الوقت- "التحالف الدولي" بدأ فعاليته في العام 2014 بهدف القضاء على تنظيم داعش الإرهابي ومنع الحرب الأهلية السورية من الانتشار على نطاق أوسع مما هي عليه، وانضم إلى هذا التحالف العديد من الدول تحت قيادة أمريكا، وبدأت الغارات الجوية بالفعل في كل من سوريا والعراق بحجة "القضاء على داعش" ولكن لم نكن نعلم أن هذا التحالف الذي يدّعي امتلاك أكثر الأسلحة حداثة ودقة يعاني من التفريق بين "الإرهابيين والمدنيين" ويمكن معرفة ذلك من عدد القتلى المدنيين الذين قُتلوا تحت ضربات التحالف ليعترف التحالف مؤخراً بأنه قتل 1114 مدنياً في سوريا والعراق نتيجة عملياته هناك منذ أغسطس 2014.
في سوريا
قبل أسبوع من الآن شكت الخارجية السورية، للأمم المتحدة، ما قالت إنه استخدام لقنابل الفوسفور المحظورة ضد المدنيين بمحافظة دير الزور، ما أدى لمقتل وإصابة عدد منهم، ونشر نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لغارات التحالف الدولي على مدينة هجين تظهر استخدام قنابل الفوسفور.
هذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها التحالف الأسلحة المحظورة ضد المدنيين، فقد تكرر استخدام الأسلحة المحظورة ضد المدنيين على طول السنوات الأربع الماضية وسقط جراء هذا القصف مئات القتلى خاصة في المحافظات السورية الشرقية، وليل أمس أدانت دمشق استشهاد 62 شخصاً بقصف للتحالف في دير الزور وطالبت سوريا مجلس الأمن الدولي بتحمّل مسؤولياته وإجراء تحقيق مستقل فيما وصفته بجرائم التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، مشددة في رسالتين بعثتهما للأمم المتحدة ومجلس الأمن إدانتها لاستشهاد 62 شخصاً بقصف نفذته طائرات التحالف على قريتين في ريف دير الزور في قريتي السوسة والبوبدران في ريف محافظة دير الزور.
وقبل ذلك بحوالي شهرين طالبت الخارجية السورية مجلس الأمن بالتحرك الفوري لوقف "عدوان" التحالف الدولي عقب استهدافه المدنيين بالحسكة ودير الزور والرقة "عقاباً" على رفضهم الانضمام لقوات مدعومة أمريكياً.
وجاء في بيان الخارجية السورية الذي وجهته حينها للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي: "التحالف المارق على الشرعية الدولية استهدف أهالي عدد من القرى في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور عقاباً لهم على رفضهم الانضمام للميليشيات الانفصالية العميلة لأمريكا"، كما أكدت الخارجية أن استمرار هذا التحالف بارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري وبدعم الإرهاب هدفه الوحيد تقويض سيادة ووحدة وسلامة أراضي سوريا، وإطالة أمد الأزمة فيها.
ومن هنا نعرف سبب إلحاح الحكومة السورية بخروج القوات الأجنبية التي دخلت الأراضي السورية عنوة ودون موافقة الحكومة أو التنسيق معها ولاسيما تركيا وأمريكا حيث اعتبرتها دمشق قوات غازية يجب أن تخرج على الفور.
لا نعلم لماذا هذا الإصرار على البقاء في سوريا والقوات السورية تمكّنت بقواتها وجنودها ومساعدة حلفائها من طرد جميع الإرهابيين، وما يخطر في البال أن بقاءها كان السبب وراء انتشار هذه الجماعات الإرهابية المسلحة وتكاثرها بالتزامن مع وجود واشنطن في المنطقة تحت ذريعة نشر الديمقراطية التي لم نرَ منها سوى القتل والدماء والفوضى.
اليمن
أمريكا أدركت أنها غير قادرة على تحمل تبعات بقائها في الشرق الأوسط نظراً لحالة الرفض من قبل شعوب هذه المنطقة لبقاء واشنطن هنا خاصة وأن الأخيرة لم تجلب لهذه الشعوب سوى البؤس والفقر والقتل والتفرقة، ومن هنا بدأت واشنطن تفكر بتحميل هذا العبء لبعض الأنظمة العربية الحليفة لها، وقد رأينا مثال ذلك بالتحالف العربي ضد اليمن وفكرة "تشكيل ناتو عربي" وغيرها من المشاريع المستقبلية التي تندرج تحت إطار "الحرب بالوكالة".
في اليمن ماذا قدم التحالف العربي للشعب اليمني الذي يفترض أنه شقيق لهم؟!.
مجاعة، فقر، دمار، نزوح، هجرة، وأمراض تقتل طفلاً كل 10 دقائق.
ومؤخراً رصد تقرير خبراء الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في اليمن، خلال السنوات الأربع الماضية، أن الخسائر البشرية في صفوف المدنيين منذ مارس/ آذار 2015 وحتى يونيو/ حزيران 2018 بلغت 16706 ضحايا بين قتيل وجريح.
وأضاف الخبراء في التقرير، وسيعرض على مجلس حقوق الإنسان في الجلسة التاسعة والثلاثين للمجلس في الفترة من 10 إلى 28 سبتمبر/ أيلول 2018، أن عدد القتلى وصل إلى 6475، فيما أصيب 10231، ورجح الخبراء بأن يكون العدد الحقيقي للخسائر البشرية أكبر من ذلك بكثير، وحمل التقرير التحالف العربي الذي تقوده السعودية المسؤولية الكبرى عن تلك الخسائر نظراً للغارات الجوية على المناطق السكنية والأسواق والجنازات وحفلات الزفاف ومناطق الاحتجاز والمرافق الخدمية والطبية "حسب التقرير".
وأضاف الخبراء: إنهم "قاموا بتوثيق عشرات الحالات من استهداف المنازل والمباني السكنية ما أدّى لمقتل وإصابة المئات من النساء والأطفال".
وبالعودة إلى التقرير الذي أصدره التحالف في سوريا، نجد أن هذا التحالف الذي يشن يومياً غارات جوية عشوائية ضد المدنيين، أكد أنه خلال شهر سبتمبر: "شن 30008 ضربات في الفترة ما بين أغسطس 2014 ونهاية أغسطس 2018، واستناداً إلى المعلومات المتاحة، وفقاً لتقييم الفريق العملياتي المشترك فقد قتل خلال هذه الفترة 1114 مدنياً على الأقل عن غير قصد نتيجة ضربات التحالف منذ بداية عملية العزم الصلب".