الوقت- في الوقت الذي تدعي فيه أمريكا دون إي إثباتات وخلافا لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن برنامج إيران النووي السلمي من الممكن أن يهدد الأمن العالمي في المستقبل، وفرضت علی إيران بسبب هذه الإتهامات شتی أشكال العقوبات الإقتصادية، أعلنت هذه الدولة عن إختبارها جيلاً جديداً من القنابل النووية، في ظل صمت المنظمات الدولية وعلی رأسها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
إنه حقا عالم العجائب والمفارقات الذي أصبحنا نعيش فيه، وتقوده أمريكا والمنظمات التي تسیر في فلكها، حيث تتهم من تشاء وتبرئ من تشاء دون أن يوجد من يحاسبها علی هذا التعامل. الیوم يری العالم كله كيف تفاوض إيران علی سلمية برنامجها النووي وتعطي الضمانات بأن يبقی برنامجها الی الأبد سلميا، وهي التي سمحت بتفتيش مواقعها النووية ووقعت علی إتفاقية الـ «NPT»، بل حتی أكثر من هذا فإن القيادة الإيرانية العلیا أصدرت فتوی تاريخية تحرّم السلاح النووي، لكن رغم جميع هذه التطمينات، لازالت واشنطن تشكك في صدقية نوايا إيران حول برنامجها النووي.
لا نعرف كيف ينصاع العالم لهذه الإفتراءات من قبل أمريكا ضد إيران وهي الدولة الوحيدة التي إستخدمت السلاح النووي ضد المدنيين في الیابان وقتلت عشرات الآلاف من الأبرياء. كما اننا أيضا لا نفهم مواقف وكالة الطاقة الدولية المزدوجة في التعامل مع إيران وأمريكا. حيث أن هذه المنظمة لا موقف لها إزاء إنتهاك القوانين الدولية التي تؤكد علی عدم إنتشار الأسلحة النووية، والتي تنتهكها واشنطن، سوی الصمت. حیث أننا لم نسمع اي موقف من قبل المنظمات الدولیة إزاء إعلان واشنطن أنها إختبرت مؤخرا قنبلة نووية جديدة تسمی "B61-12" حيث جاء الإختبار في ولاية نيفادا. وأدی هذا الإختبار الی طرح العدید من التساءلات بالنسبة للرأي العام الدولي فيما یخص مزاعم أمريكا بأنها ترید منع إيران من حیازة الأسلحة النوویة من جهة، وقیامها بهذا الإختبار للحصول علی تقنیة نوویة عسكریة حدیثة من جهة ثانية.
هذا الاختبار الجديد للقنابل النووية من قبل أمريكا لا يؤكد إستمرار مساعي واشنطن لإنتاج جيل جديد من القنابل النووية لتكون أكثر فتكا من الأجيال السابقة فحسب، بل يؤكد أيضاً أن أمريكا لا تنوي تقليص ترسانتها النووية التي تهدد العالم بأسره. ويأتي هذا التهديد الجديد في المجال النووي الذي أعلنته أمريكا بشكل رسمي، بالتزامن مع إستمرارها منع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من ممارسة أي ضغوط علی الكيان الإسرائيلي لإرغامه علی فتح ترسانته النووية لتفتيشها من قبل هذه المنظمة الدولية.
ومن المفترض أن يكون الاختبار الجديد للقنابل النووية من قبل أمريكا دليلا واضحا علی عدم صدقية واشنطن حول الإدعاءات التي تطرحها ضد إيران، وبات من الواضح جدا أن هذه الإدعاءات تأتي لمنع إيران من التقدم العلمي في المجال النووي للأغراض السلمية، وليس لمنعها من حيازة الأسلحة النووية التي هي أصلا محرمة شرعیا وفق العقیدة الإیرانیة. وبناء علی هذا يكون العالم مطالبا بدعم مواقف إيران خلال مفاوضاتها النوویة، مقابل الضغوط التي تمارسها أمريكا علی طهران. ويعتقد الكثير أن الاختبار الجديد للقنابل النووية من قبل واشنطن سيفتح الباب أمام السباق النووي في العالم خاصة من قبل روسيا. كما أن هذا الإختبار سيكون عاملا مهما في "تقويض الأمن والسلام والاستقرار" الدولي.
ونظراً لإنتهاك مفاد "معاهدة الحد من إنتشار الأسلحة النووية" من قبل أمریكا و إجرائها المئات من التجارب النووية خلال العقود الماضية، فلایمكن أن تكون هذه الدولة مؤهلة لمنع إنتشار السلاح النووي في العالم، بل علی العكس من ذلك يجب أن تكون دول مثل إيران التي تحرّم إنتاج أي شكل من أشكال السلاح النووي، هي التي تتولی مسؤولية مواجهة إنتشار السلاح النووي في العالم لا أن تمارس علیها شتی أنواع الضغوطات خلال محادثاتها النوویة الجاریة في فیینا.