الوقت- كتب المحلل الاقتصادي الأمريكي "سيرجو فيجل" أن معظم الناس يرون بأن نظام الدولار الأمريكي له أهمية كبرى ولكن عند تحليل الأعمال الإمبريالية لواشنطن على مدى العقود الماضية، نرى بأن التركيز كان على الأيديولوجيات مثل الصهيونية والعزلة الذاتية الأمريكية وبعض الجوانب الأكثر محدودية مثل الوقود الأحفوري وخطوط نقل الطاقة وأما التركيز الآخر الذي يتمتع بشعبية كبيرة بين الأمريكيين، فهو أن أمريكا كانت لفترة كبيرة سيدة العالم ولكنها الآن فقدت الكثير من نفوذها وأشار "فيجل" إلى أن الإمبرياليين كافحوا في النظام الأمريكي كثيراً لمعالجة العجز الموجود في إمبراطوريتهم، التي كان يجب أن تسمى الإمبراطورية الكلاسيكية وقدم النازيون الكثير من التضحيات من أجل إمبراطوريتهم السيادية لدرجة أن ألمانيا دُمرت، وتعلّق الرومان بإمبراطوريتهم إلى أن فشلوا، وكانت الجهود البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية أكثر بكثير من تلك الجهود التي بُذلت لهزيمة ألمانيا النازية.
ولفت هذا الخبير الاقتصادي إلى أنه عندما يقولون أن أمريكا فقدت نفوذها، فقد تكون هناك حروب شرق أوسطية في أذهانهم ولكن هذا الأمر شنيع جداً، لأنه لا يوجد شيء جديد أو مختلف لهذه الحروب عن أي حرب أخرى قامت بها واشنطن في العقود الماضية، مثل حروبها مع إخوانهم الجنوبيين والمكسيك وإسبانيا والفلبين وكوريا وفيتنام وتدخلها في أوكرانيا وهنا يرى الكاتب بأن الإمبراطورية الأمريكية عبارة عن انزلاق عظيم حدث في تاريخ البشرية، وأن هذه الإمبراطورية تُدار بمستويات غير مسبوقة من العنف وبثقافة الاستهلاك وبأيديولوجية الخرافات الخادعة التي تبرر نفسها ككيان مسيحي، من قبل شخص غريب ومتحيّز للمسيحيين المتطرفين وإلى جانب جميع مشكلاته النفسية، هناك أيضاً واقع جامد - على الأقل في عالم الرأسمالية - يفسر حقيقة أفعال وردود فعل الإمبريالية الأمريكية على مرّ السنين وخاصة في العقود الأخيرة وأكد الكاتب بأن هذه الحقيقة تغذي الإمبراطورية وتعمل في الوقت نفسه على إفشالها.
وأعرب "فيجل" بأن حكومة أمريكا هي واجهة للاستثمار الجنائي وكان هذا هو الحال دائماً، حتى بعد أن كتب الدستور الأمريكي أولئك الذين أطلق عليهم "جور ويدال"، "رجال الملكية الزاحفة" وفي حين أن الثورة الأمريكية نفسها كانت لحظة فريدة وجديرة بالاهتمام حقاً في تاريخ البشرية، إلا أن النظام الذي خرج منه وصنعه رجال أثرياء، كان يهدف لخدمة الطبقة الغنية التي استطاعت الحصول على أكبر قدر ممكن من الثروة على حساب الجميع.
ولفت الكاتب أنه في حين أن أوروبا استطاعت التعامل بنجاح مع عددِ كثيرِ من الانتكاسات التي حدثت في المجتمعات الأوروبية واستطاعت الظهور على هيئة مجتمعات يسودها التكامل والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون، إلا أن أمريكا سلكت طريقاً آخر ولهذا فلقد ظهرت في شكل مجتمع من الفئران قائم على المادية وعلى موقف "مجرد التفكير في نفسك" وبهذا فلقد أصبحت أمريكا تُدير حفنة من عصابات المافيا والتي ليست أفضل حالاً من صعاليك الشوارع، كمؤسسة وول ستريت وشركات النفط والأدوية ووسائل الإعلام وبعض الشركات الصناعية والعسكرية والبنك المركزي الذي يعمل على غسل الأموال وهي الآن تعمل ببيروقراطية ذات أبعاد سخيفة، تجمع بين دمى المافيا (وكالة المخابرات المركزية والبنتاغون) والفصيل القانوني (الكونغرس).
ويؤكد الكاتب بأن النخبة السياسية في أمريكا ترى بأن الأمريكيين أو أي شخص آخر يجب عليهم العمل كقطيع إنساني ومن الضروري خداعهم واستغلالهم وهذا هو الكابوس الذي تمكّن "ألدوس هكسلي" من رسم جزء منه في روايته "عالم جديد مضحك" وهذه الرواية تعكس حياة الناس الذين أجبروا على العيش في ظروف مماثلة لظروف المعيشة في الجزء الخلفي من المزرعة التي تشوش أصوات وشاشات التلفزيون الهدوء في حظائرها والتي لا علاقة للنظام الحاكم بها ولم يأخذ شيئاً منها سوى القطيع ولفت الكاتب في سياق آخر إلى أن شركات الصناعة العملاقة مثل "هوليوود"، تقوم بتحديد الحياة والأفكار والآراء والغذاء والطب وتعاطي المخدرات والثقافة وسرد الحكايات الخيالية التي يراها الناس بأنها تاريخهم.
وهنا يؤكد "فيجل" بأنه يبدو أن الانهيارات والحروب الأهلية في انتظار أمريكا ولربما، سيصبح العالم في عام 2030، بلا أمريكا وبدلاً من ذلك، قد تظهر عدة بلدان جديدة على خريطة أمريكا الشمالية، ولماذا لا؟، فيمكن لولاية تكساس وكاليفورنيا وفلوريدا وكذلك هاواي اللاتي يملكن اقتصاداً قوياً أن تنفصل عن باقي الولايات وتكون دولاً مستقلة وهنا يرى الكاتب بأنه ينبغي أن تطالب أذكى الحركات الجماهيرية في أمريكا بتفكيك ولاياتها مثل دول المحيط الهادئ ولفت هذا الكاتب بأنه يكره الحديث عن هذا، ولكنه يرى بأن أموال الناس تضيع ويأمل ألّا يتسبب تجزؤ الولايات المتحدة إلى حدوث انقسامات في كندا ويؤكد الكاتب بأن الإمبراطورية الأمريكية تعاني في وقتنا الحاضر من سقوط مستمر وبلا هوادة ولفت إلى أن هذا الأمر جيد للبشرية على المدى البعيد، بما في ذلك للأمريكيين الذين يعتقدون أنهم سيستفيدون في نهاية المطاف من مثل هذا الانهيار الذي سيكون صعباً في بدايته.