الوقت- تأتي التصريحات الاخيرة لبندر بن سلطان تعليقا على الاتفاق النووي بين ايران والدول 5+1 في مرحلة مفصلية من عمر السعودية، مرحلة انتقلت فيها السعودية من مواجهة من يخالفها الرأي ولا يرضى بهيمنتها، بالوكالة وعبر ازلامها واذنابها في كافة الساحات، الى مرحلة من المواجهة المباشرة فبدأت عدوانا عسكريا على اليمن وأهله ومقدراته طبعا بعد تأمين دعم وتواطؤ دولي وآخر عربي "شكلي" من خلال التشويق والترهيب بسلاحها التاريخي المعتاد من البترودولار. وطبعا دون أن تضع جانبا طريقتها المعتادة والتي يتقن بندر فنونها من دعم للارهاب وشراء للذمم ونشر للفكر الوهابي والامساك بالاعلام وغيرها من الاساليب الاخرى. ولبندر تاريخ حافل في ذلك فحين كان رئيسا للاستخبارات السعودية كان صاحب اليد الطولى في دعم المسلحين ان في سوريا او العراق او لبنان.
وبالعودة الى تصريحات الاخير والتي اعتبر فيها الاتفاق النووي بين ايران وامريكا شبيهاً بالاتفاق بين كوريا الشمالية وامريكا في عهد بيلي كلينتون مع مفارقة ان كل التحليلات الاستراتيجية تشير الى ان الاتفاق لن يثني ايران عن المسير قدما في الامساك بملفات المنطقة وستحصل على مليارات من الدولارات التي ستساعدها على تنفيذ سياساتها. وأشار الى أن السعودية ستعاقب امريكا مهددا ايران بان السعودية قوية وستستمر بتطوير قدراتها بالتعاون مع الجميع ومعتبرا أن "السعودية ودول الخليج قادرة على مهاجمة ايران ودون الحاجة الى الدعم الامريكي". القارئ لهذا التصريح قد يشتبه فيظن أن بندر يتحدث عن مهاجمة قطر مثلا، التي يصفها بندر بانها "ليست الا 300 شخص.. وقناة تلفزيونية وهذا لا يجعل منها بلدا!" على حد تعبيره.
ايران، الدولة القوية على كل الاصعدة
اما ايران فللتذكير ومنذ قيام الثورة الاسلامية وفي بداية نموها، تمكنت من مواجهة وصد حرب مفروضة بواجهة صدامية وبخلفية ودعم مباشر من معظم دول العالم بما فيها امريكا والدول الخليجية التي يتحدث عنها بندر. الى اليوم حيث تعد ايران من أقوى دول العالم عسكريا وتمتلك الجيش الاقوى في المنطقة، كما أن صناعاتها العسكرية ورغم الحصار المفروض عليها قد تطورت بوتيرة سريعة لتصل الى مرحلة شبه اكتفاء ذاتي. اما على المستويات الاخرى فقد تمكنت ايران من أخذ مكانتها الحقيقية في المنطقة والعالم والحصيلة الاخيرة للمفاوضات النووية التي استمرت اثني عشر عاما مع دول العالم الكبرى كانت اعترافا دوليا صارخا بايران النووية القوية سياسيا وعلميا واقتصاديا. وسط هذا الواقع الايراني القوي فإنها لطالما أكدت على ضرورة التعاون بين بلدان المنطقة لمواجهة الاخطار التي تتهددها واضعة بوصلة عدائها للکيان الاسرائيلي ومن وراءه. ومؤكدة على الوحدة الاسلامية كضرورة لوأد الفتن التي يحيكها اعداء الامة.
السعودية.. اسلحة مستوردة مع عدم امكانية تشغيل ذاتي!
اما السعودية ومن خلال التدقيق بقدراتها الذاتية فنجدها تمتلك ترسانة ضخمة من الاسلحة والعتاد المستوردة بشكل كامل، والمفارقة أن الجيش السعودي لا يمتلك القدرات والمؤهلات الكافية لتشغيل الكثير من التكنولوجيا التي يمتلكها، ويعتمد في تشغيلها على خبراء ومستشارين من دول العالم الموردة لهذه التكنولوجيات وعلى رأسها امريكا. وهذا ما تأكد خلال العدوان المستمر على اليمن عبر المشاركة الامريكية المباشرة دعما للسعودية كما تؤكد التقارير وذلك سعيا لاخراجها من المستنقع اليمني الذي ورطت نفسها فيه. اما سياسيا فهنالك تخبط كبير في السياسات السعودية والاعتماد الاساسي يبقى على دبلوماسية البترودولار. رغم كل هذا الفشل تجد السعودية وعلى لسان كبار مسؤوليها وأهم أفراد العائلة الحاكمة تتبع سياسة العداء الأعمى لايران، كما لا تفوت الفرص في افشال مساعي التهدئة على كافة الجبهات الساخنة في العالم الاسلامي ناهيك عن دعم التطرف والارهاب أينما وجد.
وبعد هذا العرض للواقع الايراني-السعودي تظهر الخلفية والهدف الحقيقي من هذا التصريح وفي هذه المرحلة بالخصوص. مع التأكيد على أن بندر لم ينطق بهذه الكلمات عبثا كما أنه من المؤكد أن ما نطق به يعرف انه مغاير للواقع. فبندر الذي بقي لاكثر من عشرين عاما سفيرا للسعودية في امريكا كما تسلم الكثير من المناصب الامنية داخل السعودية يعرف حق المعرفة أن السعودية لا تمتلك لا الجرأة ولا القوة على مهاجمة ايران. فلعل ما قاله ليس سوى عرض للعضلات امام سلمان عله يحظى بشيء في خضم التغييرات التي يقوم بها الاخير داخل التركيبة الداخلية للسعودية، وهو (بندر) المُبعد منذ مدة من دوائر القرار السعودي.