الوقت- قال المحلل العسكري الإسرائيلي "رون بن يشاي" في مقال له في صحيفة "يديعوت أحرنوت": "إن المعركة بين "إسرائيل" وحماس لم تنته بوقف إطلاق النار، وقد تتجدد في أي لحظة مشيراً إلى احتمالية قيام الجيش الإسرائيلي بإعادة احتلال قطاع غزة في أي جولة عسكرية قادمة مع حماس"، هل حقاً تستطيع "إسرائيل" احتلال قطاع غزة أم تحاول الهروب للأمام بهذا الإعلان علّها تستطيع كبح جماح المقاومة الفلسطينية التي أعلنت استعدادها لجميع السيناريوهات واتخذت من معادلة "القصف بالقصف" مبدأً لها في أي حرب مقبلة وقد رأينا مصداقية هذا المبدأ في الأيام القليلة الماضية التي شهدت عدواناً فاشلاً على القطاع أربك العدو أكثر مما أفاده.
ماذا كشفت المواجهة الأخيرة في غزّة؟!
شهد قطاع غزة عدواناً إسرائيلياّ بدأ منتصف ليل الجمعة 13 يوليو 2018، حيث شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي عشرات الغارات على القطاع المحاصر أسفرت عن استشهاد طفلين وإصابة أكثر من 20 آخرين بجراح متفاوتة وردّت المقاومة على العدوان الإسرائيلي بإطلاق رشقات من صواريخها وقذائفها صوب المستوطنات الإسرائيلية.
لم تكن مراكز القرار السياسي في "إسرائيل" تعيش أفضل أيامها خلال الليالي الماضية حيث أظهر عدوان العدو الإسرائيلي على قطاع غزة فشل المخططات الإسرائيلية في استهداف المقاومة الفلسطينية ورموزها، ونظراً لعجزها في الدخول بأي معركة برية مع القطاع كونها تعلم بأن المقاومة مستعدة للتصعيد إلى أبعد مدى ممكن خاصةً أن أهالي القطاع لم يعد لديهم ما يخسروه بعد الحصار الذي يُمارس عليهم من قبل الصهاينة منذ عدة سنوات والذي يهدد معيشتهم اليومية ومستقبلهم لذلك وجد المواطنون هناك أنه لا بديل لخيار المقاومة، وأثبت الفلسطينيون من أهالي القطاع بأنهم يقفون صفاً واحداً خلف المقاومة وقيادتها، وهذا الأمر ليس بالأمر بالجيد بالنسبة للصهاينة خاصةً أنهم كانوا يعملون خلال الأربع سنوات الماضية على إيجاد شرخ بين المقاومة وجمهورها وحاضنتها الشعبية لتجد "إسرائيل" بعد 4 أعوام رئيس بلدية سديروت "الون دافيدي" يصرّح للإعلام بأن "هذا الأسبوع هو الأسوأ الذي مرّ علينا منذ حرب 2014".
وأضاف دافيدي "إحساسنا من وقف النار إحساس سيء"، وبيّن وفقاً لصحيفة يديعوت أحرنوت "من يقرّر وقف النار أو العودة لها حماس والجهاد وليست "إسرائيل" فأنا أدعو نتنياهو وليبرمان ووزراء الكابينت التوجّه لسديروت ولمغلف غزة ليسمعونا فهذا الأسبوع هو الأسوأ الذي مرّ علينا منذ حرب 2014.
السبب الرئيسي في الوضع المتردي الذي وصل إليه كيان الاحتلال يعود إلى ما أكدته حركة حماس يوم أمس أنه " لا تراجع عن معادلة القصف بالقصف التي فرضتها المقاومة بكل قوة على الاحتلال الإسرائيلي".
الحلول الإسرائيلية
تعمّدت "إسرائيل" استهداف المدنيين خلال الأيام القليلة الماضية لعجزها عن توجيه أي ضربة مباشرة للمقاومين لذلك استهدف الاحتلال أطفال غزة وقتل الطفلين أمير النمرة، ولؤي كحيل من حي الصبرة بغزة، وقد كشفت جولة التصعيد الأخيرة، والتي بدأها الاحتلال فجر أمس السبت بقصف عشرات المواقع والمنشآت الفلسطينية في أنحاء مختلفة من قطاع غزة أن الأطفال باتوا على "بنك الأهداف الإسرائيلية".
هذا في الميدان أما سياسياً فقد حاول رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو امتصاص الفشل الذي وقع فيه مؤخراً جراء سياسته المتهورة وغير المدروسة مع القطاع، ولذلك لم يكن أمامه حيلة سوى التوجّه إلى الإعلام والتسويق لقدرات جيشه ومقدرتهم على التصعيد في أي وقت يريدونه في الوقت الذي لم يستطع إكمال عدوانه على غزة لأكثر من ثلاثة أيام، وقد كانت شروط إنهاء العدوان بيد حركة حماس وليس بيد حكومة نتنياهو ما شكّل ضربة عميقة للجيش الإسرائيلي والحكومة على حد سواء.
وفي صباح اليوم كشفت القناة الثانية العبرية عن مجموعة من الوصايا التي أوصى بها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وزراء الكابينت خلال جولة التصعيد الأخيرة على قطاع غزة، وذكرت القناة أن الوصايا أرسلها نتنياهو عبر الهاتف النقال إلى أعضاء الكابينت السبت حول كيفية التعامل الإعلامي مع التصعيد على غزة، وقالت القناة إن هدف هذه الوصايا هو تركيز الحديث مع وسائل الإعلام على تضخيم الضربات الإسرائيلية بقطاع غزة والقول بأنها الأقسى منذ الحرب الأخيرة مع تفصيل للأهداف النوعية التي جرى استهدافها، وجاء في التعليمات ضرورة التركيز على استعداد الجيش لعدة سيناريوهات، وأن قوة الرد ستزيد مع الوقت طالما اقتضت الحاجة، وأن حركة حماس هي المسؤولة عن كل ما يصدر من عمليات من قطاع غزة.
وتضمنت الرسائل أيضاً الحديث عن أن ما تقوم به حماس هو انتهاك صارخ للسيادة الإسرائيلية، وتعريض حياة المواطنين الإسرائيليين للخطر بالإضافة لجنود الجيش، وأن السياسة الإسرائيلية واضحة وهي أن يدفع الثمن باهظاً من يحاول المس بالأمن الإسرائيلي.
في مقابل ذلك هاجم أعضاء من أحزاب المعارضة الإسرائيلية، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بدعوى تخاذله أمام حركة حماس في قطاع غزة.
اليوم المقاومة الفلسطينية أقوى من أي وقت مضى وهي صاحبة الحق، وبإمكانها إرباك العدو في أي معركة مقبلة، وعليه لم يعد هناك قلق على مستقبل القطاع طالما أن هناك مقاومة منظمة تحميه وتستبسل للدفاع عنه، وما جرى مؤخراً خير دليل على ما نقول.