صحة هذا الادعاء، ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن تلك الحادثة، ما هو تحليلك لهذا الموضوع ومن هي الجهات المسؤولة التي قامت بذلك العمل؟
لقد أدانت واستنكرت الحكومة ووزارة الخارجية الإيرانية هذا العمل الإرهابي وأعربت بأن هذه الأعمال من شأنها أن تؤدي إلى خلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة، ومن المستحيل أن نعرف من هي الجهات التي قامت بهذا العمل الإرهابي، ولكن يمكن القول هنا بأن هذا العمل الإرهابي جاء نتيجة للسياسات الأمريكية ولسياسات الكيان الصهيوني والنظام السعودي التي خلقت حالة من عدم الاستقرار في المنطقة، وإذا كانت تلك الحكومات تسعى إلى تحقيق هدفها وإيصال مبيعات النفط الإيرانية إلى صفر، فإنهم سوف يتضرّرون أكثر من غيرهم، وسوف يعانون أكثر من الآخرين، ولهذا فإنه يجب على تلك البلدان أن تعي، وتفهم بأن أعمالهم وتدابيرهم المعادية لإيران سوف تكلّفهم الكثير والكثير من الأموال، وعليهم أن يعلموا جيداً بأن صبر إيران لن يستمر طويلاً.