الوقت- خرج أبناء محافظة المهرة اليمنية في مظاهرات حاشدة استمرت لعدة أسابيع عقب دخول القوات السعودية عاصمة المحافظة وسيطرتها على عدد من مديريات المحافظة ومرافقها الحيوية وتحكمها بحياة المواطنين المهريين تحت مرأى ومسمع من الرئيس المستقيل "هادي" وحكومته القابعة في الرياض ونظراً لكل هذه الاستفزازات طالب أبناء هذه المحافظة الشرقية المحاذية لسلطنة عمان بخروج جميع القوات المحتلة لمحافظتهم ولقد كشفت هذه المظاهرات بما لا يدع مجالاً للشك الدور الذي يلعبه "هادي" وحكومته في خيانة الشعب اليمني شمالاً وجنوباً وتمكينه للسعودية وحلفائها من احتلال المحافظات اليمنية وبعد أن تأكد للمهريين بأن حكومة "هادي" لا تلقي بالاً لمطالبهم قاموا بمواجهة الوجود السعودي على طريقتهم وقاموا بتنظيم مسيرات احتجاجية واعتصامات حاشدة على مدى الأسابيع الماضية وتكتسب المهرة أهمية بالغة حيث تعدّ ثاني أكبر محافظة يمنية من حيث المساحة بعد حضرموت، ويوجد بها منفذان حدوديان مع عمان هما "صرفيت" و"شحن"، وأطول شريط ساحلي باليمن يقدر طوله بـ 560 كم، وميناء "نشطون" البحري.
وحول هذا السياق أفادت العديد من المصادر الإخبارية المحلية بأن المهريين صعّدوا من مظاهراتهم خلال الأسبوع الماضي، وأحرقوا عدداً من النقاط العسكرية التابعة للقوات السعودية التي كانت متمركزة على سواحل المحافظة وهدد المتظاهرون بأنه في حال عدم خروج القوات التي تعمل على إعاقة حياة السكان المهريين فإنهم سوف يضطرون إلى إخراجها بالقوة ونظراً لكل هذه الاحتجاجات وهذه المظاهرات التي نظّمها أبناء هذه المحافظة الهادئة اضطر الجانب السعودي إلى تقديم وعود بسحب قواته من المهرة والرضوخ لمطالب المتظاهرين الرافضة لهيمنة وسيطرة قوات تتبع المملكة على مواقع سيادية، وتم عقد اتفاق بين شخصيات مهرية وقيادات سعودية، وبناء على هذا الاتفاق، وافق المهريون على تعليق الاعتصام لمدة شهرين ووافق الجانب السعودي على سحب جميع قواته من هذه المحافظة.
ولكن بعض المصادر المحلية في المحافظة أعربت عن أسفها الشديد لعدم وفاء السعودية بوعودها وهذا ليس بالأمر الجديد عليها حيث تؤكد العديد من الأحداث القديمة بأن السعودية لطالما كانت السبّاقة في نكث العهود والمواثيق، ولفتت تلك المصادر المحلية بأن قوات تابعة للسعودية استولت على أحد النقاط الأمنية خارج "الغيضة" عاصمة المحافظة وهذا الأمر استفزّ العديد من أبناء هذه المحافظة الشرقية، ونتيجة لهذا الاستفزاز السعودي رفعت الشخصيات الاجتماعية والقبلية رسالة إلى حكومة "هادي" القابعة في الرياض داعية قوات العدوان السعودي إلى الابتعاد عن مثل هذه الاستفزازات.
يُذكر أن قوة تابعة للعدوان السعودي استولت على نقطة "تنهالن" الواقعة في أرض قبيلة بن كدة وتشرف عليها قوات تابعة لإدارة الأمن بمحافظة المهرة مستخدمة عدداً من المدرعات والآليات العسكرية وبغطاء من طائرات الأباتشي وحول هذا السياق قال رئيس المجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى "عبد الله بن عيسى آل عفرار"، إن استحداث قوات التحالف بقيادة السعودية نقاطاً عسكرية في محافظة المهرة عقب الاتفاق مع المعتصمين أمر مؤسف وغير مقبول ودعا "آل عفرار" القوات السعودية إلى احتواء الموقف قبل توتر الأوضاع مع قبائل المهرة وأضاف إن الاتفاق الذي يقضي بخروج القوات السعودية من المطار والمنافذ البرية والبحرية في المهرة لم يعد خاصاً بالمعتصمين، وإنما وافق عليه مشايخ قبائل المهرة جميعاً، وأعرب قائلاً: "هذا الأمر مؤسف حقيقة، ونتمنى أن يزول"، وأضاف: إن العرف القبلي في المهرة يقتضي أن تتداعى القبائل جميعها بمجرد أن يلحق الضرر ببعضها.
من جهته أكد رئيس اللجنة التنظيمية للاعتصام "عامر سعد كلشات" أن مطالب المعتصمين «صارت مطالب الشعب عامة» مشدداً على ضرورة تنفيذها وفي السياق نفسه قال المحلل السياسي عباس الضالعي: "إن ما تقوم به القوات السعودية حالياً من تصرفات استفزازية هو خرق للاتفاق وانتهاك للسيادة اليمنية وليس له علاقة بمهمة التحالف في اليمن"، وأعرب قائلاً: "في محافظات سقطرى والمهرة وأيضاً في حضرموت لا وجود فيها للجيش واللجان الشعبية أو أنصار الله، فلماذا يا ترى يعزّز التحالف على اليمن قواته ومرتزقته مستفزّاً مشاعر المواطنين فيها؟ يبدو أن المقصود هو استهداف سلطنة عمان وزعزعة استقرارها".
ورجّح العديد من المراقبين عودة الاعتصامات والمظاهرات إلى المهرة في حالة انهيار الاتفاق مع السعودية وبسقف مرتفع انطلاقاً من اعتبار الوجود السعودي احتلالاً عسكرياً يرمي للسيطرة على المرافق الحيوية مثل المطار والميناء وترى الكثير من المصادر المحلية بأن تصرفات القوات السعودية الأخيرة ترجع إلى أن عينها على بحر العرب، ولذلك فإنها تركز على المناطق الشرقية لتحقيق هذه الأطماع الاقتصادية، وفي الوقت ذاته تتصرف الإمارات من منطلق أطماعها في البحر الأحمر ولا سيما جزيرة سقطرى ومضيق باب المندب وخليج عدن.