الوقت- قبل بضع سنوات، تم الاتفاق على تسليم مسؤولية حماية منطقة الخليج الفارسي إلى القوات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني وتعدّ هذه المنطقة الزرقاء ذات أهمية كبيرة على الرغم من صغر حجمها، وتعتبر واحدة من أكثر خمس نقاط بحرية حساسة في العالم وذلك يرجع إلى مرور الكثير من حاملات النفط والغاز العملاقة من هذه المنطقة إلى نقاط متفرقة من العالم، ولهذا فلقد جلبت هذه المنطقة الحساسة والاستراتيجية أنظار واهتمام العديد من اللاعبين الإقليميين والدوليين.
ونظراً لأهمية هذه المنطقة الاستراتيجية وطمع الدول الغربية بالسيطرة عليها، فلقد قامت القوات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني بتطوير العديد من القطع البحرية والصاروخية لحماية هذه المنطقة التي تعدّ جزءاً لا يتجزّأ من الأراضي الإيرانية.
وحول هذا السياق، أعرب قائد القوات البحرية في الحرس الثوري اللواء "علي رضا تنكسيري" عن دخول القوات البحرية إلى مجال إنتاج واستخدام الغواصات، قائلاً: "إن الغواصة التي نعمل عليها هي من فئة "ميدجت" والتي هي أكثر تطوراً من الغواصة "غدير"، وسوف تعمل مثل غواصة "فاتح" التي يتم إنتاجها اليوم في وزارة الدفاع"، وحول الأسلحة التي يتم استخدامها في غواصات الحرس الثوري، قال "تنكسيري": "إن هذه الغواصات مزودة بطوربيدات وسوف يتم تزويدها بصواريخ كروز تحت الماء" ولفت "تنكسيري" إلى أن أول استخدام لصواريخ كروز "نصر" كان من قبل القوات البحرية لحرس الثورة الإسلامية.
الخليج الفارسي يعدّ تحدياً للغواصات
تشكّل منطقة الخليج الفارسي، باعتبارها منطقة مائية ضحلة، تحدياً كبيراً لمعظم الغواصات، في الأساس، تحتاج هذه المنطقة إلى معدات عسكرية صغيرة وخفيفة الوزن لها القدرة على إطلاق طوربيدات وصواريخ كروز للقيام بمواجهات عسكرية تحت الماء.
وهنا يجب أن ننوه بأن إمكانية إطلاق الألغام المائية تعدّ أحد أهم الخصائص التي سوف تتمتع بها المعدات والغواصات التابعة للحرس الثوري الإيراني، في الواقع إن منطقة الخليج الفارسي، تعتبر بيئة جغرافية معقّدة حيث يوجد فيها العديد من الارتفاعات والمنخفضات الحجرية والتي تجعلها بيئة صعبة للغاية على الغواصات.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه في وقتنا الحالي توجد غواصتان مرشحتان للعمل في هذه البيئة الصعبة، الغواصة الأولى هي الغواصة "غدير" والغواصة الأخرى هي "فاتح"، وهما غواصتان تمت صناعتهما على أيدي أبطال وخبراء وزارة الدفاع الإيرانية.
يذكر أن وزارة الدفاع الايرانية قامت قبل عدة أشهر بتسليم القوات البحرية التابعة للحرس الثوري غواصة "غدير" وفي بداية عام 2019 أفادت وسائل إعلام إيرانية بأن غواصة "فاتح" قد انضمت إلى الأسطول البحري الإيراني بعدما اجتازت الاختبارات النهائية، في حفل حضره العديد من المسؤولين الإيرانيين وأفادت تلك المصادر الإعلامية، بأن غواصة "فاتح" مجهزة بالسونار، وبمحرك كهربائي لإدارة المعركة، وجهاز توجيه الصواريخ أرض -أرض الموجهة، وجهاز توجيه الطوربيدات، ومجهزة بتقنيات حديثة تمكّنها من المشاركة في حرب إلكترونية وحرب الاتصالات، ولديها أنظمة اتصالات آمنة ومتكاملة وعشرات من أحدث الأنظمة المتطورة وتتمتع غواصة "فاتح" أيضاً بسرعة تحت الماء تصل إلى 11عقدة، وهي قادرة على السفر تحت الماء لمسافة تصل إلى 25 كم من دون التزود بالوقود وهذه الغواصة أيضاً مسلّحة بأربعة طوربيدات من طراز 533 ملم ويمكنها أن تحمل ثمانية ألغام بحرية واثنين من الطوربيدات الاحتياطية ولكن الميزة الجيدة التي تتمتع بها غواصة "فاتح" هي امتلاكها لصواريخ مضادة للسفن من فئة كروز "نصر" وهذا النوع يعدّ من الصواريخ قصيرة المدى ويعمل بالوقود الصلب من إنتاجات مصانع القوة الجو فضائية التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية وصاروخ "نصر" لديه رأس حربي يصل وزنه إلى 150 کيلوغرام قادر على تدمير سفن حربية يصل وزنها إلى 3 آلاف طن وباستطاعة هذا الصاروخ الذي يتم تصنيفه في قائمة الصواريخ القصيرة المدى، الانطلاق من الساحل، ويمكن تركيبه على مختلف أنواع العوامات والغواصات.
إيران هي المصنع الوحيد لغواصة "ميدجت" في العالم
واحدة من أكثر النقاط إثارة للاهتمام حول هذه الفئة من الغواصات، تتمثل في أنه يمكن القول بأن إيران هي البلد الوحيد في العالم الذي يعمل حالياً على تطوير وصناعة هذه الفئة من الغواصات.
وهنا تؤكد العديد من التقارير الإخبارية، بأن بلداناً مثل كوريا الجنوبية والصين وإيطاليا وألمانيا، تعكف حالياً على وضع خطط مختلفة لتطوير وإنتاج غواصات مشابهة لهذه الغواصة ولفتت تلك التقارير إلى أن كوريا الشمالية كانت آخر دول قامت بإحداث تعديلات على هذه الفئة من الغواصات ولكنها في وقتنا الحالي توقفت عن إنتاج عيّنات من هذه الغواصات وهنا يمكن الإشارة إلى الغواصة HDS-500 التي قامت كوريا الجنوبية بإنتاجها، والغواصة Typing 300 الألمانية، والغواصة MS 200 الصينية.
لقد بدأت وزارة الدفاع الإيرانية بالدخول إلى عالم تطوير وصناعة أنواع مختلفة من الغواصات الخفيفة وتمكّنت مؤخراً من قطع شوط كبير في هذا المجال واستطاعت أن تقوم بصنع غواصات يصل وزنها إلى 600 طن.
لقد تحققت كل هذه الإنجازات على الرغم من وجود عقوبات اقتصادية وعسكرية فرضتها الدول الغربية على طهران وهنا يمكن القول بأن تسليح القوات البحرية التابعة للحرس الثوري بغواصات من فئة "فاتح"، سوف يغيّر قواعد اللعبة في منطقة الخليج الفارسي وسيقلب موازين القوى لمصلحة إيران.
وفي النهاية، يمكن القول بأنه إلى الأمس كانت قوارب الحرس الثوري الإيراني تشكّل تهديداً للقوات العالمية المعادية المتواجدة في الخليج الفارسي وبعد فترة وجيزة ستنضم الغواصات الإيرانية الصامتة التابعة لقوات الحرس الثوري إلى قائمة مشكلات وتحديات القوات المعادية.