الوقت - "قيس الخزعلي" اسمٌ بات يتردد كثيراً على ألسن العراقيين وخاصة في الفترة الأخيرة، وهو الاسم الذي يعتبر صاحب أقوى كتائب عراقية بعد الجيش، إنه الأمين العام لعصائب أهل الحق التي تشكل لاعباً أساسياً في أحداث ومتغيرات المنطقة، وخصوصاً في التصدي للتيارات التكفيرية التي اجتاحت العراق والمنطقة، ويعتبر الشيخ قيس الخزعلي الشخصية الأبرز في هذه الكتائب، ويوصف بأنه قوي القلب.
ولد الشيخ الخزعلي في 20 يونيو/حزيران عام 1974 في مدينة الصدر ببغداد، ويعود نسبه إلى هادي بن سيد بن حسن بن غدير آل عبد العال الحريشاوي الخزعلي، ونشأ في بغداد حيث أكمل دراسته الإبتدائية والثانوية إلى أن دخل قسم الجيولوجيا بكلية العلوم في جامعة بغداد. في عام 1994 أجرى الخزعلي بحثاً دينياً عرضه على السيد الشهيد محمد الصدر في النجف، وقد لاقى البحث تأييداً من الشهيد الصدر الذي شجع الخزعلي على الدخول إلى الحوزة العلمية.
كان الخزعلي في العشرين من عمره عندما بدأ دراسته الحوزوية، ولم يوقف دراسته رغم تعرضه للإعتقال على يد القوات الأمريكية عام 2007، حيث تابع دراسته بعد إطلاق سراحه، وقد نهل من العلوم عند كبار علماء حوزة النجف، وبسبب شخصيته العلمية والقيادية استطاع الخزعلي كسب ثقة الشهيد السيد محمد الصدر الذي اعتمد عليه في الكثير من المواقف والأعمال، إذ أوكل إليه بعض المهام الإدارية والحوزوية المهمة، فعينه نائباً للمشرف العام على مدارس الحوزة العلمية في النجف الأشرف، وعضواً في قسم الحقوق الشرعية في مكتب الشهيد الصدر مع كل من السيد سلطان كلانتر والسيد مقتدى الصدر والسيد مصطفى اليعقوبي، وكان الشيخ الخزعلي يُعد من أشجع وأجرأ طلبة الشهيد الصدر.
في عام 2003 قام السيد مقتدى الصدر بتأسيس جيش المهدي الذي تولى محاربة الإحتلال الأمريكي، وكان الخزعلي أحد كبار الشخصيات في جيش المهدي، بالإضافة إلى شغله منصب الناطق الرسمي باِسم السيد الصدر، في عام 2004 انفصل الشيخ الخزعلي عن تيار الصدر لخلافات حول طريقة إدارة جيش المهدي، وشكل مجموعات سرية تابعت التصدي للقوات الأمريكية، في عام 2006 أُعلن عن تأسيس "عصائب أهل الحق" التي ضمت في صفوفها أعضاء سابقين في جيش المهدي، وكان الخزعلي هو الأمين العام للعصائب التي اتخذت من مقاومة الإحتلال الأمريكي هدفاً رئيسياً في تحركاتها.
وفي عام 2007 اعتقلت القوات الأمريكية الشيخ مع أخيه ليث وعدد من رفاقه وذلك بسبب عملية كربلاء التي جرت في يناير/كانون الثاني 2007 والتي قتل فيها خمسة جنود أمريكيين، وذلك في عملية نوعية دخل المشاركون فيها مركز التنسيق الأمريكي، وهم يرتدون ملابس عسكرية أمريكية ويقودون آليات أمريكية. نُقل الخزعلي بعد اعتقاله مع رفاقه بواسطة طائرة عسكرية خاصة إلى بغداد ليقضي أول أربعة أشهر في السّجن الإنفرادي ثُم ليمكث بعدها في سجن (كروبر) شديد الخطورة (High Value Detention (HVD) Site ) والمعروف باِسم (Compound 5 ) مدة من الزمن تجاوزت السنة، ثُم نقل بعدها إلى السجن العام والمعروف بـ(سجن المطار) ليبقى فيه إلى عام 2009 حيث قامت وقتها عصائب أهل الحق بأسر الخبير البريطاني "بيتر مور" مع عدد من مرافقيه، وجرت بعدها عملية تبادل للأسرى حيث أطلق سراح الخزعلي الذي تابع عمله السياسي والعسكري ضد قوات الإحتلال.
بعد خروج قوات الإحتلال الأمريكي دخل الشيخ قيس الدائرة السياسية في البلاد حيث استطاع كسب عدد من مقاعد البرلمان العراقي لصالح العصائب وذلك تحت راية "كتلة الصادقين"، ورغم توجه العصائب إلى السياسة إلا أن دخول تنظيم داعش الإرهابي إلى العراق أعاد تفعيل العمل العسكري للعصائب التي باتت تلعب دوراً رئيسياً في محاربة الجماعات التكفيرية والمنظمات الإرهابية في البلاد.
لاتزال عصائب أهل الحق تشكل كتلةً سياسية وعسكرية قوية في العراق، إضافة إلى دورها الهام والفعال في المساهمة في حفظ أمن ووحدة العراق، ولايزال الأمين العام للعصائب الشيخ قيس الخزعلي يعتبر الشخصية الأبرز والأقوى في هذا التنظيم، ولايزال كما قال عنه السيد الشهيد محمد الصدر: "الشيخ قيس قويّ القلب".