الوقت- التكفير هو مشروع سياسي باسم الدين، يهدد حياة المسلمين. ويعتبر التكفيريون أنفسهم أنهم المسلمون الحقيقيون، والمنقذين للدين الاسلامي هم الذين يلتزمون قواعده وتطبيق أحكامه ويُمنع على الجميع مخالفتهم أو الاعتراض على القوانين التي يعتمدونها. ومن هنا فالجماعات التكفيرية هي تلك الجماعات التي تقوم بتكفير المسلمين نتيجة خلاف معهم في قواعد الايمان والكفر واختلاف عقائدهم عن عقائد المذاهب الاسلامية الاخرى. ولكن يبقى السؤال الأبرز كيف تتشكل هذه الجماعات؟ ومن الذي يسهل عملها ويدعمها؟
نشوء ونمو الجماعات التكفيرية:
أولا لابد من تسليط الضوء حول نشأتهم، فالجماعات التكفيرية تتخذ من الدول الضعيفة سياسيا مركزا لتكونها ونموها، هذه المناطق التي لا يوجد فيها سلطة سياسية فاعلة وقوية بل هناك نظام وحكم لا يلتزم الشعب باحكامه لجهلهم القوانين والمبادىء وهو شعب فقير وعقوله بسيطة ولا يفكر الا كيف يحصل على قوت حياته. حتى أن الحركات والاحزاب السياسية الفاعلة فيها وبسبب عدم الاستقرار السياسي الحاصل فان محاولاتها للقيام بمشاريع خدماتية واجتماعية وسياسية واقتصادية مستقبلية تخدم الشعب باتت تصطدم بحائط التوازن السياسي المفقود وجعلتها تفقد فعاليتها وشرعيتها مع الايام.
ومن هذا المنطلق فان الدول التي تفتقد نظاما وسلطة سياسية قوية بات من المؤكد حصول شرخ بينها وبين شعبها كما انها غير قادرة على تشكيل انسجام مع أبناء شعبها ولاتقدر على بسط نفوذها السياسي والاجتماعي، حتى المجتمعات المدنية والقانونية لا تتمتع بسلطة خلافا للمبدأ العام الذي يقر بنفوذها وقدرتها على دعم وتغيير سياسات الدولة. من هنا، فان الجماعات التكفيرية ولانها لا يتهددها أي خطر لا من الدولة ولا من الشعب فقد باتت تفعّل نشاطاتها مما يؤمن لها شرعية ويشجعها للقيام بتشكيل نواتها وجذب شعوب تلك البلاد الفقيرة والمستضعفة التي لا تعرف حقيقة ما يروجون لهم كشعوب غرب آسيا وشمال أفريقيا وتعتبر موطناً أساسياً مناسباً وفاعلاً لنشاطات الجماعات التكفيرية ومن هذه التنظيمات الارهابية داعش والقاعدة وجبهة النصرة وجيش طيبة وغيرها.
من جهة أخرى فان الدولة التي تتمتع بنظام سياسي قوي، تغلق الباب أمام التكفيريين لتشكيل أنفسهم والقيام بنشاطاتهم الارهابية لان الأمن والاستقرار يسودان الدولة مما يعيق تطورهم ونموهم بالرغم من وجود دعم اقتصادي وفكري عقائدي خصوصا من المدارس الوهابية ومن يروج لها من جهة ووجود دعم خارجي من جهة أخرى الا أنهم يفتقدون التاسيس السياسي والعقائدي لمن يودون الانضمام لهم بسبب الاستقرار السائد والزعزعة المفقودة. ومن هذا المنطلق فانهم يفتشون عن الاماكن التي تناسب تشكيلها وتلائم نشاطاتها كالعراق والسعودية ومصر وافغانستان وباكستان واليمن والاردن والعديد من دول المنطقة التي تتمتع بتاسيس سياسي ضعيف وتعتبر الموطن والمركز الاول للجماعات الارهابية، حيث تتشكل وتنمو وتجند عناصرها وتقوم بملء عقولهم البسيطة والجاهلة بافكارهم وعقائدهم ثم تخطط لجرائمها وتنفذ.
من يقوم بدعم الجماعات التكفيرية:
لابد من الاشارة هنا الى ان هذه الجماعات تتلقى دعما كبيرا من مختلف الدول أجنبية كانت او عربية، فبعض الدول العربية ولتحقيق اهدافها تقوم بدعم هذه الجماعات وتستعملها كادوات لتنفيذ مخططاتها الاجرامية في دول عربية أخرى مستهدفة انظمة عربية ومرتكبة ابشع المجازر بحق الشعوب المستضعفة. كما تتلقى دعما خارجيا من مختلف الدول الاجنبية كالکیان الاسرائيلی، أمريکا، تركيا وغيرها التي ساهمت في نشأتها وتطورها معولة عليها لتحقيق اهدافها في بعض الدول العربية والمسلمة حيث ترتكب ابشع المجازر وتستحوذ على مناطق عدة ما يتناسب وطموحات الغرب. ولكن الی متى ستبقى الجماعات التكفيرية راضخة لهيمنة وسيطرة هذه الدول ؟ فما بات واضحا هو ان السحر انقلب على الساحر والجماعات باتت تعض اليد التي تمدها وتدعمها بعد ان توسع نفوذها واتسعت رقعة سيطرتها وتکشف لها زیف اسباب دعمهم لها.