الوقت- في الوقت الذي غادر فيه وفد قيادي من حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي قطاع غزة يوم الخميس الماضي بدأت قوات الاحتلال بشن هجمات عسكرية مكثفة على قطاع غزة واستشهد حتى اللحظة جراء هذه الهجمات أربعة مواطنين فلسطينيين وأصيب العشرات.
الوفد غادر القطاع يوم الخميس الماضي متوجهاً إلى القاهرة عبر معبر رفح الحدودي، وسيلتقي مسؤولين في المخابرات المصرية لبحث ملف التهدئة في قطاع غزة، في هذه الأثناء قام سلاح الجو الإسرائيلي بقصف نفق للجهاد الإسلامي شرق رفح، وكأن كيان الاحتلال يريد أن يقول للطرف الفلسطيني أنه لا مجال للتهدئة ولا حتى لتنفيذ أي تفاهمات في القطاع، وذلك لمجموعة الأسباب التالية:
أولاً: الأمور على الصعيد السياسي تخدم كيان الاحتلال كثيراً، حيث يقود رئيس أمريكا دونالد ترامب وصهره "كوشنر" ما يسمى "صفقة القرن" ويمضيان سوياً وبمساعدة بعض الدول العربية لتنفيذ بنود هذه الصفقة، وحتى الآن استطاع القائمون على هذه الصفقة إحداث تطورات كبيرة فيها، من حيث إرغام السعودية على الوقوف إلى جانبهم والمضي قدماً في الضغط على الجانب الفلسطيني والأردني لتمرير هذه الصفقة.
ثانياً: ما يفعله كيان الاحتلال اليوم في قطاع غزة يأتي أيضاً ضمن إطار الضغط على الجانب الفلسطيني وإجباره على الرضوخ للمطالب الإسرائيلية - الأمريكية، خاصة وأن كيان الاحتلال يحاصر القطاع منذ عشر سنوات، حيث منعت "إسرائيل" خروج الأشخاص من أراضي القطاع والدخول إليها واستيراد البضائع، وحالياً تحكم "اسرائيل" الحصار على نحو مليونَي إنسان يسكنون قطاع غزة وهم يعيشون في فقر مدقع وفي ظروف تكاد لا تليق ببشر.
آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة
منذ منتصف الشهر الماضي وكيان الاحتلال الإسرائيلي يدأب على استهداف قطاع غزة عبر الطيران والقذائف المدفعية في الوقت الذي بدأ فيه مئات الفلسطينيين بالتوافد نحو الحدود الشرقية للقطاع للمشاركة في مسيرات العودة وكسر الحصار الأسبوعية، وخلال الأسبوع الماضي أصيب ستون فلسطينياً بجراح مختلفة جراء اعتداء الجيش الإسرائيلي على المشاركين في مسيرات العودة شرقي قطاع غزة، فيما طالب المتظاهرون بإنهاء الانقسام بين الضفة والقطاع.
وفي تطور لافت شهده القطاع خلال اليومين الماضيين، حيث كثفت قوات الاحتلال من استهداف القطاع بعشرات القذائف الصاروخية ما أدى إلى استشهاد فلسطينيين في غارة إسرائيلية شنها الطيران الحربي الإسرائيلي على موقع لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وسط قطاع غزة.
كما استشهد محتجان فلسطينيان نتيجة جروح أصيبا بها في مسيرات العودة على حدود القطاع، وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن الضربات كانت رداً على إطلاق نار من جنوب غزة أسفر عن إصابة جنديين إسرائيليين.
وتشير الأخبار إلى استشهاد شاب فلسطيني وإصابة أربعة بجراح اليوم السبت جراء غارات إسرائيلية بقطاع غزة، وقد دوّت صافرات الإنذار بمدن إسرائيلية مع إعلان جيش الاحتلال أن نحو تسعين صاروخاً وقذيفة صاروخية أطلقت من غزة.
وفي حادث منفصل، فتحت قوات الاحتلال نيران أسلحتها الرشاشة تجاه مزارعين ورعاة أغنام فلسطينيين كانوا يمارسون أعمالهم شرقي بلدة جحر الديك وسط القطاع، بحسب شهود عيان.
وقال جيش الاحتلال إن الغارات استهدفت منصّات إطلاق قذائف صاروخية من قطاع غزة، مضيفاً إن نحو خمسين صاروخاً أطلقوا على أهداف إسرائيلية من غزة.
وفي تطوّر خطير شهده القطاع أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على إغلاق معبري كرم أبو سالم وبيت حانون، فيما شنّ جيشها سلسلة غارات جوية ومدفعية على مناطق متفرقة من قطاع غزة، حيث ارتفع عدد الشهداء الذين سقطوا بنيران الاحتلال إلى ستة منذ أمس. في حين ردّت المقاومة برشقات صاروخية وصلت إلى نحو تسعين، وفق بيان لجيش الاحتلال.
وأفادت عدة وكالت للأنباء أن سلطات الاحتلال أبلغت وزارة الزراعة في غزة بإغلاق البحر، ودعت نقابة الصيادين في غزة إلى سحب الشباك من البحر بشكل عاجل، وهو ما يشير إلى تصعيد إسرائيلي جديد ضد القطاع.
وكجزء من سياسة الحصار قلّصت "إسرائيل" المجال المسموح فيه الصيد البحري في قطاع غزة: حدّدت اتّفاقيات أوسلو مجالاً بعمق 20 ميلاً بحريّاً (نحو 37 كم)، ولكن "إسرائيل" لم تُتح أبداً الصيد في عمق يتجاوز 12 ميلاً بحريّاً، وبمرور السنين قلّصت "إسرائيل" المجال أكثر وأكثر فجعلته أحياناً بعُمق 3 أميال فقط ويتراوح اليوم بين 6-9 أميال بحريّة.
من جانبه أفاد الناطق باسم قوات الاحتلال بأنه تم استهداف أكثر من ثلاثين هدفاً تابعاً لحركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي في أنحاء متفرقة من قطاع غزة.
وأضاف الناطق أن من بين الأهداف المستهدفة عدة مجمعات عسكرية تابعة لحماس داخل مدينة غزة، وفِي كل من حيي الشجاعية وتل الهوا، بزعم استخدامها لإنتاج وسائل قتالية، وأحد المجمعات يستخدم من قبل القوة البحرية التابعة لحماس، بالإضافة إلى مجمع عسكري مشترك لحماس والجهاد الإسلامي في بيت لاهيا.
وقال الناطق باسم الجيش إنه تم رصد 90 صاروخاً، بينما أكدت مصادر أخرى أن حوالي 100 صاروخ، أطلقت من القطاع.
ودوت صفارات الإنذار في أور هنير وياخيني وسديروت وزيكيم وشاطئ عسقلان، بالإضافة إلى علومين وبئيري واشكول وسدوت هنيغف وونتيفوت وبيت هداج وياد مردخاي وكارميا.
وقال موقع (مفزاك لايف): إن صاروخاً ضرب ساحة منزل في (شعر هنيغف)، دون وقوع إصابات.
ولا تزال صافرات الإنذار تدوي في مناطق متفرقة من غلاف غزة، بينما ردّ جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصف مدفعي، استهدف عدة مناطق متفرقة من القطاع، فيما حاولت القبة الحديدية التصدي للصواريخ المنطلقة من القطاع.
ووفق وسائل الإعلام الإسرائيلية، إن الجبهة الداخلية أصدرت تعليمات بفتح الملاجئ في مدينة أسدود، ومناطق أخرى جنوب "إسرائيل".
من جانبها، أطلقت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عدداً من الرشقات الصاروخية تجاه المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة.
وأفاد مراسل الجزيرة بسقوط جرحى إسرائيليين في قصف المقاومة الفلسطينية على عسقلان ومستوطنة كريات غات.
ودوّت صافرات الإنذار بمدن عسقلان وأسدود وكريات ملاخي وعدد من المناطق المتاخمة للحدود مع القطاع، كما أغلقت سلطات الاحتلال عدداً من المناطق المتاخمة للحدود وشاطئ زيكيم، وطالبت الإسرائيليين بأخذ أقصى إجراءات الحيطة والحذر.